كان ملفتا ان الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي على مستولى وزراء الخارجية يوم الأحد الماضي تم تخصيصه بالكامل تقريبا لبحث موضع إيران من مختلف الجوانب.
المجلس في بيانه الختامي حدد أربعة جوانب كبرى تحكم الموقف من إيران ومن النظام الإيراني وبرامجه وسياساته هي على النحو التالي:
1- ان المرتكزات الأساسية للعلاقات مع إيران تقوم على الالتزام التام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وكل ما يكفل الحفاظ على تثبيت ركائز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
2- أهمية التزام إيران بعدم تجاوز نسبة تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية، وضرورة الوفاء بالتزاماتها والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
3- إن دول مجلس التعاون يجب ان تشارك في جميع المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بهذا الشأن.
4- إن المفاوضات مع إيران يجب ان تشمل بالإضافة للبرنامج النووي الإيراني كافة القضايا والشواغل الأمنية لدول الخليج العربية، بما يسهم في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة في إطار احترام السيادة وسياسات حسن الجوار والالتزام بالقرارات الأممية والشرعية الدولية لضمان تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
هذه المواقف التي اكدها مجلس التعاون فيما يتعلق بإيران ليست جديدة كما هو معروف، وسبق إعلانها مرارًا.
السؤال هو: ما الجديد الذي استدعى إعادة تأكيد هذه المواقف بهذا الشكل التفصيلي واعلانها عبر اجتماع وزراء الخارجية؟
الجديد في تقديرنا الذي استدعى هذا هو المعلومات التي أصبحت مؤكدة عن مفاوضات غير مباشرة تجرى حاليا بين أمريكا وإيران بوساطة عمانية، وما يتردد عن الاحتمال الكبير بالتوصل الى صفقة أمريكية إيرانية في هذه المفاوضات وتحدثت مصادر بالفعل عن بعض جوانب هذه الصفقة.
في تقديرنا هذا هو التطور الذي دعا مجلس التعاون إلى إصدار البيان وإعادة التذكير بمواقفه من إيران.
لكن ما الذي يقلق مجلس التعاون أو يخشاه من المفاوضات الجارية بين أمريكا وايران والصفقة المحتملة؟.
قبل الإجابة عن السؤال يجب أن نتوقف عند تطور مهم آخر له دلالة بالغة هو الموقف الإيراني من بيان مجلس التعاون.
بمجرد صدور بيان مجلس التعاون، أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية بيانا للرد على ما جاء فيه.
بيان الخارجية الإيرانية بمثابة رفض لكل ما جاء في بيان مجلس التعاون رغم الحديث عن رغبة ايران في تعزيز العلاقات وتعميقها مع دول مجلس التعاون.. الخ.
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية طالب دول مجلس التعاون «ببناء أطر جديدة للتعاون في المنطقة من خلال التطلع إلى المستقبل والابتعاد عن الأدب التقليدي للماضي» هذا الكلام معناه مطالبة دول مجلس التعاون بنسيان مواقفها السابقة التقليدية واعتبارها أصبحت من الماضي والتطلع إلى المستقبل كما يقول.
واعتبر المتحدث الإيراني أن «الجزر الإيرانية الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، جزءًا لا يتجزأ وأبديًا من أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية». أي أنّ إيران تطلب من دول المجلس نسيان موضوع جزر الإمارات المحتلة تمامًا وعدم إثارته أصلًا.
كما عبّر المتحدث الإيراني عن رفضه لما جاء في بيان مجلس التعاون بشأن القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني واعتبر ان موقف المجلس مرفوض و«غير مناسب».
دعك من التعبيرات التي أصبحت تتردد على ألسن المسؤولين الإيرانيين في الآونة الأخيرة من قبيل الرغبة في التعايش وفتح صفحة جديدة من العلاقات والشراكة مع دول مجل التعاون.. وهكذا. دعك من هذا. جوهر الموقف الإيراني كما عبّر عنه بيان الخارجية الإيرانية وكما تعبّر عنه المواقف والسياسات والتصرفات العملية هو : على دول مجلس التعاون أن تقبل بالوضع الحالي كما هو وبكل ما تفعل إيران في المنطقة على مختلف الأصعدة، وعليها ألا تطالب بشيء آخر.
على ضوء هذه التطورات يمكننا القول إنّ دول مجلس التعاون تواجه اليوم معضلة حقيقية في التعامل مع الملف الإيراني.
للحديث بقية بإذن الله.
أخبار الخليج