صحافة

"المشهد اليوم".. غاراتٌ إسرائيليّةٌ جنوبًا ولبنان يَسْعى لإبعادِ "شبحِ الحرب"!العراق يُصَنِّفُ "حزبَ الله" و"الحوثي" على قائمةِ الإرهابِ و"يَتَراجَع".. ومقتل "أبو شباب" في غزّة


من مشاهد عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

تسعى اسرائيل إلى مواصلة ضغطها على لبنان من خلال استمرار الضربات العسكرية وإنذارات الإخلاء التي طالت أمس منازل ومناطق سكنية، رغم مرور يوم واحد فقط على بدء المفاوضات "المدنية" الاولى من نوعها بين الجانبين، في خطوة تُعدّ في غاية الأهمية والدقة نتيجة التعقيدات الحالية. وإن كان هدف لبنان الرسمي تنفيس الاحتقان وإبعاد شبح الحرب، إلا أن لتل أبيب رأي أخر، فهي تريد للمباحثات أن تكون تحت النار والتهديد بهدف دفع الحكومة للتشدّد اكثر نحو "حزب الله" وسحب سلاحه كما تأليب الرأي العام اللبناني الداخلي ضده، بإعتبار أن ما يحصل اليوم هو نتيجة لمعضلة سلاحه الذي يضعه البعض في إطار خدمة المشروع الايراني الخارجي.

وهذه الخطوات الاسرائيلية تتماشى مع المطالب التي تطرحها الادارة الاميركية عينها التي تريد تقليم أظافر ايران في المنطقة والحدّ من نفوذها، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال الضغوط التي تُمارس أيضًا على العراق بهدف إنهاء ما تسميه "حالة المليشيات الايرانية" تمامًا كما السعي المتواصل لنزع سلاح "حماس" وانهاء وجودها العسكري في قطاع غزة. وهذه المعطيات لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، دون أن نغفل ما يجري في سوريا أيضًا، لأن "المشروع الاميركي – الاسرائيلي" يبدو اليوم في أوجه وهو يعيد ترتيب المنطقة وتغيير موازين القوى التي سادت في الفترة الماضية. ولهذا يردّد البعض أن ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر لم يعد كما قبله لأن المنطقة برمتها دخلت في أتون نفق طويل من الصراعات والنزاعات العسكرية ولكن بأهداف اقتصادية ايضًا. فالمطامع بالموارد الطبيعية من غاز ونفط لا يمكن تحييدها عما يتم الإعداد له من سيناريوهات تجد معها الدول نفسها مضطرة للتفاوض بدلًا من البقاء في حالة حرب.

ومن هذا المنطلق تجسدت الرؤية اللبنانية التي أكد عليها رئيس الجمهورية جوزاف عون، خلال جلسة للحكومة أمس، من خلال تشديده على أنه "لا تنازل عن سيادة لبنان عند الوصول إلى اتفاق مع إسرائيل"، واضعًا ما يجري في إطار "المساعي الحالية الهدافة إلى إبعاد البلاد عن "شبح حرب ثانية". وإذ أوضح أن الجلسة الأولى للمفاوضات مع إسرائيل، أول من أمس الأربعاء، في منطقة الناقورة جنوبي البلاد مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الجاري، أكد ضرورة أن تسود لغة التفاوض بدل الحرب. وكان السفير اللبناني السابق المحامي سيمون كرم ومدير السياسة الخارجية بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوري رسنيك انضما إلى اجتماع اللجنة بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، في خطوة رحبت بها الولايات المتحدة وفرنسا المشاركتان في لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

أما في اسرائيل، فعلى الرغم من مسارعة مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الاعلان عن "نتائج ايجابية" إلا أن المعطيات الميدانية على الأرض لا تشي بالكثير مع إصدار المتحدث الرسمي باسم الجيش أفيخاي أدرعي، تحذيرًا لسكان قرى محرونة وبرعشيت والمجادل (جنوب نهر الليطاني) وجباع (شمال الليطاني) بإخلاء تلك المناطق إلى مسافة لا تقل عن 300 متر؛ كون الجيش "سيهاجم على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لـ"حزب الله" في أنحاء جنوب لبنان". ومع تنفيذ تهديداته ووضعه هجماته في إطار منع "استخدام الأبنية المدنية لأغراض عسكرية"، يريد الاحتلال ايصال رسالة مفادها بأن المسار العسكري مستمر على وقع المفاوضات التي لن تشكل أداة لخفض التصعيد. وعليه، تسعى إسرائيل إلى العمل في الملفّ اللبناني على مسارين: مسارٍ عسكريّ تواصل من خلاله هجماتها على "حزب الله" وصولًا إلى نزع سلاحه، وآخر دبلوماسي تُناقَش فيه اتفاقات أساسية سياسية واقتصادية ومدنية مستقبليّة مباشرة مع لبنان عبر لجنة "الميكانيزم".

وفي موازاة المسار التفاوضي، برزت إشارة لافتة من باريس، إذ قال وزير الخارجية جان نويل بارو، إن "لبنان شهد أولى المناقشات منذ أربعين عامًا بين مسؤولين مدنيين لبنانيين وإسرائيلين، وذلك في إطار الآلية الفرنسية الأميركية لمراقبة وقف إطلاق النار"، مؤكدًا أن هذه الخطوة "مهمة لتفادي تصعيدٍ جديدٍ ودفع مسار السلام قدمًا". وأضاف بارو أنّ المبعوث الفرنسيّ جان إيف لودريان سيزور بيروت يوم الإثنين "لمتابعة الجهود المبذولة في هذا المسار"، في إشارة إلى إصرار باريس على أن تكون شريكًا رئيسيًا في ما يجري انطلاقًا من علاقتها بلبنان كما بهدف ربط الاجتماعات الحاصلة بمظلة دولية. وبإنتظار ما ستحمله الأيام المقبلة على هذا الصعيد بظل ضرورة وضع "أمال متواضعة" بشأن إمكانية تحقيق الكثير بظل المطامع الاسرائيلية والشروط التي ستفرضها على لبنان الذي لا يبدو في موقع قوة نتيجة الأوضاع التي يمرّ بها على مختلف المستويات.

وما يجري في هذا البلد الصغير جغرافيًا لا يمكن أن يكون بمنأى عن تطورات الاقليم، وضجت أمس وسائل الاعلام بالخبر الذي نزل كـ"الصاعقة" والمتمثل بالإعلان عن تجميد أموال "حزب الله" اللبناني، وجماعة "الحوثي" في اليمن، باعتبارهما مجموعتين "إرهابيتين"، قبل أن تتراجع الحكومة العراقية، وتقول إنه "خطأ غير منقّح" سيتم تصحيحه. وكانت جريدة "الوقائع" الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة يمكن وضعها في إطار تناحر المشروعين الاميركي والايراني في بغداد. فمن الواضح أن واشنطن تجهد من أجل تقويض دور طهران التي لا يبدو أنها مستعدة للتخلي عن العراق، لاسيما انها لا تزال تمتلك أوراق قوة تعطيها قدرة على التدخل في الشؤون الداخلية ومنها فشل الأحزاب الشيعية حتى اللحظة بإختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة. يُذكر أن لجنة تجميد الأموال أكدت ان القائمة محصورة بأسماء مرتبطة بتنظيمي "داعش" و"القاعدة" امتثالًا لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

هذا "السهو" العراقي يأتي على وقع محاولات بغداد تحييد البلاد عن صراعات النفوذ الدائرة حاليًا خاصة بظل ما يمرّ به النظام في ايران من تحولات دراماتيكية بعد إعادة فرض العقوبات الأممية وعدم التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي، ناهيك عن السياسات الأميركية والاسرائيلية الواضحة في هذا الإطار. وكان سقوط النظام السوري شكل ضربة "قاصمة" لطهران خاصة أن العلاقات مع الإدارة الجديدة "شبه مقطوعة" وأن ما استثمرته طوال سنوات لبقاء نظام بشار الأسد "ذهب مع الريح". وتأخذ دمشق خطوات كبيرة بهدف تثبيت الاستقرار وفك العزلة الدولية عنها وتصفير خلافاتها وإعادة تعريف علاقاتها، كما جرى من خلال الزيارة إلى روسيا والصين، التي هدفت إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين. واستقبل أمس، الخميس، الرئيس أحمد الشرع وفدًا من ممثلي 15 دولة في مجلس الأمن في قصر الشعب بدمشق لإجراء مباحثات. وتفقد الوفد عددًا من المواقع التاريخية والتراثية في دمشق القديمة، منها الجامع الأموي، في زيارة وضعت في إطار إظهار "تضامن المجتمع الدولي ودعمه سوريا".

ومن سوريا ومستجداتها إلى الأوضاع في غزة بعد تسليم "حماس" كل جثث الأسرى الاسرائيليين الذين كانوا محتجزين لديها، ما عدا جثة واحدة لا يزال البحث عنها متواصل بين الركام والدمار. في وقت نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس دونالد ترامب يعتزم إعلان الانتقال للمرحلة الثانية من عملية السلام في غزّة قبل عيد الميلاد. وبحسب الموقع عينه، فإن مجلس السلام الذي يرأسه ترامب سيتولى رئاسة الهيكل الحاكم في غزة وأن واشنطن والوسطاء يريدون توفير كل العناصر اللازمة للتوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية. وتدفع الولايات المتحدة من أجل تطبيق الخطة التي تم الاتفاق عليها بينما تواصل تل أبيب خروقاتها وغاراتها مرتكبة المزيد من المجازر الوحشية بحق السكان والأهالي. وتختلق اسرائيل الأسباب من اجل مواصلة عملياتها العسكرية واستكمال نسف ما تبقى من مبانٍ ومنازل سكنية بينما توسع من سيطرتها على ما يقارب نصف مساحة القطاع.

تزامنًا، لا يزال الغموض يكتنف طريقة مقتل قائد المليشيا المسلحة ياسر أبو شباب، المعروف بتعامله مع العدو الاسرائيلي. ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الجهات الأمنية الإسرائيلية تخشى أن يعزّز مقتل أبو شباب قوة حركة "حماس" في غزة مما سيضعف فرص المشروع الإسرائيلي الهادف إلى استخدام المليشيات بديلًا سلطويًا - عسكريًا ضمن خطة "اليوم التالي". أما إذاعة الجيش فقالت إن أبو شباب كان أعلن عن تعاونه مع إسرائيل، وأنشأ أول مجموعة مسلحة ضد "حماس" في جنوب قطاع غزة، وقد تعرّض لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين. وأضافت الإذاعة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث مرتبط بـ"نزاع داخلي"، دون تقديم تفاصيل إضافية.

إلى ذلك، تحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى "الشرق الأوسط" عن تزايد في معدلات القلق من عملية اغتيال تستهدف المستوى القيادي لـ"حماس"، خصوصًا بعد اغتيال المسؤول البارز في "حزب الله"، هيثم علي طبطبائي. وبيّنت المصادر أن قيادة الحركة منذ محاولة الاغتيال التي جرت في الدوحة زادت من إجراءاتها الأمنية، في ظل الاقتناع بأن "إسرائيل ستواصل تتبع القيادات ومعرفة أماكنهم، من خلال أساليب مختلفة أهمها التكنولوجية المتطورة". المخاوف من محاولات تل أبيب عرقلة الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب يقابلها العمليات المستمرة في الضفة الغربية المحتلة وتوسيع إطارها بالتزامن مع عنف المستوطنين "غير المسبوق". وأصيب فلسطينيون جراء الاعتداءات المتواصلة مع تجدد الاقتحامات وحملات الاعتقال في العديد من المدن والقرى. وفي سياق متصل، قرر نتنياهو تعيين سكرتيره العسكري رومان غوفمان رئيسًا لجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، في خطوة اثارت الكثير من الاحتجاجات داخل المؤسسة الأمنية.

على المقلب الدولي، استدعت تركيا كلًا من سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود، وذلك بحسب ما أفاد به نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي. فيما تتواصل المساعي والجهود للاتفاق بشأن وقف الحرب في أوكرانيا وكان وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها أكد، أمس الخميس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن بلاده تريد "سلامًا حقيقيًا وليس تهدئة" مع روسيا.

وفي الجولة اليومية على الصحف الصادرة في عالمنا العربي، إليكم أبرز ما ورد فيها:

رأت صحيفة "الثورة" السورية أن توقيت زيارة أعضاء مجلس الأمن الدولي دمشق "يشير إلى اعتراف متزايد باستقرار البلاد ووحدة أراضيها، وإلى قناعة دولية متنامية بقدرة الدولة السورية على إدارة عملية التعافي الوطني بصورة مستقلة". وقالت "تتركز الرسالة الجوهرية للزيارة حول انتقال سوريا من منطق إدارة الصراع إلى منطق التعافي، وإعادة البناء، فالمداخل الأساسية للمرحلة الراهنة تتمثل في إعادة الإعمار والنمو والتنمية الاقتصادية، واستعادة الخدمات الأساسية، وترسيخ الاستقرار، وتهيئة ظروف عودة النازحين والمهجّرين، إلى جانب إصلاح المؤسسات العامة بما يواكب متطلبات ما بعد الحرب".

من جانبها، أشارت صحيفة "الخليج" إلى أن الاتفاق التفاوضي مع دمشق "لم يفشل فقط، لكن الهجوم على قرية "بيت جن" بريف دمشق زاد من تصلّب مواقف الحكومة السورية، وزادها تشكيكًا في نوايا إسرائيل، بأنها "لا تريد سلامًا مع سوريا بقدر ما تريد فرض وصاية عليها"، متطرقة للموقف الاميركي الداعي لحوار "قوي وحقيقي" ما يوضح وجود "مؤشرات مهمة تؤكد كلها، أن الأمور لا تسير على النحو الذي تريده إسرائيل، وهذه بدورها، ربما تكون إشارة مهمة للعجز الإسرائيلي عن فرض مشروعها التوسعي في لبنان"، على حدّ تعبيرها.

أما صحيفة "عكاظ" السعودية، فكتبت "على الرغم من تأكيد المملكة المستمر والقاطع - عبر القنوات الدبلوماسية - التزامها بحل الدولتين كشرط للتطبيع، فقد راهنت بعض المنصات المشبوهة وأصحاب الأقلام المغرضة على تغيّر موقف المملكة خلال زيارة ولي العهد الأخيرة للولايات المتحدة، وقد كان هذا الرهان هو أحد الادعاءات الكاذبة التي سعى هؤلاء المضللون لتوجيهها للنيل من أهمية الزيارة والتقليل من نجاحها". وأضافت "المملكة تسعى دائمًا لاستشراف المستقبل؛ فهي لا تكتفي بوضع حلول للقضية على المدى القريب، بل تنظر للقضية وتحوّلات مسارها على المدى البعيد، لذا فقد بذلت المملكة الكثير من الجهود لحث العديد من دول العالم على الاعتراف بدولة فلسطين، وهي الجهود الدبلوماسية التي تمّت بالتنسيق مع العديد من الدول الكبرى وأهمها فرنسا".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن