صحافة

‎لماذا لا ترد حماس وحزب الله على العدوان؟!

عماد الدين حسين

المشاركة
‎لماذا لا ترد حماس وحزب الله على العدوان؟!

كيف يمكن تفسير صمت حركة "حماس" وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية على الخروقات الإسرائيلية اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في العاشر من أكتوبر الماضي، طبقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بندًا؟! هل هناك بند سري ينص على أن من حق إسرائيل أن تواصل اعتداءاتها، دون أن يكون للمقاومة الفلسطينية حق الرد؟ وإذا كان هذا البند موجودا فلماذا قبلته المقاومة أم أنه بند عرفي غير مكتوب؟

‎نسأل هذا السؤال لأن إسرائيل تصعد من اعتداءاتها وخروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار منذ التوصل إليه في 10أكتوبر الماضي في شرم الشيخ، في حين ظن الكثيرون أن الحرب انتهت والعدوان توقف، ونعلم أنها استهدفت رئيس أركان "حزب الله" علي طبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت في أخطر خرق للاتفاق. طبقا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، يوم الأحد الماضي، فإن الاعتداءات الإسرائيلية منذ وقف إطلاق النار الشكلي بلغت حتى يوم 18 نوفمبر الحالي 393 خرقا، وأدت إلى استشهاد 279 شهيدا وإصابة 652 جريحا، واعتقال 35 مواطنا، علما بأن العدوان الإسرائيلى الذى استمر عامين على قطاع غزة خلف 69756 شهيدا و170946 مصابا، إضافة إلى تدمير أكثر من 75٪ من مبانى ومنشآت القطاع وتحويله إلى مكان لا يصلح للحياة لفترة طويلة.

‎وبالقياس نفسه فإن إسرائيل ومنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع "حزب الله" في لبنان في نوفمبر من العام الماضي، وطبقا لإحصائيات قوة الأمم المتحدة في لبنان "يونيفيل" فإنها سجلت أكثر من عشرة آلاف انتهاك إسرائيلي جوي وبري داخل الأراضى اللبنانية، عبارة عن 7500 انتهاك جوي و2500 انتهاك بري شمال الخط الأزرق إضافة لاستمرار إسرائيل في احتلال بعض النقاط الاستراتيجية في الجنوب اللبناني ومنع السكان اللبنانيين من العودة للعديد من قراهم التي قامت بتسويتها بالأرض، علما بأن العدوان الإسرائيلي على لبنان خلف أكثر من 4 آلاف شهيد و17 ألف مصاب. نعود للسؤال الذي بدأنا به وهو: لماذا تصمت حركة "حماس" و"حزب الله" عن الرّد على الاعتداءات الإسرائيلية؟!

‎الإجابة البسيطة أن الحركة والحزب تعرضا لضربة شديدة الصعوبة يمكن أن نصفها بـ"القاصمة"، بحيث إنهما لم يعودا قادرين على الرّد على الخروقات الإسرائيلية. السؤال: هل الاحتجاجات والشكاوى للوسيط "الوهمي" الأمريكي ستوقف هذه الخروقات؟! الإجابة هي: لا، ليس فقط لأن الإدارة الأمريكية شريك أساسي وفاعل في العدوان على المنطقة بأكملها، ولكن لأن أمامنا نموذج اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان الموقع بوساطة وضمانات أمريكية وفرنسية، ولكن إسرائيل لم تتوقف عن العدوان، والضامنون لم يتدخلوا إطلاقا لوقف هذه الاعتداءات.

‎وبالتالى وقياسا على الحالة اللبنانية وآخرها استهداف الطبطبائي، فأغلب الظن أن الولايات المتحدة، لن تتدخل إلا نادرا لوقف العدوان الإسرائيلي، لأنه من الواضح وخلال مداولات ما قبل مفاوضات وقف إطلاق النار، فإن الولايات المتحدة منحت إسرائيل حق التدخل ومواصلة الاعتداءات تحت دعاوى وحجج ومبررات مختلفة. مجرد وجود ما يُسمى بـ"الخط الأصفر"، يتيح لإسرائيل العمل بحرية كاملة ضد الفلسطينيين فى أكثر من نصف مساحة القطاع، ليس فقط لاغتيال قيادات وعناصر المقاومة، أو حتى كل من تشك فيه، ولكن للهدم الممنهج للبيوت والمنشآت خصوصا فى رفح بحيث تصير الحدود بين مصر وغزة أراضى قاحلة جرداء، مما يسهل من عملية مراقبتها والسيطرة عليها عسكريا وتكنولوجيا.

‎السؤال مرة أخرى وبصيغة معدلة: لماذا لا تقوم حركة "حماس" بالرد العسكري على الاعتداءات الإسرائيلية ما دامت الأخيرة لا تلتزم بما تم الاتفاق عليه؟ الإجابة ببساطة: لأن حركة "حماس" لم تعد تملك الإمكانيات والموارد اللازمة لمواجهة إسرائيل.. هذا أولا، وثانيا إن إسرائيل تواصل خرق الاتفاق حتى تجبر "حماس" على القيام بأي ردود وبالتالي تستطيع إسرائيل في هذه الحالة القول إن "حماس" لم تفكك بنيتها العسكرية، ولم تنزع سلاحها، ولا تزال تملك الأسلحة وكل ذلك يخالف بنود الاتفاق الواضحة والمنحازة لإسرائيل، وبالتالي سيكون لدى إسرائيل مبرر طبقا للاتفاق في استئناف العدوان.

‎وأغلب الظن أن نموذج ما تفعله إسرائيل في لبنان أولا، والآن فى قطاع غزة، هو ما تريد تعميمه في كل المنطقة، أي حرية الحركة والاعتداءات وأبرز دليل على ذلك ما تفعله في سوريا حيث تواصل العدوان بكل الطرق وتحتل مساحات جديدة في سوريا، والأغرب أنها تريد اتفاقا للسلام مع دمشق لا يعيد للأخيرة أراضيها أو حتى تلك المحتلة مؤخرا.

‎إنه سلام البطش والإخضاع....

(الشروق المصرية)

يتم التصفح الآن