قبل 19 عامًا انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة فك الارتباط الأحادي «٢٠٠٥» وعادت السلطة الفلسطينية للسيطرة على معبر رفح الفلسطيني ووقعت اتفاقية المعابر التي شملت، تولي الحرس الرئاسي الفلسطيني بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تبادل المعلومات حول من يستخدمون المعبر الفلسطيني «ذهابا وإيابا» مع تولي الولايات المتحدة دور التسهيل في حالة حدوث أي عقبات، حتى جاءت حماس للسلطة في 2007، وقامت بطرد السلطة الفلسطينية من معبر رفح وتسبب ذلك في انسحاب الاتحاد الأوروبي، وأصبحت حماس تتولى إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني وظل هذا الأمر حتى مساء الاثنين الماضي 6 مايو 2024 عندما اقتحمت قوات جيش الاحتلال المعبر الفلسطيني وطردت موظفي حماس وجميع العاملين ورفعت العلم الإسرائيلي بعد إنزال علم فلسطين.
والسؤال ماذا عن خطورة الخطوة التي نفذها جيش الاحتلال بالسيطرة على معبر رفح على دخول وخروج الأفراد والمصابين والحالات الإنسانية مع نقل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة؟!
عمدت إسرائيل إلى قطع غزة وحصارها عن العالم الخارجي بل ومنع دخول المساعدات من معبر رفح المصري الذي تتوقف أمامه الشاحنات المحملة بآلاف الأطنان والعمل على قتل الفلسطينيين المصابين منهم والمرضى الذين يحتاجون للعلاج خارج القطاع الذي لا توجد به مستشفيات مع منع الدواء والمواد البترولية مما سيؤثر على حياة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في بؤس وحياة غير إنسانية منذ أكتوبر الماضي وما زالت معاناتهم مستمرة وربما ستظل لفترة طويلة في ظل تمسك كل طرف في المفاوضات بمطالبه وعدم التنازل عنها، وقد تكون معركة رفح التي تحدث عنها نتنياهو ورفض جميع الضغوط عليه لوقفها، لكنه خضع لليمين المتطرف مثل سموتريتش وبن غفير لدخول رفح كآخر معقل ـ حسب الرواية الإسرائيلية ـ توجد فيه قيادات حماس، ورقة ضغط في المفاوضات للحصول على مكاسب أكبر بل وتحقيق ما تحدث عنه مجلس الحرب الإسرائيلي من السيطرة على محور صلاح الدين «فيلادلفيا» والذي يقع داخل الأراضي الفلسطينية ويمتد من البحر المتوسط شمالا وحتى معبر كرم أبوسالم جنوبا بعمق نصف كيلومتر وبطول 14 كيلومترا وهو الشريط الذي يحاذي الحدود مع مصر وهو منطقة عازلة، وسبق لمصر أن حذرت من خطورة الخطوات التي قامت بها إسرائيل لأنها تهديد لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين في مارس 1979 والملاحق الأمنية، والبروتوكولات التي وقعت في كامب ديفيد 1978 وتعديلاتها في عام 2021، وحصلت بمقتضى التعديل الأخير مصر على الوجود للقوات المسلحة المصرية وعتادها في المنطقة الحدودية «ج» وتلزم الاتفاقيات عدم قيام أي طرف بأي إجراءات أو اختراقات للبروتوكولات الأمنية إلا بالتنسيق المسبق بين اللجان المعنية، وعودة الاحتلال الإسرائيلي إلى السيطرة الكاملة على غزة حتى معابرها مع العالم ما كان يحدث إلا بعد التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي باركت قيام جيش الاحتلال بإعادة السيطرة على معبر رفح الفلسطيني والتحكم في عمليات الدخول والخروج، لم تكن تحلم إسرائيل بأن تعود ثانية لتحتل غزة بالكامل ونتذكر ما كانت تمر به غزة قبل عام 2005، دور المقاومة تحرير الأرض وحماية السكان من القتل ولكن ما حدث أن إسرائيل أعادت احتلال غزة بالكامل وقتلت أكثر من 35 ألف شهيد فلسطيني مع إصابة قرابة 80 ألفا وتدمير 80٪ من البنية التحتية والمنشآت والتي تحتاج طبقا للأمم المتحدة إلى 80 عاما لتعود لما قبل 7 أكتوبر وأكثر من 70 مليار دولار و14 عاما لرفع الأنقاض فقط.
مصر تبذل جهدا كبيرا لضمان عدم تصفية القضية الفلسطينية وتحرص على إدخال المساعدات وخروج المرضى والمصابين لعلاجهم في المستشفيات المصرية، مصر تحملت الكثير وسوف تظل تواصل دورها القيادي للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، ثقتنا في القيادة السياسية والقوات المسلحة بلا حدود، من أجل أمن وسلامة أراضينا وضمان عدم تنفيذ إسرائيل خطة التهجير والتي ما زلنا نحذر منها، وواجب على دول العالم خاصة الولايات المتحدة التصدي لجنون نتنياهو الذي ستطول تأثيراته الجميع، فالسلام هو الحل الوحيد لجميع الشعوب.
("الأهرام") المصرية