بعد عملية «طوفان الأقصى» البطولية، شهدت الساحة السياسية زيارات مكوكية إلى الكيان الصهيوني قام بها كل من الرئيس الأميركي بايدن، ثم رئيس الوزراء البريطاني سوناك، ثم الرئيس الفرنسي ماكرون، ثم المستشار الألماني شولتز، لتقديم تضامنهم مع الإرهابي نتنياهو في حرب الإبادة التي يشنها على سكان غزة المحاصرة، رغم موقفهم المسبق غير الداعم لحكومته التي تضم متطرفين وإرهابيين كما وصفتهم سلطات كيانه من أمثال إيتمار بن غفير، ونظيره سموتريش.
لا يزال التضامن مع الإرهابي نتنياهو مستمراً وبطرق متعددة رغم وضعه السياسي المتأزم وملاحقته قضائياً، وقد أخذت بعداً انتخابياً عندما تنافس خمسة مرشحين جمهوريين قبل الانتخابات التمهيدية للرئاسة في إبداء تعاطفهم مع حرب الإبادة على غزة من أجل مكاسب انتخابية دون أي اعتبار للمعاني الإنسانية.
إذا استثنينا من هؤلاء الخمسة اثنين من البيض هما دي سانتيس، حاكم ولاية فلوريدا وكريس كريستي، الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي حيث إن موقفيهما واضحان كونهما من العنصريين البيض الداعمين للكيان الصهيوني بلا حدود، إذ أبدى الأول نصحه لنتنياهو بالتخلص من «حماس» ولمرة واحدة، وأنه يشعر بالمرض ممن يلوم الكيان الصهيوني على حربه في الدفاع عن نفسه. أما الثاني فقد أبدى استعداده لتزويد الكيان الصهيوني بكل ما يحتاجه من دعم وفي أي وقت وأن أميركا في خدمة الكيان الصهيوني.
لكن المستغرب أن المرشحين الثلاثة الباقين هم من غير البيض ومن أصول غير أميركية، ومع ذلك فقد فاقوا نظراءهم البيض عداوة وشراسة وعنصرية من أجل مباركة الحزب لهم.
أحد الثلاثة الأميركي تيم سكوت، أسود، من أصول أفريقية وهو عضو مجلس الشيوخ، طالب الإرهابي نتنياهو «بمسح حماس من الخريطة». سكوت هذا تحوّل إلى رجل أبيض عنصري يدافع عن كيان صهيوني عنصري، لم يتعلم من إنسانية زعيمه الأسود مارتن لوثر كينغ، الناشط في الحقوق المدنية، والمطالب بإنهاء التمييز العنصري، الأمر الذي سيضعفه أمام ناخبيه السود.
أما المرشح الآخر فهو راماسوامي، وهو رجل أعمال من أصول هندية ليس له أي موقع سياسي سوى كونه جيء به كبوق دعائي للصهاينة، دعا الإرهابي نتنياهو إلى «حرق حماس».
بينما المرشحة نيكي هيلي، السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة وهي من أصول هندية بنجابية فقد انسلخت من عواطفها الأنثوية وتخلّت عن مشاعر الأمومة وتحولّت إلى شرير حيث نصحت الإرهابي نتنياهو وهي تتبجح بصوت عالي «اقضوا عليهم»! وأن «أميركا بحاجة ماسّة إلى الكيان الصهيوني وليس العكس»!
لا يمكن للمرء إلا أن يخرج بامتعاض من مشاهدة هذه المسرحية الانتخابية الهزلية التي يغلب عليها عنصرا الدناءة والتودّد من دولة عظمى لكيان صهيوني عنصري منبوذ انكشفت فظائع جرائمه في غزة وفلسطين المحتلة أمام العالم ولم تعد تنفع محاولات التغطية عليها بهذه المسرحية السخيفة.
("الراي") الكويتية