صحافة

تقرير الجوع لن يردع نتنياهو عن احتلال مدينة غزة... وترامب يُوفّر له الغطاء لرفض الاتّفاق مع "حماس"

سميح صعب

المشاركة
تقرير الجوع لن يردع نتنياهو عن احتلال مدينة غزة... وترامب يُوفّر له الغطاء لرفض الاتّفاق مع

على الأرجح، لن يغيّر التقرير الذي أصدره مرصد عالمي الأسبوع الماضي، حيال معاناة أكثر من نصف مليون فلسطيني من الجوع في مدينة غزة ومحيطها، الخطط الإسرائيلية لاحتلال المدينة وتشريد مليون شخص منها. وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، الذي أثار غضباً في دول أوروبية وغربية أخرى، "كذباً صريحاً". ولقي دعماً فورياً من السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي، الذي زعم "دخول أطنان من الطعام إلى غزة، لكن حماس تقوم بسرقته".

ولم تحل خطورة التقرير الذي توقع انتشار الجوع إلى دير البلح في وسط القطاع وخان يونس في جنوبه بحلول أيلول/سبتمبر، دون مصادقة نتنياهو على احتلال مدينة غزة، ودون إطلاق وزير دفاعه يسرائيل كاتس تهديداً بتدمير مدينة غزة بالكامل، على غرار رفح وخان يونس اللتين حولهما الجيش الإسرائيلي إلى ركام.

وفعلاً، صعّد الجيش الإسرائيلي في الساعات الأخيرة عملياته في حيي الزيتون وجباليا البلد، مع قصف جوي ونسف للمنازل بواسطة روبوتات مفخخة. ومع رفع وتيرة العمل العسكري، تغدو التقارير الإعلامية عن اعتزام نتنياهو إرسال وفده التفاوضي إلى الدوحة أو إلى القاهرة في الأيام المقبلة، وكأنها محاولة لدفع الوسطاء لإقناع "حماس" بالهدنة وفق الرؤية الإسرائيلية، وليس للقبول بهدنة الشهرين التي وافقت عليها الحركة قبل أسبوع.

يستعين نتنياهو أيضاً بالكلام الصادر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة. ترامب أحدث دوياً بقوله إن معلوماته تشير إلى أن عدد الأحياء من الأسرى نقص اثنين، من أصل 20، كان يعتقد أنهم على قيد الحياة، إلى 30 أسيراً في عداد الأموات. وبرغم تشكيك إسرائيل بدقة ما أدلى به ترامب، فإنها أقرت بأن اثنين من الأسرى في حالة حرجة. والغريب في الأمر أن ترامب، المنصرف كلياً تقريباً لجهود التسوية المتعثرة في أوكرانيا، اقترح أن "يتم تحرير الأسرى عسكرياً، عوض التوصل إلى اتفاق مع حماس"، التي في رأيه تستخدم المسألة "للابتزاز". فهل يعني هذا ضوءاً أخضر أميركياً جديداً لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية، أم نوعاً من الضغوط على "حماس" والوسطاء أيضاً؟ وفي سياق ليس ببعيد، لاحظت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن فلسطينيي غزة عانوا في الأشهر السبعة من الولاية الثانية لترامب أكثر مما عانوه في الأشهر الـ22 الأخيرة.

وبرغم أن ترامب كان واضحاً بأن الحل العسكري هو الأفضل لاستعادة الأسرى الإسرائيليين، فإن نتنياهو ربما لم يسقط من حساباته احتمال أن الضغط العسكري وإظهار الجدية في ما يتعلق باحتلال مدينة غزة قد يحملان "حماس" على القبول بما تقترحه إسرائيل. طبعاً، لا يتوقع نتنياهو جواباً من "حماس" غداً. لكن العملية العسكرية الإسرائيلية، التي عدّل اسمها الرمزي من "عربات جدعون 2" إلى "القبضة الحديدية"، والتي يتوقع أن تستمر ستة أشهر، قد تكون، تحت تأثير القتل والنزوح والدمار الذي ستحدثه، كفيلة بإقناع "حماس" بقبول سيناريو بيروت 1982، بما من شأنه إتاحة الفرصة لنتنياهو للزعم بتحقيق "النصر المطلق" والذهاب إلى انتخابات 2026 من موقع القوة.

لكن ليس بالضرورة أن تسير الأمور كما يشتهي نتنياهو. فبرغم قتل أكثر من 62 ألف فلسطيني معظمهم نساء وأطفال، وتدمير 70 في المئة من المباني و90 في المئة من المستشفيات والبنى التحتية، والنزوح المتكرر لملايين الفلسطينيين، أخفقت التكتيكات العسكرية التي اتبعها نتنياهو منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في توفير "صورة النصر" التي يبحث عنها. ويمكن أن تتحول مدينة غزة إلى مصيدة للجيش الإسرائيلي الذي سيجد نفسه أمام حرب استنزاف طويلة الأمد، والوصول إلى النتيجة التي توصل إليها آرييل شارون عام 2005.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن