صحافة

"المشهد اليوم"...جلسة مفصلية في لبنان لبحث "حصر السلاح" وغزّة تستغيثنتنياهو يسحب بند الضفة الغربية لتخفيف الانتقادات وسوريا تطلق صندوقًا لاعادة الاعمار

فلسطينيون يحزمون أمتعتهم ويغادرون مدينة غزّة مع اشتداد العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

تشير المعطيات والحقائق التي تجري على الأرض إلى أن اسرائيل ليست في وارد وقف حروبها أو تسخين عملياتها في الجبهات الأربع التي تخوض فيها معارك وتصعّد فيها من استهدافاتها واعتداءاتها فمن غزة والضفة الغربية، إلى سوريا ولبنان واليمن تخوض تل أبيب معركة واضحة الأهداف والأبعاد في تحقيق ما تسميه "اسرائيل الكبرى" بدعم أميركي واضح. ففي حين تقضم من أراضي هذه الدول ما عدا اليمن، تسعى إلى أن يكون لها الكلمة الفصل في منطقة الشرق الأوسط إما من خلال تهجير الفلسطينيين وفرض الاستيطان أو عبر اقامة مناطق عازلة في سوريا ولبنان.

وهذا الكلام يتلاقى في جانب كبير منه مع ما أعلنه الموفد الأميركي توم برّاك مؤخرًا حين قال ما حرفيته "إن إسرائيل تغيرت بعد هجمات 7 أكتوبر ولم تعد تعترف بالحدود التقليدية، أو الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو"، مدعيًا بأنها "ستتخذ أي إجراءات تراها ضرورية لحماية أمنها وأمن مواطنيها". وهذا التصريح "الصادم" هو ما تؤكده الوقائع الميدانية التي تقوم بها اسرائيل من دون أن يكون هناك موقف موحد سواء عربيًا أو غربيًا لوقف مخططاتها التي ستفتت هذه الدول وتخلق فيها الكثير من النزاعات والصراعات التي لن توقف حمام الدم ابدًا بل ستؤدي إلى موجة جديدة من الحروب التي يتخوف الكثيرون من أن تضم دولًا اخرى، وما التصريحات الايرانية اليومية عن امكانية تجدّد الحرب إلا خير دليل على ذلك دون أن نغفل ما يجري من صراع بدأ في الكواليس بين اسرائيل وتركيا ولكنه ما لبث أن اصبح أكثر علنية بسبب ما يجري في سوريا.

وعليه، تسير المنطقة على توقيت اسرائيلي مخيف خاصة أن الموقف الاميركي "المتذبذب" والتصريحات المتناقضة لرئيسها دونالد ترامب تسهم في ميل الكفة إلى صالح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته من اليمين المتطرف الذين يرفضون أي خطط للسلام أو المفاوضات ويؤكدون أنهم سيواصلون احتلالهم للمناطق التي سيطروا عليها بعد عملية "طوفان الأقصى" ما يخلق سجالات في لبنان على سبيل المثال وهو يخوض معركة من اجل حصر السلاح بيد الدولة بظل رفض "حزب الله" ذلك ورفعه سقف المواجهة إلى أعلى مستوياته. وستتوجه الانظار إلى الجلسة التي ستعقد اليوم من اجل الاطلاع على خطة الجيش وسط اتصالات ومباحثات لم تهدأ من أجل نزع فتيل الازمة والدفع باتجاه منع الانفجار السياسي والشعبي خاصة أن موقف الثنائي الشيعي يبدو واضحًا باتجاه طرح إلغاء قرارات جلستي الخامس والسابع من آب/ اغسطس الماضي، ولا سيما بما يتعلق بتحديد جدول زمني لحصر السلاح بيد الدولة.

هذا وتكثر السيناريوهات التي يُحكى عنها و"تطبخ" خلف الكواليس، إلا أن أي منها لم يحصل بعد على موافقة جميع القوى والاطراف، خصوصًا أن هناك أطراف وازنة تريد تجنيب لبنان تداعيات حرب جديدة في وقت يعتبر "حزب الله" أن اسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف النار وتكمل اعتداءاتها بشكل تصعيدي في جنوب لبنان، وهو ما يعني عدم القدرة على السير قدمًا بأي خطة، وهو ما يشكل حجر عثرة في طريق اي مباحثات داخلية. وأمام هذا الواقع المُعقد، تدخل البلاد في أتون جديد من التصريحات ذات السقف العالي والتهديد بالتعطيل رغم إدراك الجميع، دون أي استثناء، بأن التوازنات الدولية تغيرت وأن واشنطن وتل أبيب لن توقفا ضغطهما على لبنان الذي يتحول – كما في كل أزمة أو حرب – إلى ساحة لتبادل الرسائل وتعزيز الشروط التفاوضية. وبين ثنايا ذلك تطل مصالح ايران ونفوذها في لبنان، حتى وإن تبدلت المعطيات، إلا أنها لا تزال تحتفظ بهامش واسع من المناورة عبر ما يمثله "حزب الله" من نفوذ سياسي وعسكري.

في مقابل هذا التنشج اللبناني و"الرسائل النارية" الاسرائيلية، تتأزم الأوضاع أكثر في غزة وتزداد سوءًا بظل جمود تام لمباحثات وقف النار التي تخرقها من حين لآخر تصريحات الرئيس ترامب، الذي دعا مؤخرًا حركة "حماس" لإطلاق سراح كل الرهائن لتغيير الواقع الحالي، متجاهلًا بأن نتنياهو رفض الرد على مقترح الصفقة الجزئية التي كان هو يطالب بها وقرار وقف التصويت عليها والمضي قدمًا باحتلال مدينة غزة وتهجير سكانها البالغ عددهم مليون شخص. فيما تبدو "حماس" مستعدة أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الأزمة برمتها ويضع حدًا لمعاناة الغزيين الذين ضاقت بهم كل سبل العيش. ضمن هذا السيّاق، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصدرين أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يعمل خلف الكواليس على تجديد المفاوضات بشأن صفقة التبادل، لافتة إلى أن الوسطاء سيحاولون ضمان تسيير المحادثات بوتيرة أسرع من السابق في حال البدء بها.

ويحث العديد من المسؤولين الاسرائيلين نتنياهو للقبول بالصفقة المعروضة ووقف خطط الاحتلال خاصة بظل تحذيرات هيئة أركان الجيش من خطورة ذلك ودفعه نحو حكومة عسكرية غير مضمونة النتائج. وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو جدّد موقف البيت الابيض حين قال "الحرب في غزة قد تنتهي غدًا إذا استسلمت "حماس" وأطلقت سراح المحتجزين". في وقت بحث وفد الحركة كافة المعطيات والتطورات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في العاصمة القطرية، الدوحة. وتنشط الاتصالات السياسية وتتكثف جهود الوسطاء إلا أنها لا تزال تصطدم بالجدار الاسرائيلي الرافض لأي خطوة جدية لوقف الحرب بينما تطلق غزة صرخات الاغاثة مع تزايد ضحايا القصف والتجويع والتعطيش حيث استشهد أمس 75 شخصًا، بينهم 44 في مدينة غزة، و14 من طالبي المساعدات. ويعمد الاحتلال إلى قصف المنازل على رؤوس ساكنيها بهدف دفعهم للنزوح بعدما رفض عدد كبير من سكان مدينة غزة ترك منازلهم وقرروا التمسك بها بظل اشتداد وطأة العمليات العسكرية واستخدام اسرائيل كل أساليب القتل والترهيب.

تزامنًا، قال المدير العام لوزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش إن عدد الضحايا الحالي يشير إلى أن الاحتلال يقتل 24 طفلًا كل يوم. فيما التجويع يحصد المزيد من أرواح الفلسطينيين رغم الدعوات المتكررة لفتح المعابر وإدخال المساعدات وفك الحصار. وأعلنت وزارة الصحة تسجيل 3 وفيات جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة، ما يعني ارتفاع الحصيلة إلى 370 شهيدا، بينهم 131 طفلًا. إلى ذلك، تتزايد الانتقادات الدولية والمطالبات بتدخل حاسم لوقف حرب الابادة ولكنها لا تلق أي صدى أو تحرك فعلي. وندّدت، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية تيريزا ريبيرا، أمس الخميس، بحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، منتقدة فشل بلدان الاتحاد الأوروبي في التحرّك لوضع حد لها. ويُعتبر هذا أول تصريح من نوعه يصدر عن مسؤول رفيع في المفوضية الأوروبية بشأن حرب غزة.

أما في الضفة الغربية، فالمشهد المتكرر هناك بات شبه يومي خاصة أن خطط الاستيطان تجري على قدم وساق. فعلى الرغم من سحب نتنياهو بند ضم الضفة الغربية وفرض السيادة عليها من جدول أعمال الحكومة، إلا أن ذلك يعتبر مجرد "خطوة تكتيكية" من أجل الحدّ من الاعتراضات المحلية والإقليمية والدولية والتحذيرات من المخاطرة بمصير "اتفاقيات ابراهام". ويسعى الاخير إلى امتصاص موجة السخط والغضب وتأجيل البحث في الموضوع بشكل رسمي لمرحلة لاحقة ولكن الميدان واضح أمام ما تتعمد قوات الاحتلال القيام به عبر إما إخطارات الهدم أو حملات الاعتقالات العشوائية والمداهمات بينما تتوسع انتهاكات المستوطنين وسلبهم لممتلكات الفلسطينيين بقوة السلاح وبمؤازرة من الجيش الاسرائيلي. يُشار إلى أن "القناة 12" التلفزيونية الإسرائيلية افادت بأن مسؤولين كبارًا في جهاز الأمن العام (الشاباك) حذّروا القيادة السياسية في اجتماعات عُقدت مؤخرًا، من أن هناك بوادر لتفكك السلطة الفلسطينية، مما يزيد من خطر "تفجّر الوضع" في الضفة الغربية.

في غضون ذلك، لا يقف التمدد الجغرافي الاسرائيلي عند هذا الحد بل تبرز التطورات السورية بعدما دخلت تل أبيب على خط "نصرة" الأقلية الدرزية ووجدت هناك من يتوافق مع رغباتها. ففي تصريحه الأخير أمس الخميس، كرر حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل طائفة الدروز في سوريا، المطالبة بحق تقرير المصير، مشددًا على أن "لا تراجع عنه مهما كانت التضحيات". كما أعرب عن شكره للرئيس ترامب ونتنياهو ودول الاتحاد الأوروبي والأكراد والعلويين. وهذا الموقف المتكرر ترفضه الادارة السورية التي تؤكد على مبدأ وحدة أراضيها ورفض تقسيمها ويطلق رئيسها أحمد الشرع خطوات عملية من أجل البدء بعملية إعادة الإعمار. وشهدت سوريا الإعلان الرسمي عن انطلاقة "صندوق التنمية السوري"، المؤسسة الوطنية المستقلة التي تهدف إلى دعم جهود الإعمار والتنمية الاقتصادية. وفي كلمة له خلال المناسبة، أكد الشرع أن الصندوق يمثل بداية مرحلة جديدة من البناء وكتابة تاريخ سوريا بأيدي أبنائها، داعيًا الجميع في الداخل والخارج إلى المساهمة.

 في إطار متصل، كشفت إيران رسميًا عن تعيين الجنرال علي عبد اللهي قائدًا جديدًا للعمليات، وذلك بعد تكتم دام أكثر من شهرين، وتحديدًا منذ وقف حرب الـ12 يومًا مع اسرائيل. وأصدر المرشد علي خامنئي مرسومًا بتعيين عبد اللهي، نائبًا لرئيس الأركان وقائدًا للعمليات المشتركة. وقال الأخير، الذي يُعّد من أبرز جنرالات "الحرس الثوري"، إن "القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية في جاهزية كاملة لحماية كيان البلاد وأمنها الوطني"، مؤكدًا أنها "أكثر استعدادًا مما كانت عليه قبل الحرب الأخيرة". وتأتي هذه الخطوة وسط تخوف ايراني من تجدّد الحرب مع اسرائيل، إذ قال نائب وزير الخارجية الإيراني سعيد خطيب زادة، إن احتمالات ذلك "واردة وكبيرة"، معلنًا أن إيران تحاول تجنيب المنطقة "حربًا بلا نهاية"، على حدّ تعبيره.

وإليكم أبرز ما جاء في عناوين ومقالات الصحف الصادرة اليوم في عالمنا العربي:

رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن "العالم في مفترق يبدو حتميًا في ظل ارتباك وتشظٍ وغياب للقوانين الناظمة للعلاقات الدولية، أو تفسيرها وفق الأهواء والمصالح وتفاهمات بعض القوى، ما يضع معظم أقاليم العالم على ريح القلق، ويبدد، يومًا بعد آخر، ثقتها في نظام عالمي أقرب إلى العدالة". وقالت "نحن أمام مرحلة جديدة، وربما أخيرة، للمخاض العالمي، فإما حربًا تزيد الأوضاع اشتعالًا وإما سلامًا بمعناه الحقيقي ينهي الجور الطويل على أراضي شعوب وحقها في عيش آمن، ويوقف تربص الجار بخريطة جاره، ووهمه أن في قتله حياة له".

من جهتها، تناولت صحيفة "البلاد" البحرينية ما تقوم به اسرائيل من اعتداءات على الصحفيين واستهداف متعمد لهم معتبرة أن "حكومة الاحتلال تسعى إلى تحويل غزة مقبرةً للصحفيّين من أجل إخفاء حجم الدمار الذي خلفته الحرب"، جازمة بأن "جريمة استهداف الصحافيّين في غزّة لم تعد قضية محلية أو إنسانية فحسب، بل أصبحت حربًا على الصحافة نفسها واختبارًا حقيقيًا لضمير العالم وإرادته في حماية حرية الصحافة. لذا وجب أن تتواصل حملات الادانة وتتوسّع أكثر فأكثر لإحداث الضغط اللازم من أجل بلوغ غاياتها".

صحيفة "عكاظ" السعودية، لفتت إلى أن "التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، في سياق علاقاتها بدول الشرق الأوسط وتحيّزها التاريخي لإسرائيل، يقتضي فهمًا عميقًا للسياسة الأمريكية والديناميكيات الإقليمية. ففي زمن لم تعد فيه الطاقة تشكّل ورقة ضغط تجعل أمريكا تأخذها في الحسبان كما كان الحال قبل ثلاثين عامًا، تبرز عدة إستراتيجيات يمكن لدول المنطقة اتباعها"، موضحة أن "الإستراتيجية المثلى تتمثل في مزيج متوازن من القوة الناعمة والضغط الاقتصادي وتنويع التحالفات، مع تجنّب أي مواجهة مباشرة قد تدفع واشنطن إلى مضاعفة دعمها لإسرائيل. فالواقعية السياسية تقتضي التعامل مع التحيّز الأمريكي كمعطى تاريخي ثابت، مع السعي لتغييره عبر أدوات طويلة الأمد مثل الدبلوماسية الشعبية وإعادة التوازن الجيوسياسي"، بحسب وصفها.

وعما يجري في لبنان، أشارت صحيفة "الجريدة" الكويتية إلى انه "في معرض مواجهته لقرار الحكومة بسحب السلاح، اختار "حزب الله" تمرير رسائل تصعيدية من بينها التلويح بوقف التعاون مع الجيش في منطقة جنوب الليطاني. يمكن لهذا التلويح الذي قدمه الحزب أن يكون عنواناً لتعقيد الأمور والتطورات في المرحلة المقبلة، كما يمكنه أن يكون عنصرًا للتسهيل ولسحب فتيل أي أزمة"، متحدثة عن سيناريوهات كثيرة تطرح بشأن مصير جلسة اليوم، "فبعض الإشارات تفيد بأن الثنائي الشيعي سيناقش فقط في البنود التي لا تتعلق بالسلاح، وعندما يتم الوصول إلى بند السلاح سيتم الانسحاب. في حال حصل ذلك فيمكن للحكومة أن تطرح تأجيل البحث به، كما يمكنها اتخاذ قرار وإن من دون مشاركة وزراء الطائفة الشيعية".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن