صحافة

كيف سيرد نتنياهو على اقتراح بايدن؟

عماد الدين حسين

المشاركة
كيف سيرد نتنياهو على اقتراح بايدن؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن عرض، مساء الجمعة الماضية، خطة من ثلاث مراحل للتوصل إلى هدنة توقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ ٧ أكتوبر الماضي.

حركة حماس ردت بإيجابية واضحة على الخطة، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ما تزال متخبطة، ومرتبكة ولم تقدم ردًا رسميًا واضحًا وكاملاً.

الغريب أن إدارة بايدن ما تزال تصر على أن المقترحات إسرائيلية، في حين أن إسرائيل الرسمية لم تؤكد ذلك، ولم تنفه بصورة قاطعة.

السؤال الذي يشغل كثيرين هو لماذا كل هذا الارتباك والفوضى، في إسرائيل التي تم اختزالها في نتنياهو وبعض المتطرفين؟!

ظني الشخصي أن نتنياهو يعيش أسوأ وأسود أيامه السياسية. هو محشور في ركن ضيق وكل خياراته سيئة، وتقوده إلى هاوية لا فرار منها.

يصعب تخيل أن يخرج رئيس أمريكا ليصف المقترح بأنه إسرائيلي، وهو ليس كذلك. وبالتالي فأغلب الظن أن نتنياهو وافق عليه مكرهًا حتى لا يدخل في صراع مفتوح مع الإدارة الأمريكية، خصوصًا أنه بدأ يدرك تمامًا أن «تحقيق النصر المطلق» أمر مستحيل، بل إن بايدن نفسه قال ذلك، وكبار جنرالات الجيشين الأمريكي والإسرائيلي أقروا ذلك، ثم إن واشنطن أعطت نتنياهو كل الفرص الممكنة وغير الممكنة لتدمير المقاومة لكنه فشل، وعوضًا عن ذلك دمر بيوت ومنشآت قطاع غزة، وقتل آلاف النساء والأطفال العزل.

وبعد ساعات قليلة من إعلان مقترحات بايدن وبعد صمت طوال عطلة السبت اليهودية خرج نتنياهو ليسرب بأنها ضعيفة، ثم قال إنه سيواصل القتال حتى النصر المطلق وتدمير حماس.

وفي يوم الأحد، تغيرت النبرة قليلًا، ووجدنا أوفير فولك كبير مستشاري نتنياهو للسياسة الخارجية يقول لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية: «إن اقتراح بايدن صفقة وافقنا عليها، إنها ليست اتفاقًا جيدًا، لكننا نريد بشدة إطلاق سراح الرهائن جميعهم. وهناك الكثير من التفاصيل التي يتعين العمل عليها وأن الشروط الإسرائيلية بما فيها تدمير حماس لم تتغير، وأنه لن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار قبل تحقيق جميع أهدافنا».

بعد هذا الموقف أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن نتنياهو أبلغ شركاءه في الائتلاف بأن بايدن لم يعرض الشروط الكاملة التي وافقت عليها إسرائيل. في حين أن القناة الـ١٣ الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين بأن هناك مخاوف ألا يوافق نتنياهو على الصفقة، بسبب قلقه على مستقبله السياسي.

والملفت أن جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي وأحد أكبر المدافعين عن إسرائيل وعدوانها، قال إن المقترح الذي أعلنه بايدن هو مقترح إسرائيلي، وإذا وافقت حماس عليه فإن إسرائيل سوف تقول نعم. وإننا ننتظر ردًا رسميًا من حماس. وبعدها سرب نتنياهو الى مساعديه ان الاتفاق لا يتضمن اطلاقا وقفا كاملا ومستداما لاطلاق النار.

لكن نعود إلى ما بدأنا به ونسأل: لماذا يعيش نتنياهو أسوأ أيامه السياسية؟!

الإجابة، لأن شركاءه في الائتلاف الحكومي خصوصًا كبار المتطرفين، أكدوا أنهم سوف ينسحبون، ويسقطون الحكومة إذا قبل نتنياهو وقف النار.

لو حدث ذلك فلن يسقط نتنياهو والسبب أن يانير لابيد زعيم المعارضة أكد أكثر من مرة أنه سيوفر مظلة حماية لحكومة نتنياهو إذا وافق على الصفقة، لكن نتنياهو لا يفضل مشاركة خصومه من أحزاب الوسط.

نتذكر أيضًا أن بيني جانتس زعيم «المعسكر الرسمي» وعضو مجلس الحرب هدد نتنياهو علنًا بأنه إذا لم يوافق على الحل السياسي فسينسحب من الحكومة بحلول الثامن من هذا الشهر.

إذن نتنياهو محشور في ركن لم يتخيله في أسوأ كوابيسه: هو لم يحرر الرهائن ولم يدمر المقاومة، وجعل إسرائيل منبوذة وجرجرها وفضحها في المحاكم الدولية، وغالبية الرأي العام الدولي ضده.

هو في أزمة مستحكمة: «لو قبل الاتفاق فستنتهي حياته السياسية أو يصبح «بطة عرجاء»، ولو عارضه علنًا، فسيدخل في تحدٍ صعب مع إدارة بايدن التي تخشى أن تدفع الثمن في الانتخابات الرئاسية نوفمبر المقبل، وقد تفجر الوضع في المنطقة بأكملها مما يضر بمصالحها.

ولذلك فأغلب الظن أن نتنياهو سليجأ إلى المناورات المعتادة، بمعنى أنه قد يقبل الاتفاق شكلًا للافراج عن الرهائن، ويحاول أن يدمره موضوعًا عبر وضع العراقيل، رهانًا على معجزة تنقذه من هذه الأزمة الوجودية.

في كل الأحوال علينا أن نكون شديدي الحذر وألا نتفاءل كثيرًا، ونراهن على حسن النوايا الأمريكية والإسرائيلية.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن