واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إعلان الولايات المتحدة أن المحادثات متعددة الأطراف، التي جرت في باريس، قادت إلى "تفاهم" على الخطوط الأساسية حول اتفاق محتمل بين إسرائيل وحركة "حماس" لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزّة، بينما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن العمليات الإسرائيلية ضد "حزب الله" في لبنان لن تتوقف حتى وإن تم التوصل لاتفاق على وقف النار في غزّة. كذلك، شدد مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على أنّ التوصل إلى اتفاق هدنة لن يؤدي إلا إلى "تأخير" الهجوم على رفح، وذلك بالتوازي مع الإعلان عن تقديم الجيش الإسرائيلي خطة "لإجلاء" السكان المدنيين من "مناطق القتال" في القطاع، بينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ نتنياهو طالب بإبعاد معتقلي "الأحكام العالية" الفلسطينيين إلى الخارج حال الاتفاق على صفقة تفضي إلى إطلاقهم من السجون الإسرائيلية.
في المقابل، تشهد الساحة الفلسطينية حراكًا سياسيًا يسبق اجتماعات الفصائل الفلسطينية والمكوّنات السياسية المختلفة نهاية الشهر الجاري في العاصمة الروسية موسكو، حيث أكد مستشار رئيس الحكومة الفلسطينية عبد الإله الأتيرة أنّ الحكومة ستضع استقالتها بتصرف الرئيس اليوم بعد جلستها الأسبوعية، في حين نفى المتحدث الرسمي باسم حركة "حماس" جهاد طه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون قد جرى نقاش تشكيل حكومة "تكنوقراط" فلسطينية خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا أنّ الأولوية في الوقت الحالي هي لـ"وقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا".
أما على مستوى تداعيات العدوان الأميركي - الإسرائيلي على الفلسطينيين، فبرز أمس إضرام عسكري طيّار في سلاح الجو الأمريكي النار بجسده أمام سفارة إسرائيل في العاصمة واشنطن وهو ينادي: "فلسطين حرّة.. لن أشارك بعد اليوم في الإبادة الجماعية"، وسرعان ما تم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج وهو في حالة حرجة.
وصباح اليوم، أعلنت القيادة المركزية الأميركية، أنّ ميليشيا الحوثي أطلقت صاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن، استهدف على الأرجح السفينة "إم في تروم ذور" وهي ناقلة كيماويات نفط أميركية وترفع العلم الأميركي في خليج عدن.
في هذا الإطار، لفتت صحيفة "الشروق" الجزائرية إلى أن "استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو ضد اللائحة التي تقدّمت بها الجزائر من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزّة، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك بأنّ سياسة التدمير والتجويع والتهجير التي يمارسها نظام نتنياهو إنما هي بمساندة أميركية، فلولا هذه المساندة لما تجرَّأ نتنياهو ولما أصرّ على مواصلة الحرب التي تكشف في كل فصل من فصولها عن زيادة كبيرة في أعداد جنوده القتلى وآلياته العسكرية المدمَّرة".
من جانبها، رأت صحيفة "الشروق" المصرية أنّ "معركة غزّة لن تُحسم عسكريًا على المدى القصير، فتوازنات القوة فارقة بشكل هائل لكنها حرب شاملة طويلة لها بُعدها العسكري وبُعدها السياسي وبُعدها القانوني وبُعدها الإعلامي وبُعدها العلمي والتقني وبُعدها الديني وبُعدها الإنساني، فهي فعلًا حرب شاملة، بمعنى الشمول في أوسع صوره".
واعتبرت صحيفة "الرياض" السعودية أنّ "الأزمة الإنسانية في قطاع غزّة ليست من الآثار الكارثية للحرب وحسب، بل هي النتيجة المعلنة للسياسة التي تنتهجها إسرائيل، حيث إن هناك من يقف خلفها ويؤكد على فاعلية هذه السياسة في إلحاق مأساة كبرى لأكثر من مليوني شخص باعتبارها وسيلة مشروعة للضغط العسكري على الفلسطينيين كما يؤكد على ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
بدورها، لفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أنّ "رعب النزوح وعدم الاستقرار يجعلان الفلسطينيين خارج فلسطين وداخل أراضي السلطة، يبحثون في طرق تحافظ على الحد الأدنى من الحياة بنسبة ولو ضئيلة من الاطمئنان، وهذا يحدث في إطار حب البقاء، ومبررات أخرى تتعلق بضمان حياة مختلفة لأبنائهم يتوفر فيها التعليم والعلاج وتحقيق الطموحات".
كذلك أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنّ "محاولات التجمعات الفلسطينية ونداءاتها من أجل الوحدة الفلسطينية، مبادرات مشروعة مهما تباينت تطلعاتها ودوافع القائمين عليها، ولكنها تصب في مجرى المشاركة الإيجابية، للخروج من المأزق الذاتي الذي سببته كل من حركتي "فتح" و"حماس"، وعدم توصلهما الفعلي عبر محطات التفاهم واللقاءات المتعددة التي تمت بينهما، منفردين أو بمشاركة الفصائل الأخرى، نحو الوحدة الوطنية".
بدورها، أوضحت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "اللبنانيين يراقبون بكثير من الشغف والحذر، تطورات الساعات الأخيرة، التي تحمل في تفاصيلها مؤشرات لافتة، لإقتراب الخروج من دوامة حرب غزة، وتداعياتها في الجنوب اللبناني، وتزايد فرص نجاح مساعي الرباعية في وقف المجازر في القطاع، عبر هدنة طويلة تُمهد لإنهاء حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، وتُطفئ نيران التوتر والتصعيد العسكري في المنطقة، بدءًا من الحدود اللبنانية، وصولاً إلى البحر الأحمر".
(رصد "عروبة 22")