صحافة

إيران تتأرجح بين الديبلوماسية والتصعيد

أسعد عبود

المشاركة
إيران تتأرجح بين الديبلوماسية والتصعيد

بعثت عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران، ببعض الأمل في إمكان أن تنجح الجهود الديبلوماسية التي تبذلها الترويكا الأوروبية وروسيا، من أجل تجنب تفعيل العقوبات الأممية على طهران في مجلس الأمن، عبر ما يعرف بـ"آلية الزناد" قبل 18 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، تاريخ انتهاء "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) لعام 2015.

وكشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الأربعاء، عن عودة مفتشي الوكالة الدولية لإيران، بينما قللت طهران من شأن هذه الخطوة، معتبرة أنها لا تعني استئناف التعاون الكامل مع الوكالة. وسبق لإيران أن علقت هذا التعاون في تموز / يوليو عقب الحرب الإسرائيلية على إيران في 13 حزيران/ يونيو، والتي استمرت 12 يوماً وتخللتها ضربات أميركية على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان.

لكن سرعان ما انقطع خيط التفاؤل مع إعلان الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بدء عملية تفعيل "آلية الزناد" اعتباراً من الخميس الماضي، مما يعطي إيران مهلة شهر للعودة إلى المفاوضات النووية والتعاون مع الوكالة الدولية، أو مواجهة العقوبات الأممية من جديد. ردت طهران بأن قرار الترويكا "غير قانوني"، وهددت بإجراءات لم تفصح عنها في حال فرض العقوبات الأممية عليها مجدداً.

وعقد ممثلون عن إيران والترويكا الأوروبية سلسلة من الاجتماعات كان آخرها الثلاثاء في جنيف، بهدف خفض التصعيد ومناقشة العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران. ومعلوم أن أي دولة موقعة على الاتفاق النووي، يمكنها مطالبة مجلس الأمن بتفعيل العقوبات الدولية التي رفعها المجلس عقب التوقيع على الاتفاق بين إيران ومجموعة دول "5+1" عام 2015. ولا يحق للولايات المتحدة المطالبة بتفعيل الآلية كونها انسحبت من الاتفاق في 2018 إبان الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب. ولا يحق لروسيا والصين، وهما من الدول الموقعة على الاتفاق، استخدام الفيتو ضد تفعيل العقوبات.

والثلاثاء، وزعت روسيا مقترحاً محدثاً في مجلس الأمن، يهدف إلى تمديد مهلة تفعيل "آلية الزناد" ستة أشهر حتى 18 نيسان/ أبريل من العام المقبل. ولا يضع المقترح الروسي شروطاً مسبقة لتمديد المهلة. ولا بد من التذكير هنا، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تهددان بمهاجمة إيران مجدداً في حال استأنفت عمليات تخصيب اليورانيوم، بينما تتمسك الحكومة الإيرانية بالاعتراف بحقها في التخصيب على أراضيها، كشرط للعودة إلى الحوار، مع إبداء مرونة في ما يتعلق بنسبة التخصيب.

ومع ذلك، يعتبر السماح بعودة المفتشين، خطوة تنم عن مسعى إيراني لإبقاء نافذة الديبلوماسية مفتوحة، في انتظار استكمال الحوار مع الترويكا الأوروبية، وتكثيف التنسيق مع روسيا والصين. لا بد من أن الأسابيع المقبلة، ستكون حاسمة بالنسبة لاحتمالات العودة إلى المفاوضات، أو للذهاب نحو تصعيد آخر في الشرق الأوسط. وهذا ما يفرض على جميع الأطراف تجنب الخطأ في الحسابات، وضرورة منح الديبلوماسية فرصة أخرى، تفادياً لتجدد الحرب، التي قد تكون أقسى وأعنف من سابقتها، وتغرق المنطقة في مزيد من الفوضى.

ويتوقف الكثير هنا على الأوروبيين، الذين يمكنهم أن يوفروا السلم لنزول الأطراف عن شجرة التصعيد، والعودة إلى الحوار، أملاً في التوصل إلى اتفاق نووي جديد. وتتحمل أميركا وإيران تحديداً المسؤولية الكبرى في خفض التوترات السياسية. وفوتت الدولتان في الماضي الكثير من الفرص لتسوية خلافاتهما الناشبة منذ 1979. وتفويت مزيد من الفرص لا يصب في مصلحتهما ولا في مصلحة تهدئة بؤر النزاع في المنطقة.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن