بعيدا عن أعين وسائل الإعلام، تجري الإدارة الأمريكية مشاورات ولقاءات مكوكية مع الأطراف "العربية والدولية والإسرائيلية"، لصياغة بنود خطة جديدة، تركز على إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الدامية، والتي تقترب من عامها الثالث على التوالي، ورغم أن معالم غزة ومصيرها بعد انتهاء الحرب لم تتضح والغموض سيد الموقف بهذا الملف الشائك، فإن الأطراف الخارجية تعكف على التوصل لمبادرة يمكن أن تسهم بإدارة القطاع.
وهذا التحرك الخفي كشف تفاصيله موقع "اكسيوس" الأمريكي، حين أكد أن وزير الخارجية الأمريكي يدرس تقديم خطة "ما بعد الحرب في غزة"، والتي تعتمد على أفكار طورتها إسرائيل، ويشير التقرير إلى أن العديد من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية في واشنطن يشعرون بالقلق من أن الخطة قد تؤدي إلى تهميش الرئيس الفلسطيني "محمود عباس وحكومته"، وهو ما تدفع إسرائيل نحوه في الأمد القريب.
ويلفت "أكسيوس" إلى انه مع عدم وجود اتفاق في الأفق لإطلاق سراح الأسرى لدى "حماس"، وتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، فإن تقديم خطة "اليوم التالي" يمكن أن يكون جزءا إيجابيا محتملا.. وقد تضمن التقرير آراء 12 مسؤولا أمريكيا وإسرائيليا وفلسطينيا، حيث أشار الأمريكيون إلى أن البعض في وزارة الخارجية يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار لا يبدو ممكنا، وبالتالي فان الخطة الإسرائيلية هي "خطة بديلة محتملة" يمكن أن تبدأ في رسم مسار للخروج من الحرب، لكن مسؤولين آخرين داخل الخارجية الأمريكية يقولون إن هذه الفكرة غير حكيمة ولا تخدم إلا مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، ومن المؤكد أن الفلسطينيين سوف يرفضونها وسوف تفشل.
ويقول المسئولون الإسرائيليون إن نتنياهو أُعجب بالعديد من أجزاء الخطة، لكنه يعارض الجوانب الأكثر سياسية، خاصة مشاركة السلطة الفلسطينية في غزة ورؤية حل الدولتين. ويكشف موقع "اكسيوس" أن هناك فجوة تتعلق بفكرة جديدة، مفادها أن الخطة تشمل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، كلفته للفلسطينيين وطريقه لإظهار أن الولايات المتحدة تستمر في الخطة وتقود العملية. وفيما يقول المسؤلون الأمريكيون إن الإسرائيليين يعارضون هذه الفكرة بشده، فإنهم لا يزالون يعارضون أى ذكر لحل الدولتين.. وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون وفق "الموقع" إن الجالسين في تل أبيب لن يفكروا في أي دور محتمل للسلطة الفلسطينية الا على المدى الطويل.
بينما قال مسؤولان في وزارة الخارجية الأمريكية لـ"أكسيوس" إنه إذا قدم وزير الخارجية خطة، فإنها ستتضمن أفكار إسرائيل بالإضافة إلى أفكار الولايات المتحدة، بهدف الحصول على إجماع أوسع في المنطقة على الخطة، ونقل "الموقع" عن مسؤول في الخارجية الأمريكية لن ندعم خطة "اليوم التالي" دون أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في غزة، أما خلف الكواليس ووفقا لمسؤولين أمريكيين فقد أصبحت الخطة قضية مثيرة للجدل داخل وزارة الخارجية في واشنطن وبين مستشاري وزيرها وكبار الدبلوماسيين.. وقال مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية لـ"اكسيوس" إن السلطة تشك بشدة في الخطة الإسرائيلية، ولا يُعتقد أن تحصل على دعم في المنطقة، وأكد أن "اللعب بحكومة غزة؛ أمر خطير للغاية، وأي خطأ قد يقتل المشروع الوطنى الفلسطيني".
ويبقى التساؤل: لماذا تريد أمريكا تهميش دور "عباس" في غزة؟ وهل ستقبل الدول العربية و"حماس" بالخطة.. أم هي فخ جديد؟.
(الأهرام المصرية)