صحافة

"المشهد اليوم"...صور الأسرى تهز اسرائيل ونتنياهو يناشد الصليب الأحمرالهدوء يعود الى السويداء تدريجيًا وجلسة وزارية مصيرية غدًا بشأن سلاح "حزب الله"

من التظاهرة الحاشدة على جسر ميناء سيدني الشهير دعمًا للفلسطينيين ورفضًا للتجويع (رويترز)

بالتزامن مع زيارة المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف الى قطاع غزة واعلانه عدم وجود مجاعة، خرجت "كتائب القسام" بفيديو أظهرت فيه أسير إسرائيلي شديد الهزالة والضعف ويقوم بحفر قبره بيده ما اثار موجة غضب واستنكار عارمة في شوارع تل أبيب، التي تحولت الى ما يُشبه مسيرات مساءلة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ودعوة واضحة الى انهاء الحرب وابرام صفقة فورًا لاستعادة جميع الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس" بعدما تم اتهامه علنية بالتضحية والتخلي عن الأسرى.

الا ان نتنياهو المُصمم على احتلال قطاع غزة بالكامل والقضاء على "حماس" بشكل جذري فسارع الى محاولة "امتصاص" السخط الشعبي بالطلب من رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة جوليان ليريسون بالتدخل الفوري لتوفير الطعام والرعاية الطبية للأسرى الإسرائيليين، منددًا بما وصفها "كذبة "حماس" عن التجويع والتي يتم ترويجها في جميع أنحاء العالم لكن الحقيقة هي أن التجويع الممنهج يُمارس ضد الأسرى الإسرائيليين". ويُعتبر هذا القفز فوق الحقائق اسلوب يكرسه نتنياهو منذ اليوم الاول للحرب على القطاع من اجل تبرير استمرار العملية العسكرية بل وتوسيعها ضمن مخطط يهدف في نهاية المطاف الى تهجير الفلسطينيين سواء في غزة او الضفة الغربية المحتلة.

وما يمنح نتنياهو هذه الفرصة هو الضوء الاخضر الاميركي الذي يتبنى السردية الاسرائيلية بحذافيرها متغاضيًا عن كل الجرائم التي تُرتكب، بل وتوفير الذرائع المناسبة لها واستهداف كل من ينتقد الابادة الحاصلة في غزة. وعلى وقع هذه التطورات، اشترطت "كتائب القسام" فتح إسرائيل الممرات الإنسانية بشكل دائم وإيقاف الطلعات الجوية أثناء تسليم المساعدات للفلسطينيين مقابل ادخال الدواء والغذاء للأسرى الاسرائيليين على قاعدة " لن يحصل رهائنكم على امتياز خاص في ظل جريمة التجويع والحصار"، بحسب ما أعلن الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة. هذا وتستمر معاناة الغزاويين وتتصدّر صور الاطفال وكبار السن الجوعى المشهد العام في ظل مواصلة استهداف الطوابير امام مراكز توزيع المعونات الغذائية التابعة لـ"مؤسسة غزة الانسانية"، والتي تحولت الى مشهد يومي بظل محاولة الاهالي البائسة للحصول على ما يسد رمقهم بعد اشهر طويلة من الحصار المُطبق.

وعلى الرغم من ترويج تل أبيب بإدخال المساعدات برًا او جوًا عبر الإنزالات التي تنفذها بعض الدول، الا ان ذلك لا يكفي احتياجات مليوني فلسطيني فقدوا كل مصدر دخل ورزق وكل ممتلكاتهم في اطار الحرب التي لا يبدو ان هناك افاقًا لايجاد حلول لها وسط استمرار تقاذف التهم بين اسرائيل وحركة "حماس". ويبدو، بحسب كل المعطيات، ان الاسبوع الحالي حاسمًا في مسار هذه الحرب فإما اتفاق شامل كما تروج له واشنطن وإما قتال دون توقف وهو ما يثير نزاعًا بين المستويين السياسي والعسكري في تل ابيب بسبب اختلاف الرؤى، اذ حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير من أن "أي عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة قد تُعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر"، بحسب ما نقلته عدة وسائل اعلام اسرائيلية.

في المقابل، تتصاعد المواقف الدولية والغربية الرافضة لسياسات اسرائيل والدعوة الى رفع الحصار وادانة استخدام التجويع كسلاح حرب وتتكثف التظاهرات التي تلف جميع انحاء العالم دعمًا للفلسطينيين وقضيتهم العادلة وابرزها في مدينة سيدني الاسترالية حيث نظم ما يقارب 90 الف متظاهر وقفة تضامنية حاشدة مع غزة اثارت امتعاض الاسرائيليين حيث هاجمها كل من وزير الخارجية جدعون ساعر وزعيم المعارضة يائير لبيد فيما تعهدت الحكومة بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للنساء والأطفال في محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي يدين التواطؤ الغربي وعجز المجتمع الدولي عن التحرك لوقف حمام الدم الدائر منذ ما يقارب العامين. هذا وتتزايد عزلة اسرائيل الدولية ويتراجع الدعم لها في الأوساط السياسية والشعبية على حدّ سواء، الا ان ذلك لا يثني نتنياهو وأعضاء حكومته من اليمين المتطرف عن مخططاتهم في توسيع العملية العسكرية في غزة واطالة أمدها الى ما لا نهاية وتسريع الاستيطان.

تزامنًا، اقتحم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بمشاركة مئات من المستوطنين المسجد الأقصى، يوم الأحد، وقاد صلاة علنية هناك بتواطؤ مع القوات الاسرائيلية، داعيًا الى "احتلال قطاع غزة كله، وإعلان السيادة على كامل القطاع، وطرد جميع أعضاء "حماس"، وتشجيع الهجرة الطوعية. بهذه الطريقة فقط سنعيد الرهائن وننتصر في الحرب"، بحسب قوله. وتتعاظم الاساليب الاستفزازية الاسرائيلية فيما يتخوف الفلسطينيون من أن يتم تقسيم الأقصى اسوة بما حصل بالمسجد الإبراهيمي في الخليل، لاسيما ان تل ابيب تمضي قدمًا بمشاريعها ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية. يُذكر ان الوضع المأساوي في غزة لا يقل صعوبة عن مأساة الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث أشار تقرير فلسطيني صدر مؤخرًا الى أن إسرائيل اعتقلت نحو 18 ألفا و500 فلسطيني في الضفة منذ بدء الحرب على القطاع في 7 تشرين الاول/ أكتوبر 2023.

في المشهد السوري، شهدت الساعات الماضية تطورات خطيرة تؤكد أن الامور لا تزال خارج السيطرة وذلك على خلفية خرق اتفاق وقف إطلاق النار وتجدّد الاشتباكات في محافظة السويداء ما أدى الى مصرع افراد من القوات الحكومية السورية وجرح آخرين، وفق الاعلام الرسمي. ولان "الجمر لا يزال تحت الرماد" تحاول بعض "الجهات" توظيف ما يجري لاثارة الفوضى والفتنة فيما تدأب الحكومة على اعادة الاستقرار وفرض سيادتها حيث أفادت الإخبارية السورية نقلًا عن مصدر أمني أن قوات الأمن استعادت السيطرة على النقاط التي تقدمت إليها من وصفها بـ"العصابات" بريف السويداء، معلنًا عن استعادت السيطرة على موقع تل الحديد الاستراتيجي وريمة حازم وولغا بعد ساعات من سيطرة فصائل مسلحة درزية تدين بالولاء للزعيم الروحي للدروز حكمت الهجري عليها. ويترافق ذلك مع حدث امني آخر اثر اعلان وزارة الدفاع السورية عن التصدي لهجوم من قوات "قسد" على إحدى نقاط انتشار الجيش بريف منبج شمال شرق محافظة حلب.

بدورها، تستفيد اسرائيل مما يجري وتوظفه لصالحها مع استمرار توغلاتها وشنّ حملات مداهمة في القرى السورية الحدودية، رافقها تحليق للطيران في أجواء الجنوب السوري. وأعلن الجيش الإسرائيلي مداهمة أربعة اهداف بشكل متزامن ومصادرة وسائل قتالية، مدعيًا أن قواته تنتشر في الميدان لمنع تموضع عناصر "إرهابية". يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن زيارته عدد من المواقع في جنوب سوريا ضمن المنطقة العازلة التي احتلتها إسرائيل بعد سقوط النظام السوري السابق. يُشار الى ان هذه الاعتداءات تأتي في وقت تجري فيه ادارة الرئيس أحمد الشرع محادثات مع الجانب الاسرائيلي وآخرها في العاصمة الأذربيجانية، باكو الاسبوع الماضي.

لبنانيًا، يتصدّر بند "حصريّة السلاح بيد الدولة" جدول أعمال الجلسة الوزارية المرتقبة غدًا، الثلاثاء، في ظل انقسام سياسي حاد، لاسيما انها المرة الاولى التي يتم فيها علنًا طرح مسألة سلاح "حزب الله" تمهيدًا لسحبه. في وقت تتوزع المواقف بين مؤيد لهذه الخطوة وضرورتها لحماية لبنان بعد تزايد الضغوط الدولية عليه والمخاوف من حرب جديدة، وبين معترض ورافض لسياسات استهداف "المقاومة". وبين هذين الموقفين، تُجرى اتصالات مكثفة بعيدة عن الاضواء داخليًا وخارجيًا بهدف التوصل الى موقف موحد وبما يحافظ على وحدة الحكومة والاستقرار الداخلي ويمنع أي خضات أمنية. ويتزامن هذا السجال مع احياء لبنان اليوم الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت دون تقديم المسؤولين والجناة الى العدالة ووسط تخبط قضائي وقانوني يمنع عائلات الشهداء من الانتصار لحق اولادهم في جريمة مروعة هزت لبنان بأكمله ولا تزال تداعياتها وخسائرها حاضرة الى يومنا هذا.

وفي طهران، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطوات هيكلية غير مسبوقة في المنظومة الأمنية، شملت تأسيس "مجلس دفاع" بمهام إستراتيجية، وعودة علي لاريجاني إلى موقعه كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي، في خطوة وصفها البعض على انها تأتي استباقًا لجولة جديدة من التصعيد مع اسرائيل. وذكرت وكالة "تسنيم" التابعة لـ"الحرس الثوري" أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سيترأس اللجنة، على أن يتولى الأمين العام الحالي لمجلس الأمن القومي، علي أكبر أحمديان، "مهام استراتيجية في مجال سياسات الدفاع الوطني". ومنذ حرب الـ12 يومًا وما نتج عنها من تداعيات، تحاول طهران اعتماد سياسات جديدة بعد تقييم نتائج الحرب الاسرائيلية الاميركية التي شنت على مواقعها النووية.

أما في الشأن الدولي، فقد أكد الرئيس ترامب أن مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، سيزور روسيا الأسبوع المقبل، مع اقتراب انتهاء المهلة التي تم تحديدها لموسكو للقبول بوقف لإطلاق النار في أوكرانيا. وتضغط واشنطن على روسيا من اجل انهاء الحرب الاوكرانية وذلك بعد فشل كل المباحثات السابقة ووصولها الى حائط مسدود. وما يحصل يزيد حدة الخلاف بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ويُعقد هذا الملف الذي توليه الولايات المتحدة اهمية قصوى. يُشار الى أن ترامب سبق وأمر بتوجيه غواصتين نوويتين بالقرب من روسيا فيما سماه "مناطق مناسبة" رداً على تصريحات الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف والتي وصفها بالاستفزازية".

وهنا جولة على اهم ما تناولته الصحف العربية الصادرة اليوم:

أوضحت صحيفة "الوطن" القطرية على أنه "بعد عقود على اتفاقيات جنيف تتكرر المأساة، ويصبح المدنيون هدفًا للقتل والتجويع والتهجير، وعبارة "حتى الحروب لها قواعد"، لم يعد لها أي معنى في ظل عجز المجتمع الدولي عن توفير أدنى قدر من الحماية للفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب، وهو عجز لا يمكن تبريره أو قبوله على الإطلاق"، مشيرة الى أن قائمة الاتهامات الموجهة لإسرائيل تشمل تجويع المدنيين في غزة، والإخفاق في حمايتهم أثناء العمليات العسكرية فضلًا عن التدمير العشوائي لمدن بأكملها، وانتهاك المقدسات بصورة غير مسبوقة، وآخر اقتحام المسجد الأقصى، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، في خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستفزاز غير مقبول وتصعيد مدان جملة وتفصيلا.

وشدّدت صحيفة "عكاظ" السعودية على "حتمية وضرورة العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناءً على التطبيق الفعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة". وقالت "تمظهرت لواحظ النّجاح لمؤتمر الامم المتحدة في توالي المبادرات المبشّرة من دول العالم كافة، وبخاصة الأوروبية منها، وكندا ومالطا والتى أشادت بالخطوات الإيجابية للمملكة العربية السعودية مؤكدة توافق المجتمع الدولي على ضرورة إنهاء معاناة شعب فلسطين، مجدّدة الدعوة لبقية الدول لاتخاذ مثل هذه الخطوات الجادة الداعية للسلام".

وتحت عنوان "هل يعبر لبنان الهوة غدًا ام يسقط في الهاوية"، كتبت صحيفة "الراي" الكويتية "ولأن البلاد برمّتها تقف على كفّ ما سيكون في "ثلاثاء السلاح"، تتكثف اتصالات ربع الساعة الأخير لتوفير ما أمكن من تقاطعاتٍ علّها تنجح في جَعْلِ الجلسة الوزارية المرتقبة توفّر "باب طوارئ" للخروج من زاوية حُشر فيها الجميع"، لافتة الى أن التحذيرات التي وصلت بيروت تؤكد أن "ما بعد 5 أغسطس قد لا يكون كما قبلع على صعيد التعاطي الخارجي مع لبنان - الدولة، بدءًا من الموضوع الاقتصادي والمالي وربما السفر إليه، بالتوازي مع خشية من دعوات من قريبين من "حزب الله" لتحركات شعبية رفْضاً لـ "إعدام المقاومة" و"انتبهوا في احتلال"، وإن تنصّل منها الحزب"، بحسب تعبيرها.

الموضوع عينه تناولته صحيفة "اللواء" اللبنانية التي رأت أن "موافقة مجلس الوزراء على قرار حصر السلاح بيد الدولة وحدها، معناه دخول لبنان في مرحلة جديدة، بمعزل عن هيمنة سلاح الحزب، وتحكمه بالاستحقاقات الاساسية، واستقوائه على معارضيه السياسيين وغيرهم، والاهم استعادة قرار الحرب والسلم للدولة اللبنانية حصرًا، من يد الحزب وراعيته ايران"، مستنتجة بأنه بهذا "القرار المهم تسقط ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، التي تلطى الحزب وراءها لسنوات ، ليتهرب من عملية تسليم سلاحه للدولة، ويوجهه الى كل من يعترض او يرفض بقاء السلاح معه، ويمعن في الاستقواء به في الداخل، وفي الهيمنة به على القرارت السياسية والامنية والاقتصادية".

في سياق مختلف، اشارت صحيفة "الغد" الأردنية أن "المفاوضات الجارية بين الحكومة السورية وإسرائيل حول الترتيبات الأمنية في الجنوب السوري، تمس بشكل مباشر المصالح الأمنية الأردنية. حدودنا الشمالية مع سورية، شكلت في السنوات الأخيرة، أحد اخطر مصادر التهديد الأمني"، مؤكدة، بعد سرد كل التفاصيل والمعطيات، أن "الحديث عن اتفاقية أمنية بين إسرائيل وسورية، حول الجنوب السوري، يجري العمل على صياغتها، يتطلب تنسيقا سوريا مع الأردن، يضمن أن لا تكون أي تفاهمات على حساب أمن حدودنا، ومصالحنا هناك"، وفقًا لرؤيتها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن