وكان دوري كرة القدم اليمني قد توقف منذ بداية الحرب في العام 2015، وقرر اتحاد الكرة العام الماضي استئناف الدوري؛ لكنه دخل في صدام مع أندية محافظة عدن التي قاطعت البطولة، فردّ الاتحاد وأقرّ هبوط هذه الأندية إلى الدرجة الثانية، لتتشكّل بذلك واحدة من أبرز المعضلات التي تواجه الرياضة اليمنية، والتي لم تكن بعيدة عن تأثيرات الصراعات السياسية.
ومع موعد استئناف البطولة هذا العام، استمرّت هذه المعضلة وزاد من اتّساعها انضمام أندية محافظة تعز للمقاطعة. وتبعها بعد ذلك أندية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين التي رفضت المشاركة ورأت في هذه الحالة مناسبة لانتزاع كثير من المكاسب، وهو ما تحقّق لها.
إذ عادت وتراجعت أندية العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عن قرار مقاطعة المشاركة في الدوري، بعد أن استجاب رئيس اتحاد كرة القدم لمطالبها بإلغاء هبوط أندية صنعاء إلى "الدرجة الثانية" وإلغاء قرار العقوبة بحق رئيس نادي وحدة صنعاء، وإرسال المخصّصات المالية للأندية هناك، لكنّ رئيس الاتحاد رفض طلب إلغاء هبوط أندية عدن بحجة أنّ هذه الأندية نفسها لم تطلب ذلك، كما أنها لم تؤكد المشاركة في الدوري مجددًا.
ومع تمسّك ناديي "الصقر" و"الطليعة" في محافظة تعز بقرار عدم المشاركة في بطولة الدوري لعدم قدرتهما على المشاركة، تتّجه أندية عدن إلى تنظيم بطولة خاصة، فيما اختارت أندية محافظة الحديدة الحياد، والتزمت أندية محافظة حضرموت باللوائح وتجنّبت حتى الآن عواصف السياسة، غير أنّ لاعب المنتخب اليمني سابقًا علاء الصاصي حمّل اتحاد كرة القدم المسؤولية في ما حدث مع أندية عدن ووصف ذلك بأنه "ظلم مقصود"، وطالب من قيادة اتحاد الكرة بتصفية أي خلافات مع القيادات الرياضية في المحافظة، بعيدًا عن رياضة عدن وشبابها ومستقبلها، على حد تعبيره.
ووسط هذه التجاذبات اضطرّت لجنة المسابقات في اتحاد كرة القدم إلى تأجيل إنطلاق منافسات المجموعة الأولى التي تقام على إستاد مدينة سيئون، بعد تأخر حضور أندية وحدة صنعاء وطليعة تعز، حيث تضمّ هذه المجموعة أندية فحمان أبين، شعب إب، سلام الغرفة، اليرموك، شعب حضرموت، وحدة صنعاء، طليعة تعز.
وبالمثل أعلن رئيس لجنة تجمّع أمانة العاصمة تأجيل انطلاق المباراتين الأولى والثانية من التجمع لعدّة أيام، بسبب أعمال الصيانة التي تجرى للملعب المستضيف للمنافسة في المجموعة الأولى التي تضمّ أهلي صنعاء واتحاد إب، الهلال الحديدة، الصقر، سمعون، تضامن حضرموت، العروبة.
والى جانب هذا الانقسام، أصبحت حركة الفرق الرياضية رهينة الجهات التي تحكم في مناطق سيطرتها، وفق ما يؤكده المنسق الإعلامي السابق للمنتخب اليمني لكرة القدم، والذي ينتقد بشدّة إقحام السياسة في الرياضة، واصفًا ما يحدث بأنها "لعبة السياسة القذرة" التي لا يريدون إقحام الرياضة فيها، وبيّن أنّ أي فريق في بطولة الدوري أصبح ملزمًا بالحصول على موافقة "سلطات الأمر الواقع" أو ما يُسمّى بالتصريح الأمني كي يتمكّن من الانتقال بين المحافظات.
وفي أبرز تجليات الانقسام الذي يسود المشهد اليمني منع فريق شعب إب من السفر من المحافظة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في وسط اليمن إلى مدينة سيئون في محافظة حضرموت الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، بعد أن رفضت سلطة الحوثيين منحه تصريحًا أمنيًا بالمرور، مع أنّ إدارة النادي كانت قد حدّدت موعد السفر، وأبلغت وزارة الشباب في حكومة الحوثيين غير المعترف بها بذلك.
ورغم انطلاق الدوري، إلا أنّ تداخل السياسي بالرياضي في اليمن يستند إلى موروث طويل حيث كانت أنظمة الحكم المتعاقبة تحرص على ضمان سيطرتها على الاتحادات الرياضية والفرق الكشفية واستخدامها لأغراض سياسية في مواجهة المعارضين، كما تتنافس حاليًا الوجاهات القبلية ورجال الأعمال على الفوز برئاسة الاتحادات الرياضية، باعتبار ذلك من متطلّبات المكانة الاجتماعية داخليًا وخارجيًا.
(خاص "عروبة 22")