صحافة

سيناريو اليوم التالي.. عربيًا

عماد الدين حسين

المشاركة
سيناريو اليوم التالي.. عربيًا

قبل أيام سألت في هذا المكان: هل لدينا رؤى أو خطط عربية لليوم التالي الذي يتوقف فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ ٧ أكتوبر الماضي باستثناء هدنة بدأت صباح الجمعة الماضي؟!

طرحت السؤال لأن الإسرائيليين والأوروبيين والأمريكيين يمطروننا كل يوم بخطط وسيناريوهات مختلفة ولم يصدر من العرب إلا ردود أفعال فقط.

والمعروف أن سياسة ردود الأفعال خاسرة في معظم الأحيان.

الطرف الثاني خصوصًا الإسرائيليون وخلفهم الأمريكيون وبعض الأوروبيين تحدثوا عن تهجير الفلسطينيين من غزة وإقامة مناطق أمنية عازلة على طول الحدود البرية والبحرية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث أكثر من مرة عن صيغ مختلفة يتضمن بعضها إعادة احتلال القطاع أو حرية الدخول والخروج إليه، ناهيك عن التبجح الدائم بأنه سيتم القضاء على حركة حماس وكافة حركات المقاومة في كل الأحوال.

من حق إسرائيل أن تحلم كما تشاء ومن حقنا كعرب أن تكون لدينا التصورات والخطط التي تحافظ على حقوقنا وعلى أمننا القومي العربي.

وكان ملفتا للنظر منذ بداية العدوان الموقف المصري القوي والصريح والذي ارتكز على مجموعة من الثوابت أهمها رفض العدوان والمطالبة بوقف إطلاق النار ورفض التهجير بكافة أنواعه، ورفض تصفية القضية الفلسطينية، وضرورة العودة لأصل المشكلة وهو حل الدولتين لأنه ما كان ممكنا أن يكون لدينا عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر الماضي، من دون الاحتلال الإسرائيلي للضفة وحصار غزة منذ ٥ يونيو ١٩٦٧.

هذا عن الثوابت المصرية والتي عبر عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي بوضوح مساء الخميس الماضي في ستاد القاهرة في احتفالية «تحيا مصر.. تحيا فلسطين»، لكن ماذا عن الخطط والتصورات التي يفترض أن تكون جاهزة لدينا لمواجهة الخطط الإسرائيلية خصوصا أن الأخيرة تعتمد على قوة باطشة قتلت أكثر من ١٤ ألف فلسطيني وأصابت ٣٥ ألفا آخرين ودمرت أكثر من نصف مساكن قطاع غزة خلال العدوان وحولت نصف السكان تقريبا إلى نازحين، وهؤلاء لا يجدون مكانا صالحا للعيش وبالتالى فقد تراودهم خيارات العبور إلى سيناء المصرية.

دبلوماسي عربي التقيته لوقت طويل يوم السبت الماضي قال إن هناك لقاءات عربية عربية كثيرة ولقاءات بينهم وبين مختلف أطراف الأزمة خصوصا الولايات المتحدة وأوروبا إضافة إلى دول إسلامية فاعلة. يضيف أن العرب خصوصا مصر والأردن تناقشوا في تصورات محددة، بشأن سيناريو اليوم التالي، الذي سيتحدد بنسبة كبيرة بناء على نتيجة الحرب الدائرة حتى الآن.

هذا الدبلوماسي يعتقد أن إسرائيل تعرضت لضربة قاصمة صباح ٧ أكتوبر نالت كثيرا من قوتها وصورتها وهيبتها، وهو ما يفسر رد فعلها غير المسبوق. وفي المقابل فإن قطاع غزة تلقى العدوان الأكثر وحشية، وهو يعتقد أن زلزال طوفان الأقصى قد خلق حالة دولية غير مسبوقة قد تقود إلى حل حقيقي وشامل لأصل القضية الفلسطينية للمرة الأولى منذ نكبة ١٩٤٨.

هذا الدبلوماسي يقول إنه يتصور أنه بعد توقف إطلاق النار، وخلال عام من الآن فأغلب الظن أن كلا من بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لن يكونوا موجودين في المشهد السياسي، وهو يرجح صعود قوى وأحزاب الوسط في إسرائيل وتراجع اليمين المتطرف وكذلك خروج بايدن وأبو مازن، وبالتالي وجود مناخ جديد يقود إلى الحل النهائي.

يضيف هذا الدبلوماسي أنه يتمنى وجود جهد مصري أردني بالأساس ومسنود عربيًا وإسلاميًا يلعب دورًا مهمًا في قطاع غزة، ليس كقوة وكيلة عن الاحتلال الإسرائيلي كما تحلم تل أبيب، ولكن لمساعدة الفلسطينيين على التوحد أولًا خصوصا "حماس" و"فتح"، ثم عودة قوية للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، بعد أن تكون السلطة نفسها وحركة فتح قد تخلصت من كل الانقسامات، وتتمكن من استيعاب كل الأصوات بما فيها قوى المقاومة وجناح محمد دحلان.

هذا السيناريو من وجهة نظر الدبلوماسي العربي سيكون الأفضل لأنه سيحافظ على قطاع غزة فلسطينيًا، والأهم كجزء من الدولة الفلسطينية وثانيًا يسقط مخطط التهجير، ويضع الشعب الفلسطيني على أولى خطوات تحقيق حريته ونيل حقه في الدولة المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن