صحافة

السكة الحديد الخليجية والوحدة الاقتصادية

محمد ناصر لوري

المشاركة
السكة الحديد الخليجية والوحدة الاقتصادية

في كل رحلة إلى أوروبا أو أمريكا وعدد من الدول الآسيوية يتبادر إلى ذهن الإنسان الخليجي سؤال كل ما تنقل عبر المواصلات العامة، وخاصة تلك التي تربط المدن والقرى عبر سكك حديدية عمر البعض منها يتجاوز المئة عام، وهو لماذا لا تمتلك دول الخليج سكة حديدية تربط العواصم ببعضها البعض؟ وهو سؤال مشروع يأتي بعد معطيات عديدة، فوحدة الدين واللغة والأواصر المشتركة والعلاقات الاجتماعية، والكيان المستقل الذي أنشئ منذ 1981م، كلها معطيات تدفع المواطن الخليجي لطرح هذا التساؤل الذي تمت الإجابة عنه وأخيراً.

فبعد الإعلان عن السكة الحديدية الخليجية المشتركة التي بدأ العمل عليها بداية هذا العام بعد الدورة 30 في عام 2009م، بدأت الدول في العمل ضمن جدول زمني محدد، تسبب هبوط أسعار النفط في تأخيره، وتبعته جائحة كورونا (كوفيد19)، ولكنه واصل مسيره بعد انحسار الجائحة، فوضعت الدول حجر الأساس وانتقل العمل من المخططات إلى التنفيذ على مرحلتين تمتدان إلى 2025 حسب الخطة الموضوعة.

بعيداً عن تسهيل عملية التنقل لأهالي دول مجلس التعاون الذين سيجدون كل البدائل للتنقل بين دولهم، وزيارة أهاليهم وذويهم، ستلعب هذه السكة الحديدية التي تنطلق من الكويت وتتوقف في مسقط دوراً محورياً في تغيير شكل الحركة الاقتصادية بين دول الخليج العربي، كما أنها ستحدث نقلة نوعية في تنويع الخدمات اللوجستية، وفتح خطوط نقل تجارية جديدة، مما سيخلق أسواقاً مختلفة ومتنوعة، وستسبب استقرار أسعار الكثير من السلع التي تتلاعب بها الأسواق الدولية وتنعكس على المستهلك الخليجي بشكل سلبي في أحيان كثيرة.

كما سيؤدي تطوير السكك الحديدية إلى تحسين الاتصال الإقليمي بشكل كبير عن طريق تقليل أوقات النقل وتكاليفه بين المدن والموانئ الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحسين التدفقات التجارية عبر الكتلة وجذب الاستثمار.

ولا ننسى أن تقليل أوقات السفر عبر المدن الخليجية سيساعد بشكل كبير في تعزيز قطاع السياحة والترفيه، وهو مجال يتطلع عدد من دول الخليج إلى النمو بما يتماشى مع الجهود الأوسع لتنويع اقتصاداتها.

وفي المجمل إن مشروع بناء خط سكة حديد على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي يبشر بالخير للتعاون الإقليمي، وسوف يدعم الخطط الاقتصادية مما سيشكل مزيداً من المواءمة الاقتصادية داخل الكتلة الخليجية، هذا إلى جانب سعي دول الخليج إلى تسريع إنشاء اتحاد جمركي مشترك وسوق مشتركة، قبل الهدف النهائي المتمثل في إقامة الوحدة الاقتصادية داخل المنطقة.

(الوطن) البحرينية

يتم التصفح الآن