تحتاج إسرائيل إذن - بحسب السياسي المحنّك رفيق ياسر عرفات في الكفاح المسلّح وفي التفاوض وفي بناء السلطة والإدارة الفلسطينية - إلى ذريعة دائمًا من أجل أن تمارس جرائمها، لكن الواقع والتاريخ يؤكدان، وعباس نفسه يعرف، أنّ كيان الاحتلال الصهيوني لا يحتاج إلى ذرائع من أي نوع لينفّذ أي مخطط له.
يتمسّك عباس بمسار تفاوضي لا يعيره أحد اهتمامًا ولا يعترف به الإسرائيليون أنفسهم
لم يفعل عباس وسلطته مثل حركة "حماس" وشركائها في عملية "طوفان الأقصى"، لم يُعطِ إسرائيل أي ذرائع، لم يتهوّر بكلمة عن الكفاح المسلّح، وظلّ يتمسّك بمسار تفاوضي لا يعيره أحد اهتمامًا ولا يعترف به الإسرائيليون أنفسهم.
فماذا جرى؟.. لم تتوقف حكومة الاحتلال الصهيوني عن استهداف المواطنين المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. قتلت ونهبت واقتحمت القرى والمخيمات وصادرت الأراضي وطردت العائلات ووسعت المستوطنات واعتقلت الأسرى.
بحسب تقارير المنظمات الحقوقية الفلسطينية والمنظمات الأممية والدولية، التي لا تغيب عن الرئيس "أبو مازن"، فقد مارست إسرائيل جرائمها في الضفة بمنهجية واضحة، ومن تلك الجرائم الموثّقة على سبيل المثال:
- اعتقل الاحتلال في الضفة الغربية منذ مطلع عام 2023 قبل "طوفان الأقصى" نحو 10 آلاف و276 فلسطينيًا وفلسطينية.
- استشهد نحو 74 طفلًا في الضفة الغربية وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، و5 مسنين و9 أسرى، وجُرح 9600 بالضفة الغربية.
- تم تهجير 28 تجمعًا فلسطينيًا في الضفة بسبب اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، ويقدّر عدد المهجرين بنحو 2330.
- أعلنت سلطات الاحتلال عن 210 مخططات استيطانية خلال 2023، منها 58 في القدس الشرقية تضم 5760 وحدة استيطانية على ما مساحته 3470000 متر مربع، وأعلن الاحتلال عن 152 مخططًا بالضفة تضم 21 ألفًا و988 وحدة استيطانية، وتقام على نحو 9657000 متر مربع، واستولى المستوطنون على حوالى 150000 متر مربع من المناطق الرعوية بالضفة الغربية، وقبل أن ينتهي عام 2023 بلغ عدد مستوطنات الضفة 176 مستوطنة، و179 بؤرة استيطانية يسكنها إجمالًا نحو 730 ألف مستوطن.
- نفذ المستوطنون قرابة 2140 اعتداء أدت معظمها إلى أضرار في الممتلكات، أو تسببت في إصابات بحق المواطنين الفلسطينيين، وطالت اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين نحو 18 ألفًا و80 شجرة، معظمها أشجار زيتون تم اقتلاعها أو إتلافها.
- هدم نحو 949 منزلًا ومنشأة تجارية وزراعية فلسطينية، يضاف إليها مئات الإخطارات بالهدم.
- خلفت قوات الاحتلال خلال هجماتها البرية تدميرًا واسعًا للشوارع والبنى التحتية من تمديدات مياه وخطوط هواتف وكهرباء خاصة في مخيم جنين ومخيمي طولكرم ونور شمس شرقي طولكرم، ومخيم بلاطة شرقي نابلس.
- نفذ مستوطنون خلال شهرين 52 اعتداء على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، كان أعنفها في محيط محافظة نابلس وبلدتي سنجل ودير دبوان في محافظة رام الله، حيث أحرقوا 6 منازل وغرف زراعية و35 مركبة، وكسروا زجاج 26 مركبة وأحدثوا أضرارًا في هياكلها، وهاجموا 36 منزلًا وحطموا زجاج نوافذها وخلايا شمسية وخزانات مياه، وسلبوا أموالًا من السكان.
- واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ومحاولة تهويد المدينة، من خلال المصادقة على مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة من جهة، والاستمرار في سياسة تدمير المنازل الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة، منها 8 أجبر مالكوها على هدمها ذاتيًا. وفي اليوم الأخير من فبراير/شباط 2023 أقر الاحتلال مصادرة 417000 متر مربع لمصلحة مشروع تحويل بؤرة متسبيه يهودا الاستيطانية قرب مستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس المحتلة إلى مستوطنة كبيرة تسمى مشمار يهودا.
لم يخبرنا "أبو مازن" بنوع الذرائع التي يمنحها لإسرائيل حتى تنفّذ مخطط ابتلاع الضفة والقدس
هذه فقط بعض البيانات المنتشرة على شبكة الإنترنت عبر مواقع الهيئات الحقوقية، لكن المؤكد أنّ الرئيس "أبو مازن" لديه تقارير وافية بالحجم الحقيقي لمخطط ابتلاع الضفة الغربية والقدس، ويستخدمها أحيانًا في بيانات شجبه واستنكاره، لكن رغم ذلك لم يخبرنا بنوع الذرائع التي يمنحها لإسرائيل حتى تنفّذ مخططها بتفتيت الأرض وتحويل الحياة إلى معركة دائمة وصعبة واستهداف الناس بالقتل والترويع والهدم والطرد والتهجير، وما الفارق بين المحاولات الصهيونية لابتلاع الضفة، وبين ابتلاع غزة.. من حيث النتائج والوقائع والذرائع؟!.
(خاص "عروبة 22")