صحافة

الحرب والهدنة ومستقبل المنطقة

خالد قنديل

المشاركة
الحرب والهدنة ومستقبل المنطقة

تقارير متضاربة حول هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار بغزة، كان البيت الأبيض بحسب تقارير صحفية قد تحدث عن هدنة تسعى إليها الأطراف الدولية الفاعلة، بينما قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في لقاء له إنه ليس هناك حديث حول هدنة وما زال ملف الرهائن لدى حماس في الصورة.

وتكرر حماس بأن جيش الاحتلال يعوق أي محاولات آمنة لتسليم الرهائن، الذين قُتل منهم أكثر من 50 شخصًا بسبب الهجمات واستمرار القذائف على القطاع، بينما يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار، ولكن سيسمح بهدنة إنسانية ولا يزال القصف الإسرائيلي مستمرًا منذ أكثر من شهر، ثلاثة وثلاثون يومًا من الدمار الشامل والنية الواضحة للإبادة الجماعية لأهل غزة من الأطفال والنساء والشيوخ، حيث بلغ عدد شهداء عدوان الكيان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية نحو 11 ألف شهيد و30 ألف جريح، وفيما يبدو بوضوح وجلاء شديد أن الكيان المحتل يتبع المثل القائل: لقد أسمعت لو ناديت حيًا، ولكن لا حياة لمن تنادي.

فإذن كانت الحياة بمفهومها الواضح أي البقاء على قيدها، وقد صارت أمرًا عزيز المنال حتى في أبسط صورها للفلسطينيين الذين يتم التنكيل بهم وإبادتهم في غزة، وقتلهم من خلال جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة وأماكن أخرى من فلسطين المحتلة، تبقى حياة الحيوانات البرية الباردة هي عنوان الصلف الإسرائيلي الذي لا يرى أمامه ما يمكن أن يردعه، حتى بعد اعتراف جيش الاحتلال بمقتل نحو 350 جنديًا وضابطا و60 شرطيا و10 من جهاز الشاباك، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، كما توجد أنباء عن هدنة إنسانية بوساطة مصرية..

وقد دمرت كتائب القسام نحو 140 آلية إسرائيلية، وبالطبع فإن الأرقام التي تصدر من قبل إعلام الكيان من خلال بيانات الجيش ليست حقيقية، حتى لا تنكشف هزيمته الكبرى في هذه الحرب التي تكبد فيها خسائر جمة أعادته سنوات كثيرة جدا للوراء.

وتجمع آراء المتابعين والمحللين على أن هذا الجنون الموتور للكيان المحتل يمثل بداية النهاية له، على الرغم ما يكبده ذلك من أثمان هي الأغلى في أرواح شهداء فلسطين وغزة الذين تمسكوا بالأرض، رغم وضوح التوجه الإسرائيلي لتهجيرهم القسرى، حيث أكد قائد الجيش الإسرائيلي أن 50 ألف فلسطيني انتقلوا منذ أيام من شمال غزة إلى جنوبها، ولعلها بداية النهاية بالفعل، خصوصًا أن المشهد تجاوز اللعبة السياسية الحقيرة التي تحركها أمريكا والغرب، إلى مشهد الرأي العام العالمي، الذي لم يعد تنطلي عليه تلك الألعاب، وبات يدفع في اتجاه توقيع عقوبات على الكيان المحتل وهو ما أكدته بيترا دى سوتر، نائبة رئيس الوزراء البلجيكى، بأنه حان الوقت لفرض عقوبة عليه، لأن إسقاط القنابل كالمطر عمل غير إنساني.

ومع استمرار القصف تبقى عدة شواهد مهمة ونتائج إيجابية، أبرزها الصمود الأسطوري لأهل غزة والمقاومة التي تغرس ضرباتها الموجعة كما يقولون من المسافة صفر، وفي سياق متصل اتخذت الشعوب العربية والإسلامية مسارًا موحدًا في مقاطعة منتجات الشركات التي تذهب أرباحها لدعم جيش الاحتلال، علاوة على رسائل الإشادة بين فصائل المقاومة، كذلك هذا الارتباك الأمريكي وعدم قدرة واشنطن على استمرار دعمها الأعمى لجيش الاحتلال بحجة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ويسعى البيت الأبيض إلى إحداث درجة من التوازن في المشهد، بعد انحياز تام خلال الشهر المنقضي، وذلك يشير إلى هذا العبء الذي يمثله الكيان المحتل الذي لم يجد ما يبرر فشله في تحقيق نتائج يعول عليها في غزو بري لقطاع غزة، أمام الرأي العام والداخل الإسرائيلي الذي بات كتلة مشتعلة من الغضب على سياسات نتنياهو خصوصًا بعد فضائح جرائم الحرب التي باتت مشاهدة ومرئية للعالم كله.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن