صحافة

تصاعد تأزيم العلاقات الروسية ــ الأمريكية

جمال زهران

المشاركة
تصاعد تأزيم العلاقات الروسية ــ الأمريكية

أصبحت العلاقات الروسية ـ الأمريكية، في مفترق الطرق، وذلك في سياق تطورات الأزمة الأوكرانية التي تفجرت بالتدخل الروسي فيها في 24 فبراير 2022، ولا تزال مستمرة، وفي سياق تطورات حرب الإبادة الصهيونية في غزة، وعلى مدار (6) أشهر من السابع من أكتوبر 2023، وحتى الآن، والأزمة الثالثة والأخيرة وهي محاولات التدخل الأمريكي في الانتخابات الرئاسية لروسيا، خلال الأيام الماضية، وما أعقبها تفجير الإرهابيين لموقع جماهيري (مسرح كروكوس) بضواحي موسكو، والبدايات تشير إلى أن الفاعل هو داعش، وهى تحت الرعاية والتمويل الأمريكي المباشر، وباعتراف ترامب، أن أوباما وهيلاري كلينتون هما من أسسا وأعدا ومولوا هذا التنظيم الإرهابي!.

فأمريكا تصر على الانفراد بإدارة الصراع العربي الصهيوني، والتحكم فيه، والانحياز السافر إلى الكيان الصهيوني، باعتباره يمثل المشروع الاستعماري في قلب المنطقة العربية لضمان مصالح هذا الغرب الاستعماري، وعدم إشراك القوى الدولية الكبرى مثل الصين وروسيا، فإن النتيجة الطبيعية تتمثل في رد الفعل بإعاقة كل المشروعات الأمريكية في داخل مجلس الأمن، التي تستهدف حماية الكيان الصهيوني وحماية حكومته المتوحشة، وسلوك أعضائها الإجرامي ضد الفلسطينيين، وتستهدف أيضاً إدانة المقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد وشركائهما). وآخر ما استطاعت القوى الدولية (روسيا ـ الصين)، وبالتنسيق مع الجزائر وآخرين، إعاقة إصدار قرار مجلس الأمن، باستخدام الفيتو الصيني الروسي، فما كان أن تمت إعاقة صدور قرار للمشروع الأمريكي، زاعما وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى الموجودين لدى المقاومة، بدون قيد أو شرط!! وذلك يوم الجمعة 22 مارس 2024! وهو المشروع السادس الذي تمت إعاقة صدوره بفيتو روسي صيني، منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر حتى الآن. والصحيح أن الدور الروسي الصيني في أزمة غزة لم يقف عند إعاقة صدور قرارات أمريكية من مجلس الأمن، بل هناك دعم للمقاومة في الإقليم، ورغم أننا نراها غير كافية، لأن عدد الشهداء والمصابين قد تجاوز الـ(100) ألف فلسطيني، فضلاً عن التهجير القسرى، واستمرار حرب الإبادة الجماعية للكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى، ولم يصدر إنذار روسي صيني واحد بإدانة هذه الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني، يتضمن إما التوقف عن استمرار الحرب والعدوان، وإما فإن خيار التدخل العسكري الروسي الصيني هو الحل! لكن يبقى أن أحد أبعاد الأزمة الروسية ـ الأمريكية، هو ما يحدث في مجريات حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى في غزة.

الجانب الثاني لأزمة العلاقات، يتمثل فى أزمة أوكرانيا، والتي بدأت في 24 فبراير 2022، ولا تزال مستمرة حتى الآن. وعلى مدار عامين وأكثر، تمكنت روسيا من إنجازات كبرى، بضم أربع مقاطعات رسمياً لروسيا، وإجهاض وتدمير القدرات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا، رغم الدعم الواسع الذي وصل إلى تمويلات أمريكية ـ أوروبية، بلغت نحو (200) مليار دولار، بالإضافة إلى معدات عسكرية وتم فتح ترسانات أسلحة أمريكا وأوروبا، وأيضاً دعم بقوات متعددة الهويات, المرتزقة، من العديد من البلدان، وكل ذلك لم يؤد إلى نتائج على الأرض، وثبت التفوق الروسي، وصموده في تجاوز كل محاولات الإضرار العمدي بالاقتصاد الروسي، وإفشال كل قرارات العقوبات الأمريكية ـ الأوروبية، ضد اقتصاد روسيا، وهي إجراءات ثبت فشلها!.

أما الأزمة الثالثة، وهي التوظيف السياسى للإرهاب ممثلاً في داعش، بممارسة هوايته في إحداث الفوضى والاغتيال والتدمير، داخل روسيا، وهو الذي تأسس في بلاد الشام للقيام بدوره في التخريب والتدمير برعاية أمريكية، في سوريا وفي العراق، تحت وهم سياسي، إنشاء دولة الخلافة الإسلامية بمنطقة الشام! ولعل التوظيف الأخير في قلب روسيا، سيسهم في زيادة إشعال الأزمة بين أمريكا وروسيا، وتصاعد حدتها، والمتوقع مستقبلاً ألا تتراجع أو يخفف حدة الصراع، حتى تتم إعادة هيكلة النظام الدولي، وإجبار الولايات المتحدة وأوروبا، على التراجع عن الإصرار على قيادة العالم بانفراد، وهو حادث لا محالة، وإلا فإن الحرب العالمية الأولى في القرن (21)، قد تتصاعد في حدتها، وتحول الإقليم (عربي وشرق أوسطي) إلى حالة فوضى وإعادة هيكلة والتوقعات لمشهد جديد قائم باحتمال كبير.

لذلك، فإننا نحث الروس والصينيين، على الاشتباك مع أزمة غزة، وممارسة دور أوسع لوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، لما يحققه ذلك من مصالح أكبر لهما في مواجهة أمريكا وأوروبا، على الأرض العربية.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن