واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع ارتفاع وتيرة التصعيد في المنطقة، إثر هجوم بطائرة مسيّرة على القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة "البرج 22" قرب الحدود الأردنية - السورية، ما أدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين، الأمر الذي أثار غضبًا عارمًا في واشنطن حيث حمّل مسؤولون في الإدارة الأميركية والكونغرس طهران مسؤولية مباشرة عن الهجوم ودعوا إلى "رد فوري وقوي" عليها، لا سيما وأنّ الرئيس الأميركي توعد بالرد "في التوقيت وبالطريقة المناسبين" قائلًا: "نعرف أنّ الهجوم من تنفيذ جماعات مسلّحة متشددة مدعومة من إيران تعمل في سوريا والعراق".
وإذ حمّل وزير الخارجيّة البريطاني ديفيد كاميرون كذلك طهران مسؤولية التصعيد في المنطقة، وسرت معلومات صحافية تفيد بأنّ المسؤولين الأميركيين يبحثون خيارات الرد على طهران ومن بينها توجيه "ضربة سرية" داخل إيران، سارعت القيادة الإيرانية على الأثر إلى التنصّل من المسؤولية عن الهجوم على القاعدة الأميركية نافيةً أي علاقة لطهران باستهداف الجنود الأميركيين، بينما دعا الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس إلى مواصلة العمل على كبح ما وصفه بـ"محور الإرهاب" بقيادة إيران في البحر الأحمر وأماكن أخرى بالشرق الأوسط.
أما في جديد مسار المفاوضات الجارية للتوصل إلى تفاهمات تفضي إلى إبرام صفقة بين إسرائيل وحماس حول الهدنة وتبادل الأسرى، فأعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنّ المحادثات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس في هذا المجال كانت "بنّاءة"، مشدداً على وجود "فجوات كبيرة"، ستبحثها الأطراف في اجتماعات إضافية تعقد خلال الأسبوع الحالي.
وبالتزامن انضمت اليابان إلى الحرب المالية على وكالة "الأونروا" بإعلانها قطع التمويل الياباني عنها، في حين ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في بيان، الدول التي علّقت تمويل الوكالة الأممية أن تستمرّ بتقديم دعم "يضمن استمرارية تقديم خدماتها على الأقل".
في هذا الإطار، اعتبرت صحيفة "الشرق" القطرية أنّ "إعلان بعض الدول تعليق مساعداتها لوكالة "الأونروا" يعدّ انتهاكًا لقرار محكمة العدل الدولية، التي أمرت بالسماح بمساعدات إنسانية فعّالة لسكّان غزة، وقد يشكّل انتهاكًا للاتفاقية الدولية بشأن الإبادة الجماعية، كونه يعني معاقبة جماعية لملايين الفلسطينيين الذين يعانون الويلات تحت وطأة العدوان والحصار".
بدورها أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنه "منذ بداية العدوان ولا يخلو يوم إلا ويجري فيه الحديث عن وثائق ومخططات وتصريحات ومحادثات سرية وعلنية، من أجل تهجير شعبنا الى خارج حدود فلسطين التاريخية"، مشددةً على وجوب "العمل على الوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان والإبادة والتدمير الممنهج في قطاع غزة، ووقف الهجمات ومسلسل الاقتحامات لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية".
بينما رأت صحيفة "الأهرام" المصرية أنّ "حل الدولتين ليس حلًا للقضية الفلسطينية بقدر ما هو تفجير لحلقة جديدة من حلقاتها، لأنّ التجربة التاريخية للتفاوض مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في العقود الثلاثة الماضية، أثبتت انه من المستحيل الوصول إلى نتائج مع مفاوض لا يهمه سوى كسب الوقت لفرض حقائق على الأرض تفرغ عملية التفاوض من محتواها، لذلك ينبغي ان يكون الموقف العربي، بعد حرب الإبادة الجماعية الحادثة في غزّة الآن، هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية طبقًا لقرارات الأمم المتحدة، ثم بعد ذلك تكون قضية فلسطين هي آخر قضية استعمار في العصر الحديث".
في حين لفتت صحيفة "الشروق" الجزائرية إلى أنه "يُراد في نهاية المطاف تحويلُ القضية برمّتها من معركة حرية مصيرية إلى مسألة إنسانية في أحسن الأحوال، تتعلق بسكان يعانون الجوع والأسقام والتشرّد، ما يستوجب، وفق المخطط الإسرائيلي، انسحاب قوى "حماس" من غزة تحت الإكراه، ثمّ تنصيب سلطة عميلة للتكفُّل بالحاجيات المستعجلة للمدنيين، في خطوة مرحلية لاستكمال التصفية النهائية للملف الفلسطينيّ".
كذلك أشارت صحيفة "الرياض" السعودية إلى أنّ "إسرائيل ترى نفسها غير ملزمة بتنفيذ القوانين والمعاهدات الدولية وأنها لا تعنيها في شيء، وهذا ما يجعل من التعامل معها أمرًا غاية في الصعوبة، خاصة أنها تلقى دعمًا غربيًا يعتقد تمام الاعتقاد أن لها الحق في أن تفعل ما تريد حمايةً لأمنها، غير واضعين في الاعتبار عشرات الآلاف من الأرواح التي أزهقت، والآلاف الذين تم تهجيرهم وأصبحوا بلا مأوى ولا حتى لقمة عيش تسد رمقهم".
أما صحيفة "الخليج" الإماراتية، فرأت أنّ "الفجوة بين مجتمعاتنا العربيّة والغرب لم تكن قد اتّسعت، يومًا، بهذا المقدار المَهُول الذي اتّسعت به منذ ابتداء العدوان الإسرائيلي على الشّعب الفلسطينيّ في غزّة"، مشيرةً إلى أنّ "ما وراء المشتَرَك الثّقافيّ الذي يبرِّر السّياسات تلك، تضع غزّة الغربَ كلَّه في امتحانٍ أخلاقيّ نادر النّظائر لم تَقْوَ أفعالهُ على اجتيازه بنجاح أو حتّى بأقلّ الخسائر المعنويّة".
بدورها، لفتت صحيفة "الوطن" البحرينية إلى أنّ "ميليشيا الحوثي تسعى من خطوات التصعيد على باب المندب ليس إلى وقف الحرب بغزّة، بل هي تستغل الظروف من أجل إيجاد تفاهمات دولية لتكون جزءًا مهمًا من المشهد اليمني والبحر الأحمر، بمعنى هي تسعى لاستغلال الهجمات بهدف الحصول على اعتراف من واشنطن ولندن بالحوثيين كقوى مؤثرة، مما يحقق لها مكاسب مهمة وهي السماح لها بتصدير النفط وأن يعزّز نفوذها في الداخل، ويجعل باقي القوى سواء الشرعية أو المجلس الجنوبي الانتقالي وباقي الأطراف تابعين لها".
وتوازيًا، أفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية، نقلًا عن مصادر دبلوماسية غربية، بأنّ "المساعي الأميركية مستمرة لوضع تصوّر شامل حول كيفية معالجة الوضع في جنوب لبنان مع تجنّب أي تصعيد، وهو ما يقوم به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يفترض أن يزور لبنان في الفترة المقبلة، حاملًا بعض الأجوبة، بعد أن زار العاصمة الفرنسية باريس وبحث في ملفَي الجنوب اللبناني والتسوية السياسية".
(رصد "عروبة 22")