قضايا العرب

استقالة حكومة أشتية "تكتيكية".. والمطلوب وقف "الابتزاز المالي"

فلسطين - فادي داود

المشاركة

المتابعون عن كثب لما يحدث على المستوى الرسمي الفلسطيني يؤكدون أنّ الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد أشتية واجهت تحديات كبيرة جعلتها تتقاعس عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفينها وخدماتها المجتمعية والاقتصادية، لكنهم يلفتون الانتباه إلى أنّ جذور أزمة الحكومة المالية ليست جديدة أو طارئة أو مختصرة على هذه الحكومة بالذات.

استقالة حكومة أشتية

هي أزمة تظهر وتختفي منذ زمن، حسب الموقف من الاحتلال الاسرائيلي، إلا أنها تفاقمت مع بداية استلام الحكومة الاسرائيلية الحالية والتي عملت منذ اليوم الأول لتوليها مقاليد الحكم على تقويض الحكومة الفلسطينية بممارسة الضغط عليها من خلال خصم وقرصنة أموال المقاصة (الإيرادات الضريبية والرسوم الجمركية المفروضة على السلع والبضائع المستوردة إلى فلسطين) عبر الحدود، والتي تجبيها وزارة المالية الاسرائيلية بشكل شهري نيابةً عن السلطة الفلسطينية بحسب "بروتوكول باريس" الاقتصادي الناتج عن "اتفاقية أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال.

فقد أقدمت حكومة اليمين الفاشي على خصم أموال الأسرى الفلسطينيين التي تقوم السلطة الفلسطينية بدفعها على شكل رواتب شهرية لهم، ما دفع السلطة في بادئ الأمر إلى رفض استلام أموال المقاصة منقوصة، ومحاولة توفير "شبكة أمان" عربية لها تساعدها على الصمود أمام الابتزازات الاسرائيلية المتكررة، إلا أنها مع الأسف فشلت في توفير الأموال اللازمة، الأمر الذي جعلها تتراجع عن قرارها بعدم استلام أموال المقاصة منقوصة، فظلّت عاجزة عن توفير رواتب موظفيها بشكل كامل.

إثر ذلك، وخصوصًا بعد عملية السابع من أكتوبر، تعمّقت الأزمة المالية أكثر حين أقدمت حكومة اليمين الفاشي الإسرائيلية على اتخاذ قرار يقضي بقطع جميع أموال المقاصة التي تلتزم فيها السلطة لقطاع غزّة والمتمثلة بحوالى ٤٠% من إجمالي أموال قيمة المقاصة، ما جعل السلطة الفلسطينية تعود وترفض استلام أموال المقاصة خوفًا من أن تصبح عملية الخصم واقعًا مسلّمًا به كما حدث في مسألة خصم أموال الأسرى.

واليوم، تأتي استقالة حكومة أشتية، كشكل من أشكال "التكتيك"، خاصة وأنّ استقالتها ستجعلها مستمرة كحكومة تصريف أعمال لفترة قد تمتد طويلًا (كما سبق أن حصل مع حكومة الحمد الله التي استمرت لأكثر من سنتين) وهي بذلك تستطيع أن تخفف من وطأة مواجهة الضغوطات والاستحقاقات الداخلية، وبالتالي التنصّل من تبعات الأزمة المالية المحتدمة، فلا أحد يطالب حكومة مستقيلة بالايفاء بالتزاماتها، لا سيما أنّ من يتابع التصريحات أو البيانات التي تخرج عن النقابات المهنية، وتتهم الحكومة بالتقاعس وتقويض الصمود الفلسطيني، والتي تطالبها بدفع كافة المستحقات المالية التي بلغت 4 رواتب، يعرف حجم الضغوط المالية والتباعد الحاصل ما بين الحكومة المستقيلة وهذه النقابات.

ومن أجل الخروج من هذه الدوامة، يشدد المعنيون على أنّ "المطلوب فلسطينيًا أن لا تبقى الحكومة عرضة للابتزاز المالي من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وهذا لا يأتي إلا عن طريق تطبيق قرارات المجلس المركزي المتعاقية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإعادة النظر في الاتفاقيات، بما فيها "اتفاقية باريس" الاقتصادية بخصوص السيطرة على المعابر الفلسطينية والتي يتحكّم فيها الاحتلال، وإلا ستبقى الحكومات الفلسطينية رهينة المأزق المالي ذاته الذي يعرّضها للابتزاز المستمر بغية انتزاع مواقف وتنازلات سياسية منها".

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن