صحافة

جهود تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط

خالد بن علي المطرفي

المشاركة
جهود تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط

خلال الشهور الثلاثة الماضية تقريبًا تم ضخ العديد من التقارير الصحافية والبحثية ومقالات رأي للنخب الأمريكية والغربية والإسرائيلية، فضلًا عن الندوات والمقابلات التلفزيونية، وغيرها، حيال قرب تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وأزعم أني رصدت واطلعت على عدد كبير منها، لكن من المهم في ظل هذا الزخم تقديم قراءة للرؤية السعودية حيال تعزيز السلام على مستوى المنطقة، التي تنطلق من مبادرة السلام العربية.

من باب التذكير لا أكثر، فإن مبادرة السلام العربية هي مبادرة أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل، وكانت في عام 2002، وتم الإعلان عن المبادرة في القمة العربية في بيروت. ونالت تأييدًا عربيًا ودوليًا.

لماذا الحديث عن الموضوع اليوم؟، أثناء تواجدي في نيويورك، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، كان هناك اجتماع وزاري مهم لمناقشة جهود تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، ووزير خارجية مصر سامح شكري، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.

شهد الاجتماع حضور ممثلي نحو 70 دولة ومنظمة دولية، ونحو 50 متحدثاً من مختلف دول العالم، حيث جرت مناقشة آليات المساهمة في تنسيق الجهود المشتركة للدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط، وتكوين فرق عمل سياسية واقتصادية وإنسانية لبحث الخطوات والمحفزات العملية التي تشجع على إعادة إحياء عملية السلام العربية.

عند ذكر عملية السلام العربية في الشرق الأوسط، دائمًا ما تحاصرني عدد من أسئلة الأصدقاء، مثل: هل سيكون هناك تطبيع بين المملكة العربية والسعودية وإسرائيل على حساب الفلسطينيين؟ وماذا لو رضخت السعودية للجانب الأمريكي المتحمس للتطبيع بين السعودية وإسرائيل مع قرب الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2024، أكثر من تطبيعه بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟، وما هو مشهد المنطقة للسلام في المرحلة المقبلة؟، طرح مثل هذه التساؤلات إيجابي من حيث استكشاف المنطق السياسي السعودي للتعامل مع هذا الملف المُعقد.

بعيدًا عن مبالغات الصحافة الأمريكية والإسرائيلية في مسألة التطبيع بين المملكة وإسرائيل، يجب علينا أن نعلم أولًا أن عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان وإطلاق أسرى قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية). بل إن وزير خارجيتنا السعودي كان واضحًا في هذا الاجتماع، من أن تنظيمه يهدف إلى إعادة الحديث عن حل الدولتين، في ظل التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بل كان أشد وضوحًا عندما قال: "إن الناس بدأت تفقد الأمل في حل الدولتين، ونريد من خلال المجهودات إعادة عملية السلام إلى الواجهة، حيث لا مجال لحل الصراع إلا بضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة".

إذا فهمنا سياق تعليقات وزير خارجيتنا الأمير فيصل بن فرحان فإننا سنصل إلى رؤية الرياض في السلام مع إسرائيل، إذ لا تطبيع مجانيا أبدًا معها، فالسعودية قادرة على تحقيق اختراق في عملية السلام من خلال واشنطن، وتبدأ الخطوة الأولى من تنفيذ بنود مبادرة السلام العربية، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

وأعود بذاكرتكم إلى السادس من أغسطس الماضي، في المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية السعودي ونظيره الأمريكي، وما يهمنا كسعوديين وعرب، تصريحات الأمير فيصل بن فرحان الذي قال "دون وجود سلام مع الفلسطينيين فإن أي تطبيع مع إسرائيل ستكون فائدته محدودة، كما يجب علينا أن نركز على الوصول إلى مسار يوفر السلام والعدالة والكرامة للفلسطينيين، وأعتقد أن الولايات المتحدة لديها نفس الوجهة، ومن الأهمية بمكان أن نستمر في هذه الجهود".

("الرياض")

يتم التصفح الآن