صحافة

"المشهد اليوم"…نتنياهو يسعى لاحتلال غزة ومؤشرات المجاعة تشتدّسلاح "حزب الله" على طاولة البحث وسط انقسام عامودي وايران تجدّد نيتها محاسبة واشنطن

فلسطينيون يحاولون الحصول على مساعدات من شاحنة دخلت منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

رغم الضغط الداخلي الذي يتعرض له رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورفض عائلات الاسرى المحتجزين لدى "حماس" اي خطوة مُعرقلة ومطالبتهم بإبرام صفقة فورًا ووقف الحرب التي لم تحقق اهدافها رغم الدمار الهائل والقتل الوحشي والتجويع المُمنهج على مدار ما يُقارب العامين، الا ان الاخير مصممٌ على المضي قدمًا بمخططاته وطموحاته باحتلال قطاع غزة بالكامل واضعًا حياة أسراه في المرتبة الاخيرة من الاهتمام والأولوية، وهو ما كان جليًا من خلال سير المعارك والانقضاض على الهدنة السابقة واطلاق عملية "عربات جدعون".

ويستغل نتنياهو اليوم صور الأسيرين الاسرائيليين،  التي بثتها حركتا "حماس" و"الجهاد"، من اجل تلميع صورة تل أبيب التي تشاهد يوميًا عشرات التظاهرات المندّدة بسياساتها حول العالم والمواقف الدولية الرافضة لوحشيتيها واجرامها، مما يعكس تنامي سياسة العزلة الا انها تضع كل ذلك في اطار "دعم "حماس" و"معاداة السامية". فالتهمة دائمًا جاهزة وتكاد تكون هي نفسها في كل مرة ضمن الحملة الاعلامية الممنهجة التي تشنها من اجل شيطنة القطاع وأهله بينما تواصل قضم اراضي غزة والضفة الغربية المحتلة وتكريس سياسة الاستيطان. وعليه تبدو الساعات القليلة المقبلة حاسمة في اطار معرفة الوجهة التي ستتخذها الحرب حيث من المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء الاسرائيلي اليوم لاتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية وذلك بعد انهيار جولة المباحثات غير المباشرة لوقف إطلاق النار والتي استمرت على مدار 3 اسابيع في العاصمة القطرية الدوحة. وعلى الرغم أن جميع المعطيات كانت تشير حينها الى ان الصفقة باتت جاهزة وقاب قوسين الا ان "شيطان" التفاصيل كمن هناك.

ويُعتبر الدعم الاميركي لاسرائيل بمثابة "ضوء أخضر" لاستكمال عمليتها العسكرية على القطاع المنكوب، حيث أن وسائل اعلام عديدة تحدثت عن تغيير في الاستراتيجة المتبعة والدفع نحو صفقة شاملة بعيدًا عن "الاتفاقيات الجزئية" وبشروط أهمها نزع سلاح "حماس" وهو ما ترفضه الحركة وتربطه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. تزامناً اكد وزير الخارجية جدعون ساعر أن إسرائيل تريد وضع قضية الرهائن المحتجزين في غزة "في صدارة الأجندة الدولية"، لافتًا إلى أنه سيحضر جلسة طارئة تُعقد اليوم، الثلاثاء، بشأن مناقشة وضعهم في مجلس الأمن الدولي، وفق ما نقلته "وكالة الصحافة الفرنسية". فيما طالب القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان مجلس الأمن بإصدار قرارت واضحة وملزمة لإسرائيل بوقف حرب الإبادة بعدما "حولت غزة إلى معسكر اعتقال نازي"، مناشدًا الضغط على تل أبيب لوقف المأساة الانسانية التي تخلف يوميًا عشرات الشهداء والجرحى.

هذا وكان المكتب الإعلامي الحكومي أعلن دخول 674 شاحنة مساعدات فقط إلى القطاع منذ إعلان إسرائيل ما أسمته بـ"الهدنة الانسانية"، وذلك من أصل 4800 شاحنة من المفترض دخولها لتلبية الحدّ الأدنى من الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة، ما يعني ان الجوع لا يزال يستشري وتزداد حدّته وهو ما أوضحه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الذي قال إن صور الجوعى في قطاع غزة "تمزق القلب ولا تُحتمل"، مشددًا على أن حرمان "المدنيين من الوصول إلى الغذاء يُعتبر جريمة حرب، وربما يشكل جريمة ضد الإنسانية". وتتعمّد تل أبيب تجويع القطاع واستهداف طالبي المساعدات الذين تحولوا الى "اهدافٍ" للقوات الاسرائيلية التي تفتح النيران عليهم بشكل مباشر عند اصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على المعونات الغذائية بالقرب من مراكز التوزيع المحددة لـ"مؤسسة غزة الانسانية". يُذكر أن حصيلة الضحايا من منتظري المساعدات بلغت ألفًا و516 شهيدًا، وأكثر من 10 آلاف و67 إصابة منذ 27 أيار/مايو الماضي.

وتحول الحصول على طحين الى حلمٍ ومسعى يومي يتنقل من اجله الفلسطيني بين "مصائد الموت" و"كمائن العدو" في وقت تشتدّ أزمة المياه حيث حذرت الأمم المتحدة من أن الأغلبية الساحقة من أهالي قطاع غزة غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، مؤكدة أن 96% من الأسر في غزة تواجه انعدام الأمن المائي، وإن 90% من السكان غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب، فضلًا عن أن 3 من كل 4 غزيين، يواجهون صعوبات في الوصول إلى دورات مياه. في وقت يدفع الاطفال الفاتورة الاكبر في هذه الحرب، حيث أشارت منظمة "اليونيسيف" أن نحو 28 طفلًا يقتلون يوميًا في قطاع غزة، جراء القصف وسوء التغذية ونقص الخدمات الحيوية والتجويع الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 660 يومًا.

في اطار متصل، صوتت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على إقالة المدعية العامة غالي بهاراف ميارا المعروفة بانتقادها الشديد لسياسات نتنياهو، لكن المحكمة العليا سرعان ما علقت القرار بعد تلقيها العديد من الطعون. ويحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي اقصاء جميع من يعارضونه أو ينتقدونه من مراكز السلطة وهذا ما بدا واضحًا حين إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) السابق رونين بار وما أثارته هذه الخطوة حينها من رفض وامتعاض داخلي اسرائيلي. وهذه المحاولات ينظر اليها بعض المحللين على انها تهدف للتفرّد بالقرارات الاساسية في البلاد ودون اي مساءلة او محاسبة مدعومًا بأعضاء حكومته من اليمين المتطرف الذين يدفعونه نحو احتلال القطاع برمته وتهجير السكان كما يمارسون اعتى حملة ضد الضفة الغربية ناهيك عن الانتهاكات المستفزة في مسجد الاقصى المبارك.

ومن الاوضاع المزرية في غزة الى لبنان الذي يشهد اليوم جلسة وزارية مصيرية ستحدد الخطوات المستقبلية، اذ يستحوذ بند السلاح على سلم الاولويات في وقت تنقسم فيه البلاد عاموديًا بين مؤيد ومعارض خاصة ان سلاح "حزب الله"، تحديدًا، كان في وقت سابق من "المحرمات" التي لا يجوز التطرق اليها. وحتى ساعة متأخرة كان التضارب سيد الموقف حيث لم تصل الاتصالات الداخلية والخارجية الى اي نتيجة ملموسة خاصة أن الحزب ربط قراره بالمشاركة في جلسة اليوم بمعرفة مُسبقة لما سينتج عنها أو ما ستقرره. ويأتي ذلك في وقت يتعرض لبنان لضغوط دولية وعربية من أجل سحب كل السلاح الخارج عن سلطة الدولة، ووضع جدول زمني وبرنامج عملي لتحقيق ذلك في مهلة أقصاها نهاية سنة 2025. اما "حزب الله" فسبق وأعلن بوضوح أن أي حديث يأتي بعد تحقيق عدة مطالب واهمها الانسحاب الإسرائيلي، وقف الاعتداءات والخروقات اليومية، إطلاق سراح الأسرى وإطلاق مسار إعادة الإعمار.

وكانت قناة "المنار"، الناطقة باسم "حزب الله"، شنّت هجومًا على رئيس الجمهورية جوزاف عون، موجهة اليه تهمًا بتراجعه عن الموقف اللبناني الرسمي الموحّد، ما يعكس خلافًا للمرة الاولى بين الطرفين بعد ما يقارب ثمانية أشهر من الانسجام والوئام. وازاء ذلك ستكون جلسة اليوم مفصلية واساسية لاسيما ان هناك دعوات سياسية وشعبية كثيرة تدعو الى حصر قرار السلم والحرب بعد ما خلفته الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان من خراب ودمار جُرّ اليه البلد بسبب الحزب الذي قرر نيابة عن الدولة اعتماد سياسة "وحدة الساحات". ويدرك لبنان الرسمي ان المجتمع الدولي كما العربي لن يقدم على اعادة الاعمار في ظل الظروف الراهنة وهو ما يحتم اتخاذ موقفًا حاسمًا يعزّز بسط السلطة وجودها بعد سنوات طويلة من التراخي و"ثنائية" القرارات التي لم تجلب على البلاد سوى الويلات.

أما سوريًا، فالاوضاع الامنية تتصدّر قائمة الاهتمامات خاصة أن الحوادث المتكررة تقوض عمل الادارة السورية الجديدة وتضع امامها معضلة استعادة الاستقرار وبسط سيطرتها والقيام بتحقيقات شفافة بهدف احتواء الغضب الشعبي المتصاعد. في وقت تشهد محافظة السويداء هدوء حذر بعد عودة الاشتباكات بشكل مفاجىء وسقوط اتفاق وقف النار الا ان الاوضاع لا تزال تحتاج الى المزيد من التشاور والحوار لمنع تكرار هذه الحوادث التي تستغلها تل أبيب. وفي اتصال ثاني بأقل من اسبوع شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي على أهمية تعزيز الاستقرار الداخلي السوري وصون وحدة الأراضي السورية. ويأتي الاتصال الهاتفي، بعد زيارة هي الأولى من نوعها، الخميس الماضي، لوزير الخارجية السورية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، إلى موسكو.

في الشق الايراني، لا يزال الجمود في المفاوضات مع واشنطن بشأن الاتفاق النووي سيد الموقف فيما تكرر طهران على لسان مسؤوليها نيتها محاسبة الولايات المتحدة على ضرباتها التي استهدفت مواقع نووية في البلاد خلال حرب الـ12 يومًا. وفي هذا السياق، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال إحاطة إعلامية أمس الاثنين: "في أي مفاوضات محتملة… ستكون مسألة محاسبة الولايات المتحدة ومطالبتها بتعويضات على عدوانها العسكري في حق منشآت إيران النووية السلمية على جدول الأعمال". كما أكد بقائي التزام إيران بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وانتقد نهج الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي وصفه بـ "المسيّس وغير المحترف"، لافتًا الى أن نائب المدير العام للوكالة سيزور إيران "خلال أقل من 10 أيام".

واليكم موجز بما تناولته الصحف العربية الصادرة اليوم في عناوينها ومقالاتها التي ركزت على آخر المستجدات الحاصلة على الصعيدين المحلي والاقليمي:

رأت صحيفة "الرياض" السعودية أن "ما حدث في نيويورك كان إنجازًا للقيادة السعودية ودبلوماسيتها الهادئة واختراقًا للهيمنة الصهيونية على القرار العالمي على الرغم من الضغوطات المعرقلة التي تعارض هذا الحل. وكانت كلمات وفود الدول المشاركة استفتاء على صوابية الموقف السعودي الرسمي: "لا اعتراف بإسرائيل ولا تطبيع من دون إقامة الدولة الفلسطينية". وأضافت "وبهذا فقد قطعت القيادة السعودية الطريق أمام الأحلام الصهيونية وحاصرت المحاصِر لقطاع غزة وزادت من عزلته على الساحة الدولية وضيقت عليه الخناق لجره إلى بيت طاعة القانون الدولي".

بدورها، تطرقت صحيفة "الدستور" الأردنية الى اقتحامات المسجد الأقصى وأداء طقوس تلمودية جماعية والتي "هدفها تحويل الصراع إلى صراع ديني يشعل المنطقة، ويهدد الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين"، منددة بـ "الجريمة التي نفذها الإرهابي المتطرف بن غفير في المسجد الأقصى المبارك، والتي تعتبر جريمة حرب وإرهاب دولة ضد معلم ديني مقدس ورمز إسلامي يقدسه أكثر من ملياري مسلم حول العالم، وانتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات المؤسسات الدولية التي تؤكد أن المسجد الأقصى المبارك بكل مرافقه وبما يشمل حائط البراق وقف إسلامي خالص لا حق لغير المسلمين فيه".

ومن وجهة نظر صحيفة "الصباح" العراقية، فإن "القيادة السورية المؤقتة من حيث تدري، أو لا تدري، فإن نهجها الذي تتبعه في التعاطي مع الملفات الشائكة التي تطول البلاد من أقصاها إلى أقصاها، هو على النقيض تماما مع شعارها القائل بـ"وحدة الشعب والتراب" السوريين"، مذكرة بالأحداث التي وقعت في محافظة السويداء وفي الساحل السوري لتصل إلى نتيجة مفادها أن على "الحكومة السورية بعد "زلزالين" وقعا وثالث محتمل، البحث في الموجبات التي قادت إليهما، ومن دون شك فإن عملية بحث مفترضة، عن هذي الأخيرة ستقود حتما للعثور على "صواعق" نشطة عديدة، من أبرزها "الإعلان الدستوري"، الذي وجدت فيه شرائح وازنة نمطًا جديدًا في تكريس الاستبداد والهيمنة"، بحسب قولها.

وتحت عنوان "قرار السلاح على عتبة تحديات مصيرية"، كتبت صحيفة "اللواء" اللبنانية "ردة الفعل الأميركية المتوقعة في حال اكتفى لبنان بالشق النظري من القرار المتعلق بحصرية السلاح، ستكون متحفظة وربما متشددة. إذ من المرجّح أن تُعتبر هذه المقاربة تراجعًا عن التفاهمات الأولية، مما يدفع واشنطن إلى إعادة النظر في جدوى استمرار وساطتها، أو حتى تعليقها مؤقتًا، بانتظار التزام لبناني أكثر وضوحًا"، جازمة بأن "غياب الجدول الزمني يعكس واقعًا سياسيًا داخلياً مأزومًا، حيث توازن القوى يمنع أي طرف من فرض قرارات مصيرية على الأطراف الأخرى، في ظل غياب توافق وطني واسع، ومخاوف من انزلاقات أمنية أو فتنة داخلية".

في سياق آخر، اعتبرت صحيفة "البلاد" البحرينية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "بدأ ينتهج سياسة غير واضحة المعالم في العديد من الملفات، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو الاقتصادي، وأصبح منهجه كتصنيف أكاديمي في المجال السياسي يأخذ منحى "الغموض الاستراتيجي"، لافتة الى أنه "كما في الحالة الإيرانية فإن ترامب بنفس الطريقة ينتهج سياساته في ملف تايوان، وبنفس الوقت يتفاوض في الملف الأوكراني، وهكذا مع بقية الملفات.. أصبح الغموض عنوانه، حيث يمارس عدة نظريات كنظرية الردع والألعاب في وقت واحد، ويطرح الأمر سؤالًا جوهريًّا.. متى سيكون الفصل الأخير من لعبة الغموض؟".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن