صحافة

مواقف إيران كما إسرائيل تُقوّض سيادة لبنان

روزانا بو منصف

المشاركة
مواقف إيران كما إسرائيل تُقوّض سيادة لبنان

في الذكرى السنوية الأولى لغياب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، يمكن الحزب ادعاء نجاح حملته ليستمر تنظيما عسكريا من خلال الهجوم المتواصل على الحكومة اللبنانية لإظهار نفسه قويا وقادرا على التصدي لها، ولا سيما في مواجهة قرار حصر السلاح وكل ما يتصل به. ويمكن إيران في الوقت نفسه، مع مواجهتها التحدي الأبرز حول احتمال عودة العقوبات الأممية، تظهير استمرار قوتها ونفوذها في لبنان والدفع ضد استعادة لبنان سيادته.

ففي أحدث تدخل إيراني في الشأن اللبناني، رأى المرشد الإيراني علي خامنئي قبل يومين أنه "لا ينبغي الاستهانة بـ"حزب الله" الذي هو ثروة لبنان"، معتبرا أن قصته "مستمرة ويجب عدم الاستخفاف بقوته المهمة للبنان وغيره". وقال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إن الحزب "أكثر حيوية من أي وقت مضى"، مشيرا إلى أن إيران تواصل تقديم الدعم له ولأعضاء آخرين في محور المقاومة.

الكلام الإيراني الذي بات يتكرر أخيرا عند كل محطة مهمة يواجهها الحزب منذ إضعافه من إسرائيل قبل عام تماما، يراد منه القول إن الحزب لا يزال ركيزةً مهمة في استراتيجية إيران الإقليمية، سواء نُزعت مخالبه أو بقي بعضها. ولذلك فإن السؤال المستمر المرافق للتحدي الذي يواجه الدولة اللبنانية في مسعاها لحصرية السلاح هو: هل يملك قادة الحزب المحليون القدرة على التعاون من أجل تمكين الدولة من حصرية السلاح، أو أن القرار يعود إلى طهران وحرسها الثوري؟ تبعا لذلك تسقط كل المناورات الأخرى، بما فيها الدعوة التي وجهها الأمين العام للحزب نعيم قاسم إلى الحوار مع المملكة السعودية، والتي رأى فيها البعض مراجعة تكتية أو استدراجا لضمانات معينة، فيما يعتبر هؤلاء أنه تلقى الجواب السعودي على نحو غير مباشر من خلال العناوين التي حددها السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في كلمته في العيد الوطني السعودي عن دعم كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتقدير التعاون مع رئيس مجلس النواب.

الخطير في هذا المسار أن إيران، بأقوالها وأفعالها، تُقوّض الدولة اللبنانية الناشئة أمام شعبها، وتتحدى قدراتها على ضمان أمنهم من خلال الديبلوماسية ووجود الجيش اللبناني، فضلا عن أنها توجه رسائل تحول دون تشجيع المستثمرين على المجيء إلى لبنان، وتستمر في تقديم الذرائع لإسرائيل كي تواصل انتهاكاتها من جهة وتتلطّى وراء ما يجري من أجل تبرير احتلالها للنقاط التي تحتلها في الجنوب من جهة أخرى. وهنا يعتب البعض على الدولة اللبنانية لضعف موقفها إزاء التصدي صراحة للمواقف الإيرانية التي لا تتسم بأي حدّ من اللياقة الديبلوماسية واحترام سيادة لبنان، مع الإصرار على اعتباره ساحة لها، وهو ما يستدرج مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على الجنوب وسواه من المناطق.

والحال أن الخطاب الرسمي في لبنان، يتقدمه في الدرجة الأولى، وعن صواب، أن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في لبنان تعوق تقدم القوات المسلحة اللبنانية لتأكيد سيادة لبنان كليا في الجنوب، كما تعوق القدرة على تنفيذ خطة الدولة لنزع سلاح "حزب الله". وهذا يُعطَف على مطالبة الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ التزاماتها وفقا لاتفاق وقف الأعمال العدائية. لكن المخاوف التي باتت تظهر لدى كثر لا تتعلق فحسب بما إذا كان رفض "حزب الله" قرار الدولة حصرية السلاح يمكن أن يستدرج توسيع إسرائيل استهدافاتها للحزب، بل بمدى إعاقة المواقف الإيرانية الثقة بأن لبنان قادر، وهو بات على السكة الصحيحة.

وهذه النقطة بالذات، كما مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، ترتبط باستراتيجية الدولة إذا استمرت إسرائيل في تعنتها إزاء تنفيذ التزاماتها من جهة، وكيفية التقدم في التزامات الدولة نفسها، في ظل الخشية أن الفرصة التي أتاحها إضعاف إسرائيل الحزب، ما ساهم في تمكين الدولة من بدء إعادة تكوين مؤسساتها، قد تتضاءل أو تضعف ولا تتكرر، ولا سيما مع حرص أفرقاء مختلفين على تظهير الانقسام العميق في النظام السياسي الطائفي في لبنان، وغياب التوافق السياسي، والأهم، المصالح المتجذرة لقوى متعددة الطوائف سياسية ومالية واقتصادية، فتضعف الثقة من الخارج بقدرة لبنان أو رغبته الفعلية في الخروج من الأزمة التي اعتاد العيش فيها.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن