مع دخول العدوان الصهيوني على غزة الشهر السابع، بات السؤال المطروح هل سيقوم جيش الاحتلال بتنفيذ مخططاته باجتياح رفح وتصدير أزمة كبيرة لمصر وللعالم؟!
المؤكد أن التحديات ما زالت قائمة وربما كانت رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسي السبت الماضي خلال إفطار الأسرة المصرية، تشير إلى أهمية أن يعرف الشعب حجم التحديات التي تتعلق بالأمن القومي في ظل التطورات الكبيرة بالمنطقة ويمكن للدولة المصرية تجاوز مخاطر أي تحد بشرط أن تكون الكتلة الصلبة، لديها الفهم الكامل للأوضاع التي نعيشها في الاقليم والعالم، ومع وعي المصريين ودعمهم تحركات الدولة المصرية يمكن مواجهة أي تحد قادم ومنذ 7 أكتوبر وحتى اليوم، العالم كله يتحدث عن مصر وما تقوم به من أجل فلسطين، وتتحمل الدولة المصرية العبء الكبير للوصول إلى حل لوقف دائم لإطلاق النار واتخاذ المجتمع الدولي خطوات وتركيز جهوده لهذه المسألة ودحر الاحتلال الذي هو سبب ما حدث يوم 7 أكتوبر من هجوم للمقاومة الفلسطينية.
وفي ظل الجهود المصرية الهائلة وعقد المفاوضات مع كل الأطراف بل تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني قدمت مصر النصيب الأكبر منها، فلوحدها أدخلت مساعدات تمثل 87٪ من جملة ما قدمه العالم، مع استقبال آلاف المرضى وعلاجهم بالمجان في المستشفيات المصرية، ورغم كل هذا نجد بعض الأصوات للأسف توجه الاتهامات لمصر في حين لا يتحدث هؤلاء عن حماس والتي قدمت شعبها كبش فداء لها وأصبح مليونا فلسطيني في غزة بلا مأوى وتستمر الضغوط على مصر حتى مسألة التهديد باجتياح رفح ستضع الدولة المصرية في موقف صعب، فماذا سنفعل في حالة تنفيذ نتنياهو تهديداته ونجد أمام الحدود المصرية مليونًا ونصف المليون فلسطيني.
هذا تساؤل علينا البحث عن إجابات له وتحركات لأنه قد يحدث في ظل رفض حكومة نتنياهو كل الدعوات لمنعها من الهجوم على جنوب غزة وتصدير أزمة كبيرة للدولة المصرية، والتي حذرت عدة مرات بعدم السماح بالمخطط الإسرائيلي الذي يستهدف تحويل غزة إلى مدينة أشباح غير صالحة للإقامة ومحاولة إنشاء منطقة آمنة للكيان الصهيوني على حساب الأراضي المصرية في سيناء وتعمل الولايات المتحدة بكل قوة ومعها بعض الدول الأوروبية لوضع مخططات تفضي باستبعاد أي دور لحماس في قطاع غزة مستقبلا، بل ذهبت بعض المقترحات لقيام قوات عربية أو حتى دولية تتولى تأمين الحدود في قطاع غزة وهي أفكار مرفوضة مصريا وعربيا، فمصر لا يمكنها قبول أي قوات على حدودها مع غزة مع رفض مسألة تولي قوات أجنبية توفر الأمن داخل قطاع غزة فيجب ترك ذلك لقوات أمنية فلسطينية يتم تدريبها وتوفير الأسلحة الخفيفة لها لمساعدتها في ضبط الأمن في القطاع بعيدا عن سلطة حماس.
أي خطة للسلام في الوقت الحالي تتطلب الوقف الكامل لاطلاق النار، ولا بد من الوضع في الحسبان عدم جدية نتنياهو في بحث مسألة قيام دولة فلسطينية، ولا يريد حتى التفاوض مع السلطة الفلسطينية ولديه أطماع في كامل الأراضي المحتلة، وربما ما يحدث في غزة من تدمير وإبادة مجرد البداية لتنفيذ المخطط الكامل لتفريغ الضفة الغربية أيضا من الشعب الفلسطيني وتصدير أزمة للأردن ولا يمكن بأي حال من الأحوال السماح لإسرائيل أن تتمدد على حساب مصر والأردن بالعمل على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في غزة والضفة، وإن كانت الجهود المبذولة مع كل الأطراف الأمريكية والأوروبية لمنع نتنياهو من القيام بهذه الخطوة التي لو حدثت ستهدد الأمن في المنطقة بكاملها وستقود لتوسع دائرة الحرب، فأي حسابات غير دقيقة ستلحق الأضرار بالجميع، وفي ظل العزلة الدولية لإسرائيل واندفاع المجتمع الدولي لدعم الشعب الفلسطيني، يجب استثمار هذا الزخم العالمي نحو حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، والواجب على الأشقاء الفلسطينيين التوافق فيما بينهم لتعود السلطة لحكم القطاع.
سوف تستمر مصر في مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني مع تمسكها بعدم السماح بتهجير أهل غزة إلى سيناء وستبقى مصر حائطا صلبا في وجه جميع المخططات والتحديات.
("الأهرام") المصرية