صحافة

"المشهد اليوم".. مجلس الأمن يُصَوِّت على "قوّة" غزّة وموسكو تُلَوِّح بالفيتووزير الخارجية السوري في الصين لأول مرة وإسرائيل تواصل "قضم" جنوب لبنان عبر "الجدار"


خيام لفلسطينيين منتشرة بكثافة في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

لا يترك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس أركان جيشه إيال زامير مناسبة أو فرصة إلا ويكرران تهديدهما باستئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة، وذلك بالتزامن مع إفشال كل المطالبات الداعية للشروع بالمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تضغط إدارته من أجل منع الهدنة الهشة من الانهيار واستحصال موافقة مجلس الأمن الدولي لإنشاء قوة دولية مؤقتة في غزة، تُعرف باسم قوة الاستقرار الدولية (ISF)، ضمن خطة شاملة لإعادة بناء القطاع وتأمينه حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية التمديد.

ويصوت مجلس الأمن بعد ظهر اليوم، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بظل مخاوف من استخدام روسيا حق النقض (الفيتو)، إذ سبق لموسكو أن قامت بتوزيع مشروع مضاد الأسبوع الماضي، وفحواه دعوة الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء مثل هذه القوة مع حذف الإشارة إلى "مجلس السلام" بقيادة الرئيس ترامب. وكانت مباحثات "عسيرة" حصلت على مراحل بظل اختلافات حادة في وجهات النظر بين الدول، لاسيما ان الصين وروسيا وعددًا من الدول العربية تنظر "بريبة" إلى هذه المسودة وتخاف من تحول هذه القوة إلى وصاية دائمة. وهو الكلام عينه الذي جاء على لسان الفصائل والقوى الفلسطينية التي أبدت اعتراضها الكامل، معلنة رفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو قواعد دولية داخل قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك يمثل مساسًا مباشرًا بالسيادة الوطنية.

وفي بيان صدر مساء الأحد، رفضت الفصائل أي بند يتعلق بنزع السلاح أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة، مشددة على أن أي نقاش بهذا الخصوص يجب أن يبقى شأنًا وطنيًا مرتبطًا بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال. وهيمنت الانتقادات يعني ان التوافق بات بعيد المدى في وقت تصعّد تل أبيب من عملياتها وتنتهك الاتفاق المبرم وتعيق عمليات الاغاثة ودخول المساعدات، التي تستخدمها كسلاح لاستكمال حرب الإبادة المتواصلة منذ عامين. في الأثناء، قال نتنياهو إنه "لا يعرف إلى متى سيستمر وقف إطلاق النار"، موضحًا أن إسرائيل "لا يمكنها التخلي عن مرحلة جعل غزة منطقة منزوعة السلاح"، كما لفت إلى أن هذا البند ستتم مناقشته في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت). وبحسب العديد من وسائل الاعلام الاسرائيلية، فإن الأخير قرر "ابتداع عثرة" ووضعها أمام المفاوضات وهي ربط الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق ببدء عملية نزع سلاح "حماس"، رغم بقاء جثث 3 من الأسرى الإسرائيليين داخل القطاع.

تصريحات نتنياهو لم تختلف عن تلك التي أطلقها رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي أكد فيها أن "حكم حماس لن يستمر حتى لو استغرق الأمر وقتًا"، وأن الجيش يستعد "لهجوم واسع" لاحتلال مناطق تقع خلف ما بات يُعرف بـ"الخط الأصفر"، علمًا أن الاحتلال لا يزال يسيطر على 53% من مساحة القطاع ويخنق أكثر من مليوني نازح في بقعة جغرافية ضيقة محاطة بالركام والدمار المهول. هذا وسلمت إسرائيل، أمس، قائمة بأسماء 1468 فلسطينيًا اعتقلتهم خلال الحرب وأبقت مصيرهم مجهولًا دون أن تقدم أي معلومات عنهم. وأوضحت مصادر من "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى لـ"الشرق الأوسط" أن القائمة التي سلمتها إسرائيل لا تعني أنه سيُفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، أو أن هناك اتفاقًا معينًا بشأنهم، بل إن الهدف الأساسي هو معرفة مصيرهم. وكانت تل أبيب سلمت أكثر من 300 جثمان لفلسطينيين استشهدوا تحت التعذيب وتم دفنهم في مقابر جماعية بعد صعوبة التعرف على أكثر من نصفهم نتيجة التشويه والتنكيل.

في غضون ذلك، صادقت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، على بدء إجراءات تشكيل "لجنة تحقيق" هدفها البحث في ظروف وقوع أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوب 2023 وتحديد المسؤوليات والجهات التي لم تقم بواجباتها في منع تنفيذ مثل هذا الهجوم الذي وصف بـ"المباغت". وهذه الخطوة تأتي لامتصاص الغضب الشعبي ومطالبات المعارضة الاسرائيلية بالتحقيق خاصة بعد اتهامات بوجود تقصير وتلكؤ "متعمد" أدى إلى ذلك وبظل مناشدات، وتحديدًا من عائلات الأسرى الاسرائيليين، لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إطالة أمد الحرب وعدم التوصل لاتفاق ينقذ ذويهم من الخطر. على المقلب الأخر، قدمت النيابة العامة الإسرائيلية لائحة اتهام إلى المحكمة المركزية في حيفا ضد شخص يُدعى شمعون أزرزر (27 عامًا) وزوجته، تتهمهما فيها بنقل صور ومعلومات عن مواقع ومنشآت إسرائيلية "حساسة" إلى الاستخبارات الإيرانية. وتُعّد هذه القضية خامس لائحة اتهام خلال الشهر الحالي ضد مواطنين إسرائيليين بتهمة التجسس لصالح طهران.

التهديدات الاسرائيلية والمخاوف المتكررة من عودة الحرب تهيمن أيضًا على لبنان الذي يحاول تجنب تجرع مثل هذه الكأس مرة أخرى. ولكن المعطيات والظروف تشير إلى أن تل أبيب تسعى إلى المزيد من تكثيف العمليات العسكرية وهي مهدت الأرض لذلك من خلال اتهام "حزب الله" بأنه استعاد عافيته واستجمع قواه. وفي اخر مستجدات الاعتداءات على لبنان، شنّ الطيران الحربي غارةً على سيارة في بلدة المنصوري، ما أسفر عن سقوط شخص، وهو مدير "مدرسة المنصوري الرسميّة" محمد علي شويخ. تزامنًا، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، ومن بينها القناة 13، إلى أن الجيش والمنظومة الأمنية الإسرائيلية أصدرت توصية للحكومة بتنفيذ عملية عسكرية ضد "حزب الله" تمتد لأيام، يأتي ذلك على وقع المزيد من المناورات والتدريبات التي يجريها جيش الاحتلال في محاكاة لخوض معارك برية ضد الحزب.

وإلى جانب هذه الانتهاكات اليومية، تستكمل اسرائيل أعمال بناء إضافية لجدار جنوب شرقي بلدة يارون، متخطية "الخط الأزرق"، وفق ما سبق أن أعلنت عنه قوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب والتي وصفت الأمر بأنها "انتهاك صارخ للقرار 1701". وخلال الساعات الماضية تعرضت قوة من قواتها إلى إطلاق نار بشكل مباشر من القوات الاسرائيلية مما أثار غضبًا كبيرًا بسبب تعمّد تل أبيب القيام بمثل هذه الاستفزازات المتكررة. وأصدرت "اليونيفيل" بيانًا أوضحت فيه ملابسات ما جرى، حيث قالت "هذا الصباح (الأحد)، أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي النار على قوات حفظ السلام التابعة لـ(اليونيفيل) قرب موقع أقامته إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية"، مشيرة إلى أن "طلقات رشاشة ثقيلة أصابت قوات حفظ السلام على بُعد نحو خمسة أمتار، وكان الجنود يسيرون على الأقدام واضطروا للاحتماء في المنطقة".أما الجيش اللبناني فقد استنكر الاعتداءات التي وضعها في إطار زعزعة الاستقرار وعرقة استكمال انتشاره في الجنوب. يُذكر أنه وفي وقت لاحق برّر الجيش الإسرائيلي الحادثة بأنه لم يطلق النار "عمدًا" وأنه اعتقد أن الجنود الأمميين "مشتبه بهم".

ومن لبنان وظروفه المعقدة إلى الأحداث السورية التي تلفت الانظار مع قيام حكومة الرئيس احمد الشرع بتوسيع مروحة علاقاتها الخارجية وتبديد الهواجس واغلاق صفحة الماضي بكل تشعباتها. فبعد موسكو بدأ وزير الخارجية أسعد الشيباني زيارة إلى الصين، هي الأولى من نوعها، وتأتي بهدف إجراء مباحثات مع عدد من المسؤولين هناك، خصوصًا أن الحكومة الحالية تهدف إلى تصفير الخلافات وإيجاد قواسم مشتركة وحلّ العقد. وتلعب الصين دورًا بارزًا بصفتها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن وتمتلك حق "الفيتو" كما لها مقدرات اقتصادية وتكنولوجية كبيرة. ويعول على هذه الزيارة في التخفيف من حدة الخلافات التي راجت في المرحلة السابقة خاصة أن الصين تتخوف من وجود مقاتلين أجانب داخل دمشق وقدرتهم على تعزيز نفوذهم، لاسيما الإيغور الصينيين، وتخشى من تحول سوريا إلى منصة تهدد الأمن داخل بلادها، وهو ما نبه له سفير الصين لدى الأمم المتّحدة فو كونغ في جلسة لمجلس الأمن، في تموز/ يوليو الماضي.

إلى ذلك، بحث وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أمس الأحد مع وفد عسكري روسي رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف سُبل تعزيز التعاون العسكري وآليات التنسيق بين الجانبين، في زيارة وُصفت بأنها من أكبر الوفود الروسية التي تصل دمشق منذ سنوات. الخطوات الانفتاحية المهمة التي تقوم بها سوريا تترافق مع أوضاع معقدة داخليًا بظل جهود للتوصل إلى اتفاقيات وحلحلة العقد التي تحول دون عودة الاستقرار واستتباب الأمن. وفي هذا السياق، أعلنت اللجنة التي كلّفتها السلطات السورية بالتحقيق في أحداث السويداء، أنها لم تتمكّن بعد من دخول المدينة بعد مرور أكثر من 4 أشهر على أعمال العنف التي وقعت هناك بين مسلحين من الطائفة الدرزية وأخرين من العشائر العربية (البدو)، مشيرة إلى أنها طلبت تمديد عملها شهرين إضافيين.

على المقلب الإيراني، وجَّه كبار الدبلوماسيين الإيرانيين رسائل في غاية "الوضوح" إلى الإدارة الأميركية، بشأن موقف طهران من استئناف المفاوضات المتوقفة منذ شنّ حرب الـ12 يومًا عليها من قبل القوات الاميركية والاسرائيلية، معلنة جاهزيتها لردع أي تجدد محتمل للحرب مع إسرائيل. وهذه الخلاصة يمكن استنتاجها من كلام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي قال في منتدى طهران للحوار، إنه "لا يوجد بديل للدبلوماسية"، مشددًا على أن الدعوات بشأن استئناف التفاوض "بدأت من جديد بشكل طبيعي، بعد أن اتضح أن العمل العسكري لم يحقق أهدافه". بدوره، قال كبير مستشاري المرشد الإيراني في السياسة الخارجية كمال خرازي، إن بلاده "لن تستسلم أبداً"، موجهًا كلامًا إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، داعيًا إياه إلى "مفاوضة حقيقية مع إيران؛ مفاوضة تقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ المساواة. نحن لا نهرب من التفاوض، لكن لن ندخل مفاوضات تُفرض بالقوة أو الحرب"، بحسب تعبيره.

وفي سياق متصل، أشار الرئيس ترامب إلى أن الجمهوريين يعكفون على إعداد مشروع قانون يقضي بفرض عقوبات على أي دولة تتعامل تجاريًا مع روسيا، مشيرًا إلى أن إيران قد تُضاف إلى تلك القائمة. أما في المشهد السوداني المشتعل، فتستمر المعارك العنيفة والدامية بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (جنوب غربي البلاد)، وسط مناشدات أممية ودولية مستمرة بحماية المدنيين العُزل والتحقيق بإرتكاب "قوات الدعم" مجارز جماعية ترقى إلى جرائم حرب.

هذه المعطيات وغيرها عكستها الصحف العربية الصادرة اليوم في عالمنا العربي. وهنا نظرة موجزة عن أبرز ما ورد فيها:

علّقت صحيفة "الصباح" العراقية على نتائج الانتخابات العراقية بالاشارة إلى أن "طهران تبدو أكثر قلقًا من أي وقت مضى. فبعد أن كانت تحتفل – ولو بصمت – بضمان نفوذها مع كل حكومة عراقية منذ عام 2010، فإنها تراقب انتخابات 2025 بقلق ظاهر". وأضافت " المشهد السياسي العراقي في الأسابيع المقبلة سيكون ميدانًا مزدوجًا للتنافس الخارجي والمناورة الداخلية. فالقوى الدولية تحاول التأثير على اتجاهات تشكيل السلطة، فيما تحاول القوى المحلية تأكيد حضورها واستثمار اللحظة السياسية لضمان بقائها في لعبة السلطة ومغانمها... إن ما ستشهده بغداد في المرحلة المقبلة لن يكون مجرد مفاوضات تشكيل حكومة، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام السياسي العراقي على التكيّف مع تحولات الداخل وتوازنات الخارج في آنٍ واحد".

الوضع الغزاوي الحالي تناولته صحيفة "الخليج" الإماراتية التي أشارت إلى أن "مشروع القرار المتعلق بالقوة الدولية في حال إقراره سوف يواجه تحديات كبيرة، طالما أن إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية، وتصرّ على مواصلة العدوان والاحتلال، وبالتالي سوف يلحق القرار ببقية القرارات المماثلة التي صدرت عن مجلس الأمن أو عن الأمم المتحدة، وهذا بحد ذاته سوف يشكل تحديًا للإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب تحديدًا"، مشددة على أن "الولايات المتحدة التي توفر كل أشكال الدعم لإسرائيل سوف تجد نفسها في مواجهة تحدي حليف له أهدافه الخاصة التي تتجاوز أهدافها، ويرى أنه قادر على فرض أمر واقع لتحقيق طموحاته التوراتية من خلال الحسم العسكري من دون أي دعم أمريكي أو غير أمريكي"ـ على حدّ قولها.

الموضوع عينه تطرقت إليه صحيفة "الأهرام" المصرية التي أكدت أن "الجانب الأمريكي حتى الآن لا يمتلك رؤية واضحة ومتماسكة ومحددة بشأن تنفيذ خطة ترامب، فالنجاح الوحيد الذي تحقق هو وقف إطلاق النار وصموده، رغم الخروقات الإسرائيلية، بسبب الضغوط الأمريكية والجولات المكوكية التي قام بها مبعوثو ترامب لإسرائيل لمنع انهيار الاتفاق"، موضحة أن " نجاح خطة ترامب يتطلب إرادة حقيقية أمريكية وتوافقا إقليميا ودوليا بشأن مستقبل غزة وضمانات دولية تحت مظلة الأمم المتحدة وفي الإطار الذي يقود إلى حل الدولتين، بينما تظل حسابات إسرائيل و"حماس" المتناقضة هي التحدي الأكبر لخطة ترامب".

الزيارة السعودية – الأميركية كانت محور اهتمام صحيفة "عكاظ" السعودية التي قالت "ليست مبالغة عندما نقول إن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن تختلف في معناها وأهدافها وأثرها وتأثيرها عن أي زيارة سعودية سابقة لأمريكا"، معللة السبب بأن "توقيت الزيارة يأتي في ظل متغيرات كبرى تعم العالم، كما أن الزائر يحمل ملفات مختلفة استوجبتها المرحلة الجديدة التي تعيشها المملكة منذ بداية تدشين الرؤية الوطنية المليئة بالطموح العالي، وهي المرحلة التي تغيرت فيها مفاهيم إدارة الوطن، وتغيرت أساليب العلاقات مع الدول بما يحقق المصلحة الوطنية أولاً، وبعد أن أثبتت المملكة أنها لاعب قوي ومؤثر في السياسة الدولية لتحقيق التوازنات الإيجابية وتكريس الأمن والسلام وإطفاء النزاعات والحروب، والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد العالمي كدولة وازنة يُحسب لقراراتها حساب كبير".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن