صحافة

"المشهد اليوم"... لبنان بين التصعيد والضغوط وأوّل "عُمدة مُسلم" لنيويوركالرئيس السوري في البيت الأبيض الإثنين وتل أبيب تتهم طهران بتسليح فصائل عراقية

زهران ممداني يحتفل وسط أنصاره بفوزه برئاسة بلدية نيويورك (أ.ف.ب)

تسعى اسرائيل إلى التصعيد في لبنان متذرعة بإعادة بناء "حزب الله" لقدراته العسكرية والتسليحية، بينما تمارس الولايات المتحدة أقصى أنواع الضغوط من أجل دفع الحكومة للتفاوض بشكل مباشر مع اسرائيل. وخيار التفاوض هذا وضعه الرئيس اللبناني جوزاف عون على الطاولة بإعتباره أفضل الحلول الممكنة حاليًا بظل الاستهدافات الاسرائيلية المتفاقمة وخرقها المستمر لاتفاق وقف النار. وينتظر لبنان المساعي الدبلوماسية الدولية من أجل تحديد طبيعة المرحلة القادمة وسط معلومات بأن واشنطن طلبت من تل أبيب "التريّث وعدم التحرك في لبنان حتى نهاية الشهر الجاري"، في وقت أفادت وسائل اعلام عبرية بأن الجيش نبه القيادة السياسية إلى أن "حزب الله" يزداد قوة وشعبية، ويسلّح نفسه بوتيرةٍ أعلى من سرعة تعامل الجيش معه".

وهذه التحذيرات الاسرائيلية ليست من فراغ ولكن الهدف منها "تبرئة" ساحة تل أبيب ومنحها الذرائع لشنّ ضربات على لبنان بهدف القضاء على قدرات "حزب الله"، الذي على الضفة الأخرى، لا يزال يرفع سقف التحدي ويرفض الحديث عن سلاحه مما يزيد من مخاطر انفلات الأمور من عقالها والعودة إلى الحرب التي لم تضع أوزارها بعد رغم مرور أكثر من عام. وإزاء هذه المعطيات وما يجري من حركة موفدين نشطة، اعتبر الرئيس جوزاف عون أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية يعرقل تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة، التي أقرها مجلس الوزراء في آب /أغسطس الماضي، وتشمل سلاح "حزب الله"، مؤكدًا أن خيار التفاوض لإنهاء الاحتلال هو خيار وطني جامع. ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة، تمهيدًا لبسط سلطة الدولة وإطلاق مسار إعادة الإعمار. كلام الأخير جاء خلال استقباله مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونير، الذي شدد، من جهته، على أن نزع السلاح خارج سلطة الدولة والإصلاح الاقتصادي والسياسي ضروري لاستقرار لبنان، مشيرًا إلى دعم بريطانيا المستمر للمؤسسة العسكرية اللبنانية، وفقًا لما نقلته عنه الرئاسة اللبنانية في بيانها.

وتتزامن التحركات مع مواصلة اسرائيل اعتداءاتها جنوبًا من تفجير منازل واستهداف أشخاص تدعي أنهم عناصر تابعين لـ"حزب الله"، في محاولات لتفريغ المناطق الجنوبية بمن تبقى من سكانها خصوصًا أن عملية إعادة الاعمار لا تزال دونها عقبات كثيرة لأن الدول المعنية، والتي ستقدم الدعم المالي، تربط بين ذلك وحصول تسوية سياسية فيما تستهدف قوات الاحتلال أي أدوات ومعدات ثقيلة، في رسالة تأكيد بأنها لن تسمح بذلك في الوقت الراهن وقبل الشروع في المباحثات. في سياق متصل، كشفت "هيئة البث الإسرائيلية" أن إيران ضاعفت في الآونة الأخيرة دعمها العسكري للفصائل الشيعية في العراق، في خطوة وصفت بأنها "استعداد لمواجهة محتملة مع إسرائيل". ووفقًا للتقرير عينه، تعمل طهران على نقل مركز ثقل نفوذها العسكري من لبنان وسوريا وقطاع غزة إلى العراق، إذ اتسع ذلك بشكل ملحوظ، خصوصًا في مجال تزويد الفصائل بأسلحة متطورة، وتدريب عناصرها على تكتيكات جديدة تحت إشراف مباشر من "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني".

تعقيدات المشهد اللبناني تؤكد ان الولايات المتحدة، الحاضر الأبرز، في هذا المجال عبر الموفدين الذين ترسلهم من توم برّاك إلى مورغان أورتاغوس وصولًا لسفيرها المعين حديثًا ميشال عيسى تضع البلاد أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما الذهاب إلى المفاوضات بالشروط التي تفرضها تل أبيب، وإما التعرض لعملية عسكرية. وفي كلا الحالتين يجد لبنان نفسه في موقع "المُكبّل" المُحاصر من كل حدب وصوب، بينما تتكدس الملفات الداخلية الأخرى والاختلافات الحادة في مقاربة العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تتعمق بفعل حالة "اللاسلم" وسط تبدل في موازين القوى وتغيّر جذري في المنطقة منذ اندلاع أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وما رافقها من ضربات استهدفت كبار قادة "حزب الله" بالتزامن مع ضربات مماثلة على الحوثيين في اليمن ناهيك عن سقوط نظام بشار الأسد في مرحلة مفصلية شكلت ضربة قاصمة للمحور الايراني وتمدده في قلب عدة عواصم عربية. وهذه الدلائل وغيرها تفرض نفسها حتى بعد التوصل إلى اتفاق وقف النار في غزة بحسب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

إلا أن الاتفاق نفسه عرضة للانهيار في أي لحظة مع تعمد تل أبيب خرقه عبر استكمال ضرباتها الموجهة والتحكم بالمساعدات التي تدخل إلى القطاع الذي يعاني سكانه من سوء تغذية وغياب أدنى مقومات الحياة. في المقابل، وزعت الولايات المتحدة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن، هدفه تشريع نشر "قوة سلام" دولية لمدة سنتين في القطاع. وبحسب المعلومات، فإن القوة، التي يُحكى عنها، ستعمل تحت قيادة موحدة بالتشاور والتعاون الوثيق مع إسرائيل ومصر، لأنهما تحدان القطاع، وجنبًا إلى جنب مع قوة شرطة فلسطينية مدربة ومعتمدة حديثًا للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية وتحقيق الاستقرار الأمني ​​في غزة. ونسب موقع "أكسيوس" لمسؤول أميركي أن إدارة الرئيس ترامب تتطلع إلى نشر أولى القوات في غزة بحلول كانون الثاني/ يناير المقبل، مضيفًا أن القوة الدولية ستكون "قوة إنفاذ وليست قوة حفظ سلام". وأشار المسؤول نفسه إلى أن المسودة تنص على أن القوة الدولية "ستُرسخ البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح من قطاع غزة، بما في ذلك تدمير ومنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بالإضافة إلى نزع الأسلحة بشكل دائم من الجماعات المسلحة غير الحكومية".

وتدفع واشنطن نحو الشروع في المرحلة الثانية من الاتفاق ولكن تل أبيب تضع العقبات في هذا الطريق المحفوف أصلًا بالكثير من الملفات "التفجيرية"، والتي لا يوجد توافق حولها بين "حماس" واسرائيل. وهذا ما يُعقد الأوضاع وسط جهود مضنية يبذلها الوسطاء للحفاظ على الهدنة الهشة ومنع عودة الأمور إلى نقطة الصفر. تزامنًا، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس أركان الجيش إيال زامير أبدى استعداده لإخراج نحو 200 مسلح فلسطيني من مدينة رفح (جنوبي قطاع غزة) مقابل استعادة جثة الجندي هدار غولدين المحتجزة لدى "كتائب القسام" منذ عام 2014. فيما جدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تأكيده بإنه "لن يخرج أي إرهابي من رفح" دون استعادة جثامين الأسرى، مطالبًا بـ"إبادة" "حماس" ودفن القتلى الإسرائيليين في إسرائيل. وتواصل الحركة جهودها لاستخراج رفات الرهائن الاسرائيليين ولكن الركام والدمار وغياب المعدات يصعب عملية العثور عليها. يُشار إلى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لفت إلى أن الجيش أبلغ عائلة الجندي إيتاي تشين بالتعرف على جثته، وذلك بعد ساعات من تسليم "حماس" الجثة إلى الصليب الأحمر الدولي في غزة.

وبتسلمها جثة الجندي إيتاي تشين مساء أمس، فإن إسرائيل تكون قد تسلمت منذ بدء الاتفاق 19 جثة أسير من أصل 28، معظمهم إسرائيليون، في حين ادعت تل أبيب سابقا أن إحدى الجثث المتسلَّمة لا تتطابق مع أي من أسراها، كما أنها تسلمت من "حماس" الأسرى الإسرائيليين العشرين الأحياء. وبإنتظار اغلاق هذا الملف الشديد الصعوبة، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن حصيلة الضحايا منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بلغت 240 شهيدًا و607 مصابين. أما في سياق الانتهاكات المستمرة، فقد نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار اليومين الماضيين عمليات نسف واسعة في أحياء سكنية شرقي مدينة خان يونس مع قصف مدفعي وغارات جوية بأكثر من 5 صواريخ شكّلت "حزامًا ناريًا" امتد على طول الشريط الشرقي للمدينة. على الصعيد الإنساني، حذّر رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أمجد الشوا، من استمرار المجاعة في القطاع، مشيرًا إلى أن المساعدات التي تدخل لا تغطي سوى 20 إلى 30% من الاحتياجات الأساسية. كما أكد برنامج الأغذية العالمي أن مليون شخص فقط تلقوا مساعدات غذائية، رغم أن العدد المستهدف يبلغ 1.6 مليون.

في التطورات السورية، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الرئيس ترامب يعتزم لقاء نظيره السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم الاثنين المقبل. وتعتبر هذه الزيارة الأولى لرئيس سوري على الاطلاق وتمهد لفتح صفحة جديدة والتأكيد على الدعم الذي تمنحه واشنطن للإدارة الجديدة. وكانت الولايات المتحدة اقترحت مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من شأنه أن يرفع العقوبات عن الرئيس الشرع، كما عن وزير الداخلية أنس خطاب. ولم يتضح على الفور متى قد يُطرح للتصويت، إذ يحتاج إقرار المسودة إلى تسعة أصوات مؤيدة على الأقل وعدم استخدام أي من الدول الخمس الكبرى حق النقض (الفيتو). ويأتي ذلك على وقع حثّ  المعنيين في الإدارة الأميركية إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا لإنتفاء اسبابها بعد سقوط النظام السابق ولكن ذلك يلقى اختلافًا في وجهات النظر. في إطار منفصل، بدأت في باريس محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية للأسمنت، بتهمة "تمويل تنظيم إرهابي" على خلفية أنشطتها في سوريا.

أما في السودان، فقد أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني، الثلاثاء، التعبئة العامة للقوات المسلحة، واستنهض الشعب للمساعدة في القضاء على تمرد قوات "الدعم السريع". في وقت أفادت "شبكة أطباء السودان"، تكدس جثث شمال كردفان، مؤكدة أنها "تتابع بقلق كبير ما يجري في مدينة بارا بولاية شمال كردفان من جرائم مروّعة ترتكبها قوات "الدعم السريع" بحق المدنيين العزّل"، مناشدة الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، التحرك فورًا لوقف هذه الانتهاكات، وفتح ممرات آمنة للمدنيين، وتمكين الأسر من دفن موتاها بكرامة. من جانبها، أكدت واشنطن أنها تتعاون مع دول أخرى لإنهاء الصراع في السودان، مؤكدة التزامها بتحقيق السلام هناك.

دوليًا، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تعمل على تطوير إمكاناتها النووية "مثل جميع القوى النووية الأخرى". وقال: "المطورون الروس يعملون على تطوير جيل جديد من الأسلحة والمعدات بما في ذلك في ساحات الاختبار"، مشددًا على أن بلاده "لا تشكل تهديدًا لأحد". وفي حدث بارز أخر، فاز زهران ممداني في سباق رئاسة بلدية مدينة نيويورك، على الرغم من كل حملات التهويل التي رافقت العملية من قبل الرئيس دونالد ترامب. وسيصبح ممداني (34 عامًا) أول رئيس بلدية مسلم لأكبر مدينة أميركية بعدما هزم الحاكم الديمقراطي السابق آندرو كومو (67 عاما)، الذي خاض السباق كمستقل بعد خسارته الترشيح أمام ممداني في الانتخابات التمهيدية.

وفي الجولة الصباحية على الصحف العربية الصادرة اليوم، موجزٌ حول اهم ما ورد فيها:

كتبت صحيفة "الخليج" الإماراتية "بعد سيول الدم، ومساحات الدمار الهائلة والجوع والحصار يدخل قطاع غزة في أخطر امتحان وجودي، وهو أكثر دهاء ومكراً، وهو امتحان الوعي المتعلق بالحق وتقرير المصير، حيث تتبدل أدوات الصراع من الإبادة إلى الوصاية، بمعنى أن المشروع واحد، وهو استمرار الإبادة بأدوات جديدة، من خلال ما يسمى "مجلس سلام" أو "سلطة انتقالية دولية"، مؤكدة أن "الشعب الفلسطيني، بدعم من الدول العربية، قادر على تولي أمره بنفسه، وصياغة مستقبله، وتحديد مساره وسياساته، وإعادة بناء مؤسساته، والمحافظة على مشروعه الوطني من دون وصاية من أي طرف، حالما يزول الاحتلال ويتوقف العدوان، ويتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا".

صحيفة "الدستور" الأردنية، بدورها، اعتبرت أنه "لا بدّ من العمل بشكل متواصل من اجل ضمان تجسيد الدور المحوري للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبما يضمن وحدة المؤسسات الفلسطينية وتعزيز الرابطة بين غزة والضفة الغربية، كأساس مهم للانتقال لمسار موثوق لتجسيد الدولة الفلسطينية، وتحقيق السلام الشامل ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله"، معلنة أنه "قد حان الوقت لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة"، وفق تعبيرها.

من جانبها، رأت صحيفة "الصباح" العراقية أن "جردة الحساب" النهائية لحصيلة عملية "طوفان الأقصى" لم يحن بعد، فالتداعيات لا تزال في أوجها وتبلوراتها لم تتخذ أشكالها النهائية، بل لربما يطول الوقت قبيل أن تفعل، ومع ذلك يمكن القول إن بعض تباشيرها قد بدأت في الظهور، مما يمكن ملاحظته على الساحة اللبنانية، التي كانت الأقرب للـ"الطوفان" بكل ما يعنيه الفعل من معنى". وقالت "تبدو الخيارات المتاحة أمام "حزب الله" ضيقة قياسا لاعتبارات عدة، بدءا من الانقسام الحاصل في الداخل اللبناني حيال مسألتي الصراع مع اسرائيل، واحتفاظ "حزب الله" بسلاحه، إلا أن ما يبدو على السطح ليس كافيا لرسم حقيقة المشهد". وخلصت إلى أن "تجربة "حزب الله" شكلت نموذجًا ناجحًا هو الأهم في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، ولذا فإن "اسرائيل" ترى أن كسر ذلك النموذج هو مهمة لا بديل عنها..".

أما صحيفة "اللواء" اللبنانية، فلفتت إلى أن "المشهد في بقية مناطق شمال الليطاني مثقلًا بالتحديات والتعقيدات. الأميركيون يعبّرون عن تذمّرهم من بطء العمليات العسكرية وغياب التقدّم الملموس، والإسرائيلي مستمر في التصعيد وتكثيف الغارات اليومية، فيما الحقيقة المرّة أنّ الجيش يعمل بإمكانات محدودة عديدًا وعتادًا تقنيًا ولوجستيًا في ظل غياب الدعم الخارجي الكافي لمساعدته في إنجاز مهمته ضمن مهلة معقولة"، مشددة على أن "إنّ استعادة هيبة الدولة لا يمكن أن تتحقق بالقرارات وحدها، بل بتوافر الإرادة السياسية الوطنية، وبمساندة جدّية للجيش الذي يشكّل الركيزة الأساسية لوحدة البلاد واستقرارها. فبدون تسليحه وتجهيزه ومنحه الغطاء السياسي، ستبقى حصرية السلاح شعارًا معلقًا في الهواء، فيما تظل الدولة في نظر الخارج "فاشلة"، وفي نظر الداخل عاجزة عن بسط سلطتها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن