فلسطين... القضية والبوصلة

ضمّ 3 قرى مقدسيّة: تشتيت العائلات وتفكيك النسيج الاجتماعي!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخّرًا قرارًا يقضي بفصل ثلاث قرى فلسطينية عن محافظة القدس، وهي بيت إكسا، وحي الخلايلة، والنبي صموئيل، وإخضاعها لنظام تصاريح صارم ضمن مشروع "القدس الكبرى".

ضمّ 3 قرى مقدسيّة: تشتيت العائلات وتفكيك النسيج الاجتماعي!

يهدف الاحتلال من خلال هذه الإجراءات إلى توسيع سيطرته على الضفّة وتغيير التركيبة الديموغرافية لصالح المستوطنين.

رئيس مجلس قروية قرية بيت إكسا شمال غرب القدس المحتلة، مراد زايد، قال  لـ"عروبة 22"، إنّ الاحتلال، منذ عام 2013، يعزل القرية التي يسكنها قرابة 2000 شخص، ويمنع الدخول إليها، وفي حال حاول أحد من غير سكانها الدخول إليها يتمّ التنسيق مع رئيس المجلس لدخولها.

وأضاف أن القرار الجديد ألزم أهالي القرية بالحصول على بطاقة "مُقيم جديد" وتصريح دخول مدته عام فقط، وفي حال أراد زيارة القرية أحد الضيوف أو أبناء البلدة الذين يسكنون خارجها، فلن يتمكّنوا من الدخول إلّا بتصريح.

وأكّد أن قرار الاحتلال شتّت العائلات في القرية، حيث لا تستطيع نساء القرية المتزوجات خارجها زيارة أهاليهن في القرية إلّا بتصريح زيارة وقد لا يحصلن عليه. كما أنّ الاحتلال قد يقوم بسحب التصريح من أي شخص بذرائع "أمنية"، ممّا قد يؤدّي إلى حرمان هؤلاء من الوصول إلى منازلهم وعائلاتهم داخل القرية.

وبَيّن أنّ أخطر ما في القرار الجديد، هو تسليمهم بطاقة "مُقيم جديد"، أي أنّ ذلك قد يؤدّي إلى سحب بطاقة "الإقامة" وطرد السكان، بحجّة أنّهم "مقيمون" وليسوا سكانًا أصليين!.

وفي مقابلةٍ أجرتها منصة "عروبة 22" مع المستشار الإعلامي لمحافظة القدس، معروف الرفاعي، أكّد أنّ الاحتلال أعلن بيت إكسا، وحي الخلايلة، والنبي صموئيل مناطق اتصال مُغلقة بموجب "الأمر العسكري رقم 5875-2025"، حيث بات الجميع بحاجةٍ إلى تصاريح رقميّة للدخول والخروج. وأوضح أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى تفريغ القرى الفلسطينية وعزلها إداريًا وجغرافيًا، ضمن خطة "القدس الكبرى" لتغيير التوازن الديموغرافي لصالح المستوطنين.

وأضاف الرفاعي أنّ مصادرة أراضٍ لتوسعة الطرق وربطها بالمستوطنات جزء من التحضيرات الميدانية للمشروع، وأنّ السيطرة الإدارية والأمنية تُطبّق قبل أي إعلانٍ قانونيّ، في نموذج الضمّ التدريجي الذي اعتاد الاحتلال استخدامه منذ عقود.

ومنذ تطبيق القرار، أصبح سكان بيت إكسا، وحي الخلايلة، والنبي صموئيل بحاجةٍ إلى تصاريح مُسبقة حتى لدخول منازلهم. كما تمّ تقييد عمل خدمات الطوارئ الفلسطينية، بما في ذلك الإسعاف والدفاع المدني، إذ أصبح مرتبطًا بتنسيقٍ مُسبقٍ غالبًا ما يُرفَض أو يُؤجَّل، ما يهدّد حياة المواطنين في الحالات الطارئة. وترافق ذلك مع عمليات اقتحام وهدم واعتقالات في مُحيط القرى، في إطار تشديد القبضة الأمنية ومنع أي نشاط إداري أو وطني.

وأكّد الرفاعي أنّ موظفي الخدمات والطواقم الطبية الفلسطينية لم يعودوا قادرين على الوصول إلى القرى إلّا بتصاريح خاصّة، ما يُفقد المحافظة أي قدرة فعلية على تقديم الخدمات، فيما أصبحت الخدمات الأساسية مثل النظافة والكهرباء والمياه والتعليم رهينة المزاج الإسرائيلي، إذ تخضع لإذنٍ مُسبقٍ أو إشرافٍ مباشر.

وأدّت هذه الإجراءات إلى شللٍ شبه كاملٍ في الحياة اليومية، إذ أصبح المواطنون بحاجةٍ إلى تصاريح معقّدة غالبًا ما تُرفض بلا أسبابٍ واضحةٍ، ما أثّر في حركة الطلاب وعمل الموظفين والمزارعين وتسبّب في تدهورٍ اقتصاديّ واجتماعيّ.

وأكّد مراد زايد أنّ البطاقة الجديدة قد تفتح الباب لسحب الإقامة وطرد أهالي القرى، ما يزيد من تفكّك النسيج الاجتماعي ويهدّد استمرار الوجود الفلسطيني حول القدس المحتلة.

ويرى مراقبون أنّ عزل هذه القرى يندرج ضمن سياسةٍ إسرائيليةٍ لقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفّة وجنوبها، مُعتبرين أنّ القرار خطوة استراتيجية لتغيير الحدود البلدية والديموغرافية للمدينة، وليس مجرّد إجراءٍ أمني.

ويأتي القرار الأخير ليؤكد على سابقةٍ خطيرةٍ في سياق الضمّ التدريجي، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرّك لوقف هذه الإجراءات التي تُعدّ خرقًا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، فضلًا عن خطرها المتزايد على مستوى معاناة السكان وتفكّك النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن