صحافة

"المشهد اليوم"...هدنة "انسانية" في غزة و"غموض" بشأن بدائل المفاوضاتاسرائيل تقتحم سفينة "حنظلة" وتركيا تكشف عن تحركات "لتقسيم سوريا" بعد أحداث السويداء


فلسطينيون يحملون أكياس الطحين التي توفرت عقب وصول قافلة مساعدات إنسانية إلى مدينة غزة (أ.ب)

فشلت مفاوضات الدوحة بين اسرائيل وحركة "حماس" او تم افشالها الا إنه لم يتبق منها سوى محاولات حثيثة يقوم بها الوسطاء العرب، أي قطر ومصر، من أجل اعادة إحيائها فيما يبدو أن تل أبيب وواشنطن باتتا "تغردان خارج السرب" بعد تصريحاتهما التصعيدية والتي لا تبشر بالخير بل تحمل بطياتها المزيد من الخوف حول "اليوم التالي" للقطاع ومستقبل الفلسطينيين خصوصًا ان اسرائيل تدفع نحو تهجيرهما بشتى الطرق والوسائل الممكنة وترفض ان يكون للحركة كما للسلطة الفلسطينية اي يد في ما بعد انتهاء الحرب.

وقد سلبت هذه الحرب اهالي القطاع كل ممتلكاتهم وارزاقهم وحتى فلذات كبدهم ولم تترك لهم سوى الندوب واثار الضربات العسكرية والكثير من الخيبات من الدول والمنظمات الدولية التي لم تستطع حمايتهم من القصف ولم تقيهم مرارة الجوع والعطش. فالقطاع يمر بشكل متعمد بمرحلة متقدمة جدًا من سوء التغذية والامراض الفتاكة وسط تحذيرات اممية بأن المجاعة باتت وشيكة رغم ان المشاهد المتداولة وارقام الذين يتساقطون يوميًا تؤكد ان القطاع في خضم هذه المجاعة وليس على ابوابها وهذا ما دفع العديد من الدول الاوروبية والعربية الى توجيه انذارات لاسرائيل بضرورة ادخال المساعدات الانسانية وتوفير ممرات آمنة لذلك.

وتحت الضغط الدولي رضخ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وقرر، بحسب وزارة الخارجية، الاعلان بشكل مفاجىء عن "هدن إنسانية" في المناطق ذات الكثافة السكنية للسماح بتوزيع المساعدات في القطاع وذلك اعتبارًا من صباح اليوم،الأحد. في وقت أعلن الجيش عن اسقاط معونات غذائية شملت 7 حمولات تحتوي على الدقيق والسكر وأغذية معلبة وفرتها منظمات دولية، موضحًا أنه حدد ممرات آمنة لقوافل الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة التي سيقع على عاتقها عملية التوزيع. وهذه الخطوة تزامنت مع ارتفاع حدة الجوع وندرة المواد الغذائية في الاسواق وارتفاع أسعارها بشكل مخيف ناهيك عن سقوط المزيد من الضحايا، خاصة لدى الاطفال والفئات المستضعفة، بسبب قلة الطعام ما يُسبب لهم الهزال والاعياء الشديد.

من جهته، أكد المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني أن "إسقاط المساعدات على غزة عبر الجو مجرد تشتيت للانتباه ودخان للتغطية على حقيقة الكارثة الإنسانية، ولن يؤدي إلى وقف المجاعة"، محذرا من "أنه قد يودي بحياة المدنيين الجائعين". وعلى مدار اكثر من اربعة أشهر، تحرم اسرائيل القطاع من كل مستلزمات الحياة الطبيعية وتفرض حصارًا قاتلًا بحجة منع استيلاء "حماس" على المساعدات وهو ما نفاه تحليل داخلي أجرته الحكومة الأميركية والذي خلص الى أنه "لا دليل على قيام الحركة بسرقة ممهنجة للإمدادات الانسانية". وهذا الاستنتاج يُكذب الروايات الاميركية والاسرائيلية والتي على اساسها أنشئت "مؤسسة غزة الانسانية"، الوجه الاخر "المُقنع" لتهجير الفلسطينيين وقتلهم بذرائع وهمية بعدما استشهد ما يقارب الف فلسطيني بالقرب من مراكز التوزيع التي تعج بطوابير المجوعين الباحثين عن لقمة تسد رمقهم.

تزامنًا، لا تتوقف آلة الحرب الاسرائيلية عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين الذين حشروا بمساحة ضيقة جدًا لا تتجاوز الـ12% من عموم مساحة القطاع بعدما بات الاحتلال يسيطر على ما تبقى ميدانيًا ويقوم بانشاء محاور لفرض واقعًا عسكريًا جديدًا لن يصب طبعًا في مصلحة الفلسطينيين بل سيُعقد أسلوب حياتهم ويفرض عليهم المزيد من القيود والعزلة. وفي هذا الاطار، تحدث رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير عما أسماه وجود خيارين فقط؛ إمَّا أن يتلقى أمرًا باحتلال القطاع بالكامل، على حساب حياة الرهائن، أو أن يستمرَّ الوضع على ما هو عليه الآن من عمليات وضربات، على أمل أن ينجح ذلك في الضغط على "حماس". اما واشنطن فموقفها كان اكثر حدة، حيث ذكر موقع "أكسيوس" أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تدرس تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع ملف غزة وتقديم خيارات جديدة بعد فشل جولات المفاوضات الاخيرة.

ولا يزال من غير المعروف ما هي "البدائل" التي سيتم اتباعها خصوصًا ان كل من واشنطن وتل أبيب تحمّلان "حماس" وحدها مسؤولية عرقلة مباحثات الهدنة عبر الشروط التي بقيت متمسكة بها ومنها ما يتعلق بتوزيع المساعدات والانسحاب الاسرائيلي وأعداد الاسرى المنوي الافراج عنهم في صفقة التبادل. و"تعنت" الحركة و"أنانيتها" بحسب المسؤولين الاميركيين قابلته قيادة "حماس" بالاستهجان والاستغراب من السقف العالي من التصريحات بينما كانت الامور على الارض تشي بتطورات ايجابية. في غضون ذلك، تظاهر آلاف الإسرائيليين، ليل السبت - الأحد وسط اسرائيل للمطالبة بإعادة الأسرى الإسرائيليين، حتى لو كان ذلك على حساب وقف الحرب المستمرة منذ 22 شهرًا.

وإلى جانب كل هذه التطورات في القطاع، اقتحمت قوات إسرائيلية السفينة "حنظلة" المتجهة الى غزة لكسر الحصار الإسرائيلي بمشاركة 21 ناشطًا دوليًا من جنسيات متعددة. وجاء الاقتحام في المياه الدولية وذلك بعد سلسلة من التهديدات لطاقم السفينة الذي قرر مواجهة كل السيناريوهات المحتملة والمضي قدمًا. وقد لاقى هذا التصرف العديد من ردود الفعل الفلسطينية المستنكرة والمنددة بما جرى حيث وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة العملية بأنها "جريمة قرصنة بحرية جديدة"، محملًا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن سلامة المشاركين، وطالب المجتمع الدولي والامم المتحدة بموقف عاجل وحازم ضد العدوان الاسرائيلي. وهذه ليست المرة الاولى التي تمنع فيها اسرائيل وصول السفن لكسر الحصار فقد سبقها العديد من المحاولات الفاشلة.

الاوضاع في غزة وسوريا تعتبر في صلب المحادثات الدولية التي تجري على اكثر من جهة، حيث برز الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره أحمد الشرع ودعا فيه الى إطلاق حوار سوري شامل يضمن وحدة البلاد ويكفل حقوق جميع المواطنين. واذ اثنى على وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، شدد على أن حماية المدنيين في سوريا تمثل أولوية "لا يمكن التنازل عنها". كما أكد ماكرون استعداد بلاده لدعم الجهود الرامية لاستقرار الحدود السورية اللبنانية، في إطار تعاون إقليمي يهدف إلى تعزيز الأمن ومنع تمدّد التوترات. ويأتي هذا الاتصال بعد يومين على اللقاء السوري - الاسرائيلي الرفيع المستوى والذي عُقد في باريس برعاية من واشنطن عبر مبعوثها توم برّاك.

وفي سياق متصل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مواصلة العمل لحماية الدروز في سوريا، وذلك خلال زيارته لمنزل زعيم الطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، موضحًا أن مساعدات طبية وإنسانية عاجلة إضافية في طريقها إلى سكان جبل الدروز. وتستغل تل أبيب ورقة "الاقليات" من اجل الضغط على ادارة الشرع لتقديم المزيد من التنازلات والتوصل الى اتفاقيات امنية بين البلدين تضمن لها الاحتفاظ بهضبة الجولان المحتلة  ومنع اي تهديد مستقبلي لها. بدوره، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده حذرت من أنها ستتدخل لمنع تقسيم سوريا بعد رصدها استغلال مجموعات ما جرى في السويداء، قائلا: "وجب علينا إطلاق تحذير وفعلنا، لأننا نريد وحدة سوريا وسلامتها".

ويؤثر ما يجري في سوريا على الواقع اللبناني الشديد الحساسية خاصة ان ملفات مهمة يتم العمل عليها واهمها التجديد لقوات "اليونفيل" في شهر آب/ أغسطس المقبل والتي تشترط الولايات المتحدة وإسرائيل تعديلات على مهمتها، في وقت تخوض البلاد معركة سياسية حامية الوطيس حول الورقة الاميركية الضاغطة من اجل نزع سلاح "حزب الله" وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية وتطبيق الاصلاحات المالية والاقتصادية. وحتى اللحظة يفشل لبنان في ايجاد حلول منطقية وعملية لهذين البندين الرئيسيين خاصة ان"حزب الله" نفسه ماضٍ بتصريحاته التصعيدية التي لا تتلاءم مع امكانية جر لبنان لحرب جديدة. ويأتي هذا الجدال المحتدم، في وقت تواصل القوات الاسرائيلية انتهاكاتها وقد سُجل أمس مقتل 3 أشخاص في غارتين منفصلتين على بلدتي دبعال والصويري في قضاء صور جنوبي لبنان، وفق ما ذكرت "وكالة الأنباء الوطنية للإعلام".

وهنا ابرز ما تم تداوله في عناوين ومقالات الصحف العربية الصادرة اليوم:

رأت صحيفة "الراية" القطرية أنه "دائمًا ما يخشى الاحتلال الإسرائيلي الدول القومية القوية، ولهذا يسعى جاهدًا لإضعاف محيطه، ويظهر هذا التصور الأمني للكيان بوضوح في رؤيته لسوريا، وهو لا ولن يفضل أبدًا وجود سوريا قوية ذات سيادة ووحدة أراضٍ وقوة عسكرية حقيقية". وقالت "هذا الزحف نحو السويداء الناتج عن التجاوزات الإسرائيلية، قد لا يحتاج إلا إلى تغيير بسيط في الاتجاه كي يتحول من السويداء إلى القدس وغزة. فقد أرادت إسرائيل فتح ممر "داوود" من السويداء إلى شرق الفرات وشمال سوريا، متذرعة بحماية الدروز، ولكن يبدو أن المعطيات تغيرت الآن، وأضحى احتمال أن يفتح الزحف إلى السويداء ممرًا من هناك إلى القدس".

من جهتها، اشارت صحيفة "عكاظ" السعودية الى أن "واشنطن وقفت ضد المبادرة الفرنسية منذ بدايتها، وهددت تصريحًا وتلميحًا الدول التي ستشارك بالاعتراف بدولة فلسطين، ولهذا يمكننا القول إن القضية الفلسطينية ودولة فلسطين تقف بين فسطاطين؛ إسرائيل وأمريكا من جهة، وبقية دول العالم من جهة، طرف يسعى لتحقيقها، وطرف يعمل على إجهاضها". وخلصت الى أن "أمريكا تتحدث عن حل الدولتين في سياقات دبلوماسية محددة عندما يكون ذلك مفيدوا لها في بعض المواقف، لكنها عمليًا تضع ثقلها لتعطيل هذا الحل المنتظر منذ عقود".

صحيفة "الوطن" العُمانية لفتت الى أن "إعلان فرنسا عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين كحجرٍ يُلقى في المياه الرَّاكدة، فنحن ندرك أن الاعتراف ـ رغم ضروريته ـ لن يغيّر شيئًا على الأرض؛ ذلك أنَّ حرب الإبادة مستمرة"، مؤكدة أن "فرنسا لم تتّخذ هذا الموقف بدافع الشفقة، ولا من باب الالتزام الأخلاقي، إنَّما لأنها تدرك أن الرأي العام لم يعد يحتمل خِطاب المراوغة، وهذا الاعتراف ـ رغم تأخُّره ـ يربك حلفاء الاحتلال، ويفتح الباب أمام دول أخرى كانت تنتظر من يتجرأ أوَّلًا، فلا أحد يتوقع أنْ يتراجع الاحتلال بسبب بيان، لكن قوة اعتراف تكمن في أنع يُعيد النقاش إلى أصلِه، وهناك أن شعبًا يُحرم من دولته، والعالم لم يعد يملك مبررًا مقنعًا للصمت".

وكتبت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "إيران ستظل دولة غموض نووي في الحد الأدنى، لأنها تمتلك كل مقومات إنتاج القنابل النووية، لهذا دخلت دول الاتحاد الأوروبي في مباحثات مع إيران للعودة إلى المفاوضات، وقدمت إيران مطالب بتعويضات وضمانات بعدم الاعتداء ورفع العقوبات، وهي مطالب لا يمكن أن تقبل بها الولايات المتحدة وإسرائيل"، معتبرة أننا "أمام حرب مفتوحة وطويلة، وأن قدرات الغرب ودرته إسرائيل تتآكل رغم الشراسة المتزايدة، التي تؤكد أن المأزق بلغ ذروته، وأن تحولات جديدة في موازين القوى باتت وشيكة".

في إطار مختلف، جزمت صحيفة "الصباح" العراقية أن "جماعات السلاح المنفلت صارت عبئًا ثقيلًا يهدد الامن والاستقرار في العراق، ويحول دون قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها، كما تحرجها أمام الرأي العام المحلي والدولي، بل وتلحق أضرارًا بالقدرات العسكرية للدولة، وجعلت الحكومة في موضع المدافع والمتهم عندما هددت باستهداف مصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية"، مضيفة "البيئة غير المستقرة أمنيا بيئة غير مناسبة للتنمية والتطور الاقتصادي الناجح، وتبدو دلائل هذا الامر في احجام الكثير من المستثمرين الأجانب عن العمل في العراق، واضطرار بعضهم إلى التخلي عن استثماره أو إيقافه بين فينة وأخرى".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن