صحافة

"المشهد اليوم"...لقاء بين الشرع وترامب اليوم ولبنان يتمسك بالتفاوضواشنطن ترصد تدفق مليار دولار من إيران إلى "حزب الله"وضغوط مكثفة لحل "أزمة رفح"

الرئيس اللبناني جوزاف عون مستقبلًا وفد الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة سيباستيان غوركا في قصر بعبدا مساء أمس.

تتجه الأنظار اليوم إلى البيت الأبيض الذي سيكون على موعد اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره السوري أحمد الشرع، في زيارة تعتبر "استثنائية" بكل المقاييس، لاسيما أن الأخير تحول في أقل من سنة من قائمة الارهاب وأبرز المطلوبين عالميًا إلى رئيس تُفتح له أبواب واشنطن. كما أنها تُعد أول زيارة من نوعها لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946 لتؤسس لصفحة جديدة من العلاقات بين البلدين بعد قطيعة طويلة، فيما ستكون قضايا وملفات "دسمة" وحاسمة على طاولة البحث وأهمها رفع العقوبات وإمكانية انضمام دمشق لاتفاقيات إبراهام وصولًا إلى توقيع اتفاقية للانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يضم 80 دولة، والذي سيمهد الباب أمام الحكومة السورية لتكون شريكًا رئيسيًا في محاربة تنظيم "داعش"، والتي طوال 14 عامًا من الحرب كانت تقع على عاتق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي أنشئت لهذه الغاية.

وعليه تجد اليوم دمشق نفسها امام اختبار حقيقي خاصة أنها تسعى لإلغاء قانون قيصر وتشجيع الاستثمارات في البلاد وجذب رؤوس الأموال والانطلاق في عملية إعادة الإعمار والتعافي المبكر، وهذا ما لا يزال دونه عقبات داخلية وخارجية يأمل الشرع في ان تكون محطة البيت الأبيض بابًا لإرساء تفاهمات وحلول بشأنها، خاصة مع الجانب الاسرائيلي الذي ومنذ سقوط النظام السابق قام بتوسيع نطاق توغلاته وانتهاكاته كما سعت تل أبيب إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد إلى جنوب دمشق. وتجري مفاوضات مباشرة برعاية اميركية، منذ فترة، وهدفها التوصل إلى إتفاقية أمنية توقف بموجبها اسرائيل ضرباتها واعتداءاتها ومشاريعها التوسعية في جنوب البلاد مقابل تفاهمات معينة ولكن دون الوصول إلى "تطبيع كامل"، لأن ذلك لن يكون في مصلحة الرئيس السوري الذي لا يزال تعيقه خلافات داخلية كبيرة واهمها مع "قسد" كما وجود نزعة عند بعض الدروز للاستقلال والحكم الذاتي ناهيك عن المطب الأكبر والمتمثل بوقف عمليات الانتقام والثأر التي غذاها نظام الأسد، من الأب إلى الابن.

وقد قطعت سوريا في فترة وجيزة اشواطًا كبيرة ويُنظر اليوم اليها كدولة تحاول لملمة نفسها والوقوف مجددًا "على رجليها"، فيما تلقى الادارة الجديدة دعمًا كبيرًا من السعودية وتركيا وقطر ومعظم دول الخليج العربي، التي فتحت أبوابها للشرع لأسباب كثيرة وأهمها وقف المدّ الايراني الذي تغلغل في السنوات الماضية في قلب العواصم العربية. وهذه النقلة النوعية كانت بارزة من خلال رفع واشنطن اسم الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قائمة الإرهاب، في وقت حرص الرئيس السوري على بدء زيارته "التاريخية" بلقاء جمعه مع ممثلي المنظمات السورية - الأميركية في الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، لفتت الرئاسة السورية إلى أن الشرع أشاد بمساهمة المنظمات في تعزيز الوعي بالقضايا السورية، وترسيخ حضورها الفاعل ضمن المجتمع الأميركي، مؤكداً أهمية دورهم في دعم القضايا الوطنية وتعميق الروابط مع البلد الأم.

الخطوات السورية يقابلها في الضفة الأخرى الأوضاع المتأزمة في لبنان خاصة مع التصعيد الاسرائيلي اليومي والخرق المستمر لاتفاق وقف النار المُبرم في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وتحاول الحكومة اللبنانية الضغط من أجل وقف تل أبيب اعتداءاتها بالتزامن مع محاولتها تطبيق قرار حصرية السلاح وبسط نفوذها على كامل أراضيها. وقد برزت في هذا السياق زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية إلى بيروت، بحضور نائب مساعد الرئيس الأميركي والمدير الأوّل لمكافحة الإرهاب سيباستيان غوركا ووكيل وزارة الخزانة الاميركية لشؤون الارهاب جون هيرلي، والمتخصّص بمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي رودولف عطالله، والذين حملوا رسالة واضحة بضرورة اسراع لبنان بسحب سلاح "حزب الله" ومنعه من إعادة بناء قدراته العسكرية مع التشديد على أهمية قطع الإمدادات المالية عنه. وقال هيرلي - قبيل وصوله - إن الولايات المتحدة "تسعى للاستفادة من فرصة سانحة في لبنان تستطيع فيها قطع التمويل الإيراني عن "حزب الله" والضغط عليه لإلقاء سلاحه". وذكر في مقابلة مع وكالة "رويترز"، أنّ إيران "تمكّنت من تحويل نحو مليار دولار إلى الحزب هذا العام، على الرغم من مجموعة من العقوبات الغربية التي أضرّت باقتصادها".

بدوره، شدّد الرئيس عون بعد لقاء الوفد الأميركي على ان لبنان يُطبق بصرامة الاجراءات المعتمدة لمنع تبييض الاموال أو تهريبها او استعمالها في مجال تمويل الارهاب، ويُعاقب بشدة الجرائم المالية مهما كان نوعها، موضحًا أنه يندرج في إطار هذه الاجراءات، اقرار مجلس النواب لقانون تعديل قانون السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، وكذلك التعاميم التي تصدر عن مصرف لبنان في هذا الشأن. وإذ أكد ضرورة الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة على لبنان وإلزامها تطبيق القرار 1701 والاتفاق الذي تم التوصل اليه في العام الماضي، جدّد الرئيس عون حديثه عن خيار التفاوض "الذي ينطلق من أن الحرب لم تؤدِ إلى اي نتيجة، إلا أن ذلك يحتاج إلى مناخات ملائمة أبرزها وقف الأعمال العدائية وتحقيق الاستقرار في الجنوب". ومن المرتقب أن يستكمل الوفد جولته اليوم الإثنين، بزيارة رئيس الحكومة نوّاف سلام، على أن يلي ذلك لقاءات ذات طابع تقني في مصرف لبنان ووزارة الماليّة.

ميدانيًا، شنّت مسيّرة إسرائيلية صباح الأحد غارة على سيارة في بلدة خربة سلم في جنوب لبنان. وأفادت المعلومات بأن الغارة استهدفت آلية "بيك أب" بـ3 صواريخ، قبل أن تُعلن وزارة الصحة عن مقتل شخص. وتزامن ذلك مع تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء منطقة مرجعيون؛ حيث نفّذ دورات دائرية على ارتفاع متوسط وسط تحليق مكثف لمسيّرات تجسّسية. وفي المنطقة الحدودية نفذت قوات الاحتلال عملية تمشيط واسعة باستخدام الأسلحة الثقيلة على أطراف بلدة علما الشعب، كما أقدم جيش العدو على عملية تجريف في الموقع المستحدث في جل الدير - جبل الباط عند أطراف عيترون. وكثفت تل أبيب في الآونة الأخيرة استهدافاتها على وقع اتهامها "حزب الله" بأنه استعاد عافيته وبالتالي لا يزال يشكل مصدر خطر وقلق عليها. في المقابل، يتمسك "حزب الله" بسلاحه ويرفض التفاوض المباشر مع اسرائيل وهو ما عبّر عنه عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن بالقول "إننا على درب الشهداء ماضون وثابتون، لن تُغيرنا العواصف والرياح، ولن تبدل في مواقفنا الضغوط والحصار والعقوبات".

وتزيد هذه المواقف من الضغوط الممارسة على لبنان في حين تجهد الوساطات الدولية بمحاولة منع جرّ البلاد إلى حرب جديدة لا يمكن أن يتحمل تبعاتها، لاسيما انه لم يتعافَ بعد من تداعيات الحرب الماضية ولم يستطع الحشد من أجل إعادة إعمار ما تهدم في الجنوب، الذي لا يزال أهله محرومون من العودة. وهذه المعطيات تأتي في وقت لا يزال اتفاق وقف النار في غزة يشهد المزيد من الخروقات وسط تعمد اسرائيل عدم المضي قدمًا في المرحلة الثانية التي تدفع من أجلها الدول الوسيطة وأهمها مصر التي تطالب مرارًا وتكرارًا بضرورة منع الهدنة الهشة من الانهيار وأهمية زيادة حجم المساعدات وفتح المعابر. هذا وتبرز الزيارة المرتقبة للمبعوثين الأميركيين، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، إلى إسرائيل بهدف البحث في إنهاء أزمة المقاتلين العالقين في مدينة "رفح" والذين ترفض تل أبيب السماح لهم بالعبور الآمن. وكانت "كتائب القسام"، أعلنت، في بيان، أنه لا يوجد في قاموسها "مبدأ استسلام أو تسليم النفس للعدو"، داعية الوسطاء لتحمّل مسؤولياتهم وإيجاد حل يضمن استمرار وقف إطلاق النار.

وإلى جانب أزمة المسلحين هناك لا يزال موضوع عدم تسليم بقية رفات الاسرائيليين على الرغم من الجهود التي تبذلها "حماس" لإغلاق هذا الملف، مؤكدة بأنها تحتاج معدات غير متوافرة من جهة كما أن حجم الركام والدمار الكبير يحول دون قدرتها على الاسراع في الكشف عن الجثث وتسليمها. وسلمت الحركة الفلسطينية أمس رفات الضابط هدار غولدن المختطف في غزة منذ عام 2014، والذي كان مدفونًا في رفح، ما اعتبر بأنه خطوة في طريق إمكانية إيجاد حل ما لأزمة رفح. ونقلت "القناة 12" العبرية عن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن إدارة الرئيس الأميركي مارست ضغوطًا على "حماس" في الأيام الأخيرة لإعادة رفات غولدن إلى إسرائيل بهدف منع اتفاق وقف النار من التداعي والعودة إلى الحرب. وبينما تتجه الأنظار إلى مواصلة قصف وحصار قطاع غزة، تتصاعد في الضفة الغربية موجة اعتداءات غير مسبوقة ينفذها مستوطنون إسرائيليون على المدن والقرى الفلسطينية، بحماية جيش الاحتلال، ووسط صمت دولي مريب. في إطار ذات صلة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيطلق صباح اليوم الاثنين مناورات عسكرية بالضفة ومنطقة الأغوار ومناطق أخرى، على أن تستمر لنحو 3 أيام.

في الأخبار العربية أيضًا، ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو وصل إلى القاهرة، أمس، على رأس وفد كبير يضم مسؤولين رفيعي المستوى في مجالي التسلح والطاقة النووية لإجراء محادثات عسكرية مع القيادة المصرية. وقالت الوكالة إنه من المقرر أن يلتقي شويغو الرئيس عبد الفتاح السيسي ومستشار الأمن القومي المصري ووزيري الخارجية والدفاع، إضافة إلى كبار مسؤولي الأمن والمخابرات. أما في السودان فالاوضاع تشهد المزيد من العنف والقتل الجماعي وسط تحذيرات من تدهور الأوضاع أكثر ومناشدات لوقف إطلاق النار. وكانت وزارة الخارجية المصرية، أفادت في بيان، أن الوزير بدر عبد العاطي بحث في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الوضع في السودان مشددًا على "ضرورة تهيئة الظروف لإطلاق عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوداني".

دوليًا، توصل مجلس الشيوخ الأميركي إلى اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي من شأنه استئناف التمويل الفدرالي وإنهاء الإغلاق الحكومي الذي امتد لأربعين يومًا في رقم قياسي. ووفق وسائل إعلام أميركية، فإن أعضاء مجلس الشيوخ توصلوا إلى اتفاق مؤقت لتمويل الحكومة حتى كانون الثاني/يناير المقبل بعد خلافات بشأن دعم الرعاية الصحية والاعانات الغذائية وقرارات الرئيس ترامب والمتمثلة بفصل موظفين فدراليين. في المقلب الآخر، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأحد، نقلًا عن مصادر قولها إن تهديد الرئيس الأميركي بالقيام بعمل عسكري ضد نيجيريا بسبب العنف ضد المسيحيين هناك فاجأ الجميع، حتى أولئك الذين تبنوا هذه القضية، بحسب تعبيرها.

وفي جولة اليوم على الصحف العربية، إليكم أبرز ما جاء في عناوينها ومقالاتها:

أشارت صحيفة "الغد" الأردنية إلى أن "إدارة ترامب تضغط بقوة على الدول الأعضاء في مجلس الأمن للموافقة على مشروع قرار تقدمت فيه، بخصوص إدارة وحكم قطاع غزة في المرحلة المقبلة، يستند في جوهره على المقترح الاميركي الذي وافقت عليه الأطراف المعنية بالصراع في الشرق الأوسط"، مؤكدة أن "مشروع القرار الأميركي في جوهره، يضع غزة تحت حكم الولايات المتحدة، وإسرائيل. ومن السذاجة الاعتقاد أن مهلة العامين الممنوحة للسلطة للحكم في غزة، كافية لإنجاز المهمات المطلوبة. بعد نهاية هذه الفترة ستعود واشنطن من جديد لمجلس الأمن لطلب تمديد مهمة القوات الدولية، وسلطة مجلس السلام، واللجنة الإدارية القائمة بمهمات إدارة شؤون القطاع، وغيرها من مستدرجات القرار الدولي".

الزيارة السورية كانت محور اهتمام صحيفة "الخليج" الإماراتية التي اعتبرت انها " تشكل نقلة سياسية مهمة لاستعادة دمشق دورها في المنطقة، ووضع حد لقطيعة طويلة وعزلة أديتا إلى تداعيات سلبية على مجمل الوضع السوري السياسي والاقتصادي، إذ إن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن تمثل محاولة إنهاء قطيعة الماضي ورسم مسار جديد لعلاقات دولية تتسم بالتوازن، وانفتاح على القوى الكبرى من دون الارتهان لها". وخلصت إلى أن " هناك جبال من التحديات أمام النظام السوري الذي يبحث في كل مكان عن الوسائل المتاحة للتغلب عليها من خلال طرق كل الأبواب عبر استثمار علاقاتها الجديدة، بالمحافظة على مسافة واحدة من الجميع، ومن دون الوقوع في فخ الاصطفافات.. لعله ينجح".

وعن الانتخابات العراقية تحدثت صحيفة "القدس العربي" التي رأت "أن الاتجاه العام للانتخابات لا يسمح بتغيير وازن على الخريطة السياسية للبلاد، وأن الحكومة المقبلة التي ستنتج عن هذا البرلمان الجديد لن تكون قادرة على تغيير فعلي في نمط الدولة الريعيّة للنظام السياسي، وأن الصراع الفعليّ سيكون متركزا على مكان آخر غير خدمة العراقيين". وقالت "يبدو تصويت ملايين العراقيين، بغض النظر عن الدواعي، تكرارًا لتجربة سبقت، سواء كان سببها الأمل بمستقبل أفضل، أو استجابة لتوجهات سياسية، والأغلب أن نتائج هذا التصويت ستكون رهانا على أي النفوذين، الأمريكي أو الإيراني سيتغلّب، وأن الأصوات الوطنية العراقية، التي تريد حكومة تنهي الفساد والنهب وسوء الخدمات وتبعد هيمنة النفوذ الأجنبي بشقّيه، قد تكون بين الأصوات المقاطعة، سواء اتباعا لقرار مقتدى الصدر، أو بداعي اليأس والسخرية"، على حدّ قولها.

وتحت عنوان "هواجس السلام في زمن الحرب"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "من زمن السادات حتى زيارة الرئيس أحمد الشرع الحالية تظل هواجس السلام حاضرة في الوجدان العربي، حيث لم تنفك اللقاءات المعلنة منها وما تم من وراء حجاب، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء". وأضافت "الحديث عن التطبيع مع إسرائيل حاضر عند الحديث عن سورية وعن لبنان أيضًا، وحتى حالة الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرّت 12 يومًا ذهب بعض المحللين إلى أنها تسوية على النار لعودة إيران إلى علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن