صحافة

اللا أمن الإنساني في غزّة

صلاح الغول

المشاركة
اللا أمن الإنساني في غزّة

كيف يمكن الحديث عن حالة الأمن الإنساني في قطاع غزة، وهو على شفا الانهيار؟ كيف يمكن الحديث عن أزمة إنسانية في منطقة يتعرض أهلها للتهجير القسري والتطهير العرقي، بل وخطر الإبادة الجماعية؟.

منذ أن فرضت القوات الإسرائيلية حصاراً كاملاً على القطاع المنكوب، في 8 أكتوبر المنصرم، فقطعت عنه إمدادات المياه والغذاء والوقود والكهرباء، ولاحقاً الاتصالات والإنترنت، وأسقطت عليه آلاف القنابل، يزن بعضها نحو طن من المتفجرات، من الجو والبحر والبر، ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين إلى أكثر من 37 ألفاً ما بين قتيل ومفقود وجريح، وأكثر من مليون ونصف المليون من النازحين. وبصورة أكثر تحديداً، ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة إلى ما يقرب من عشرة آلاف، 70% منهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى نحو 25 ألف مصاب، من دون الحديث عن آلاف المفقودين.

ومن دون الدخول في متاهة الأرقام التي ترتفع مع دوران عقارب الساعة، فإن حرب إسرائيل في غزة أدت إلى تدمير بنيتها التحتية تقريباً؛ فأكثر من 50% من الوحدات السكنية في غزة دمرت، وخرجت 16 من أصل 35 مستشفى من العمل نتيجة القصف أو نفاد الوقود أو شح الإمدادات الطبية، وتضررت 203 مدارس منها 37 مدرسة خرجت من الخدمة. كما تضرر 42 مبنى تابعاً للأونروا وتضرر ما لا يقل عن سبع كنائس و55 مسجداً، و80 مقراً حكومياً.

بعبارة واحدة، يختبر القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفي ظل منظومة صحية على وشك الانهيار، ويعيش سكانه في ظلام دامس وصمت اتصالي إلا قليلاً، ويشربون ماء البحر أو المياه الملوثة بسبب شح مياه الشرب. وفي موقف نادر، أصدر رؤساء المنظمات الرئيسية التابعة للأمم المتحدة بياناً مشتركاً أعربوا فيه عن غضبهم جرّاء مقتل الآلاف من المدنيين في قطاع غزة، مطالبين «بهدنة إنسانية فورية»، وأن الأرقام مرعبة بخصوص أعداد الضحايا.

ومن المفارقات أنّ رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم، شبه الدمار في قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي بتدمير القصف الأمريكي لمدينة هيروشيما بقنبلة ذرية خلال الحرب العالمية الثانية، بل وتجاوزه. ومن ثم، فإن تهديد وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة قد لا يكون بلا معنى واقعي؛ لأن غرض التدمير الشامل قد تحقق بالفعل!.

ماذا ينتظر أهل غزة أكثر من هذا؟ ينتظرهم أولاً التهجير القسري من شمال القطاع إلى جنوبه، وربما الإخلاء والتهجير إلى دول مجاورة. فمنذ بدء العملية البرية الإسرائيلية، أو المرحلة الثانية من الحرب، تسعى قوات الاحتلال حثيثاً إلى فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قسّم القطاع المحاصر إلى شطرين بالفعل. ويلاحظ أنّ خطر تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة وإخلاء القطاع من ساكنيه لم يعد سراً، بعد أن أعلنت كل من مصر والأردن تصديها لكل المحاولات الإسرائيلية المدعومة أمريكياً للتهجير.

ومؤخراً، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً حول محاولات إسرائيل حشد الدعم الدولي لإعادة توطين مئات الآلاف من سكان غزة في سيناء المصرية. وفي ظل هذه الظروف الأليمة التي يعيشها أهل غزة، فإنهم يتطلعون إلى الغوث. 

("الخليج") الإماراتية

يتم التصفح الآن