سلطت العديد من الدراسات الضوء على أن موجات الحر الشديدة يمكن أن يكون لها تأثير عميق على المناخ في دول الخليج، مما يجعلها تتجاوز قدرة الإنسان على التحمل بعد عام 2070. وقد حذر خبراء بارزون من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، البروفيسور جيريمي بال والبروفيسور الفاتح الطاهر، من أن المنطقة قد تشهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة بشكل يومي إذا لم يتم تحقيق تخفيض كبير في انبعاثات الكربون، وأكدوا أن التغير المناخي يمكن أن يؤثر بشدة على قابلية السكن في هذه المنطقة الحارة في المستقبل.
لقد لعبت ظاهرة «تأثير الجزر الحرارية الحضرية» دوراً كبيراً في ارتفاع مقلق لدرجات الحرارة في دول الخليج، مما أدى إلى زيادة معدلات الاحتباس الحراري وتعرض السكان لمخاطر صحية متعددة. يعود ذلك إلى التوسع الحضري ونمو المدن، حيث استبدلت المساحات الخضراء الواسعة بأسطح خرسانية وأسفلتية تمتص الحرارة، مما تسبب في ارتفاعها بالمناطق الحضرية وتكوُّن العديد من المخاطر الصحية على سكانها، بالمقارنة مع المناطق الريفية المجاورة.
تشمل الآثار الصحية الرئيسية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، مثل الإرهاق الحراري وضربات الشمس التي يمكن أن تؤدي إلى الجفاف والتشنجات، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي إلى فشل أعضاء الجسم. كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على الجهاز التنفسي بسبب تكون الأوزون وتلوث الهواء، وتزيد من مشاكل القلب والأوعية الدموية نتيجة للإجهاد الحراري.
وتعتبر الفئات السكانية الضعيفة، مثل كبار السن والأطفال الصغار والحوامل والعاملين تحت أشعة الشمس، بالإضافة إلى الأفراد الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقاً، هم الأكثر عرضة للخطر من هذه الآثار الصحية. ولمواجهة التحديات المتعلقة بزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري والمخاطر الصحية المرتبطة بها، يتطلب الأمر استراتيجيات رئيسية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كما تشمل تكثيف التخطيط الحضري المستدام مع توجيه الاهتمام إلى البنية التحتية الخضراء وتطوير المباني الصديقة للبيئة للتخفيف من آثار الجزر الحرارية الحضرية. علاوة على ذلك، يلزم زيادة الوعي العام بالمخاطر الصحية للاحتباس الحراري، وتعزيز أنظمة الرعاية الصحية لتكون قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية وتجهيزها للتعامل مع التحديات الصحية المتعلقة بالمناخ. يشهد هذا الارتفاع المقلق في ظاهرة الاحتباس الحراري في دول الخليج تداعيات وخيمة على البيئة والصحة العامة.
وبناءً على ذلك، يُلزم اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع التغيرات المناخية، لذلك، يجب التصدي لهذه التحديات بحزم واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على استدامة المنطقة وصحة سكانها، وبسبب التزامها بقضايا البيئة والمناخ، فمن المؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستضع هذه القضايا تحت الضوء في مؤتمر الأطراف «COP28».
(الاتحاد)