وجهات نظر

هل تنجح الـ"بريكس" في تحجيم الدولار ؟

هناك عدد من العقبات تقف في طريق إنشاء عملة خاصة بمجموعة البريكس، وأعتقد أنه سيتم التغلب عليها في الفترة المقبلة، إذ يجب تسوية اللوجيستيات أو الجوانب الفنية المتعلقة بعملة بريكس، إذ إنّ ذلك يتطلب التزامًا جادًا للغاية، ليس فقط من هذه الدول، ولكن من الدول التي تقدمت بطلبات الانضمام، فهذه الدول ترى العملة المشتركة، ليس كأداة رد فعل للعقوبات، ولكن كعملة لتنمية التجارة داخل المجموعة، إذ بمجرد قيام البريكس بذلك، ستجد العملة قاعدتها الطبيعية إلى حد كبير مثل اليورو.

هل تنجح الـ

يترقّب العالم استعدادات عقد قمة منظمة البريكس المقبلة في جنوب أفريقيا، حيث من المتوقع إنشاء عملة مشتركة هو أحد أهم الموضوعات الرئيسة على جدول الأعمال، بعدما ناقش وزراء خارجية دول بريكس في كيب تاون بجنوب أفريقيا نهاية الشهر الماضي، الأدوات التي تمتلكها المجموعة لإقامة النظام الإقتصادي الدولي الجديد، ومناقشة الاستخدام المحتمل للعملات البديلة لحماية بنك التنمية الجديد التابع للكتلة من العقوبات، وإزالة الدولرة في التجارة على نطاق أوسع، وطرح مفهوم عملة بريكس الموحدة، لأول مرة، مع أفكار تشمل ربطها بالذهب أو بسلة من السلع أو بعملات دول بريكس.

الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا 25.46 تريليون دولار، بينما مجموعة البريكس بلغ ناتجها 25.91 تريليون دولار

وتجدر الإشارة إلى أنّ الصين تدرك أنها لن تصبح القوة الاقتصادية العالمية المنافسة لأمريكا، إذا احتفظت باليوان كعملة غير قابلة للتحويل، إذ إنه من الخطر على الصين مواصلة الاستثمار باحتياطيات في السندات السيادية الأميركية، وهناك بنوك كبيرة تراقب تراجع هيمنة الدولار على الصين وروسيا والبريكس، إذ يحذر الخبراء الاقتصاديون، من المخاطر التي يتعرّض لها الدولار، ومكانته كعملة احتياطية عالمية، فضلًا عن الآثار المحتملة على الاقتصاد الأميركي، إذ إن استمرار السياسة المالية الحالية سيؤدي في النهاية إلى تراجع سوق السندات، وسيتم تداول عدد أقل من المعاملات الدولية بالدولار، وستزيد البنوك المركزية الأجنبية من خفض حيازاتها من الأوراق المالية المقومة بالدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير وفقدان هيمنة الدولار في التجارة الدولية.

وبالإشارة إلى بيانات الحسابات القومية للبنك الدولي، وبيانات الحسابات القومية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الإقتصادي لعام 2022، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا 25.46 تريليون دولار، مقارنةً مع مجموعة البريكس التي بلغ ناتجها ما مجموعه 25.91 تريليون دولار حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل من، الصين 17.96 تريليونًا، الهند 3.38 تريليونًا، روسيا 2.24 تريليونًا، البرازيل 1.92 تريليونًا وجنوب أفريقيا 405 مليار دولار. وذلك يمثل تحديًا كبيرًا لأمريكا ويوفّر قوةً إقتصاديةً كبيرةً تنافسها وقادرة على منافسة الدولار وطرح عملة البريكس المنافسة.

تراجع قريب لهيمنة الدولار مع صعود اليوان أو عملة البريكس

من جانب آخر، توقّع البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، أن ينضمّ عدد كبير من الدول إلى نظام الدفع والتسوية الأفريقي، مما يسمح لها بالتخلي عن الدولار في معاملاتها الأفريقية، إذ إنّ نظام الدفع والتسوية الأفريقي، يسمح للدول الأفريقية بالتداول فيما بينها باستخدام عملاتها المحلية، بحيث أعلن رئيس البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، أنّ المنصة الجديدة بدأت عملياتها التجارية مع تسجيل أكثر من 9 دول، إذ إن نظام الدفع والتسوية يستخدم أسعار صرف الدولار حاليًا، في وقت يعمل مع البنوك المركزية لتطوير آلية لسعر الصرف، من شأنها أن تسمح للعملات الأفريقية البالغ عددها 42، بأن تكون قابلة للتحويل فيما بينها.

أمام هذه التداعيات، تسعى جميع الدول لتقليل الضغوط المالية عليها من خلال التخلي عن جزء من معاملاتها التجارية بالدولار، في الوقت الذي تسعى فيه الصين وروسيا و(فرنسا) ومعهم دول البريكس والدول العربية والأفريقية والدول النامية، لتأسيس نظام مالي دولي جديد، لا يعتمد بالضرورة على الدولار الأميركي كعملة رئيسية في التبادلات التجارية والمالية، إذ إنّ تراجع هيمنة الدولار الأميركي قريب مع صعود اليوان الصيني أو عملة البريكس، على الرغم من أنّ بنك "جيه بي مورغان" أعلن أنّ علامات تراجع الدولار تتكشّف في الاقتصاد العالمي. 

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن