واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع ارتفاع وتيرة القلق من تدحرج الأوضاع على جبهة جنوب لبنان نحو الحرب الشاملة أو الموسعة، بحيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن إقراره خططاً عملياتية لشنّ هجوم على لبنان، لافتًا إلى أنه "في إطار تقييم الوضع، جرت الموافقة على خطط عملياتية لشن هجوم في لبنان والتصديق عليها، واتخذت قرارات حيال مواصلة زيادة جاهزية القوات في الميدان".
وقد تزامن ذلك مع الجولة التي يقوم بها مستشار الرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين في المنطقة، الذي التقى رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتانياهو، بعد ساعات من زيارة قادته إلى لبنان، حيث حذر من أنّ "الوضع بين لبنان وإسرائيل يمرّ بأوقات صعبة ونريد حلولًا حاسمة". بينما أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة لا تريد حربًا إقليمية أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط. وتعليقًا على إقرار جيش الاحتلال خطط هجوم في لبنان، قال الميجر جنرال باتريك رايدر: "لن أخوض في افتراضات وأتكهن بما قد يحدث، بخلاف القول إنه لا أحد يريد رؤية حرب إقليمية أوسع نطاقًا".
وفي حين أشارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى أنّ "وقف إطلاق النار في غزّة سيمثل اختراقًا من أجل الوصول إلى حل على الحدود بين إسرائيل ولبنان"، أكد البيت الأبيض مواصلة "العمل الجاد لاستعادة الهدوء على الحدود بين لبنان وإسرائيل بما يسمح بعودة المدنيين لمنازلهم".
في المقابل، نشر "حزب الله" مقطع فيديو من الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحت عنوان "هذا ما رجع به الهدهد"، صوّرته طائرات مسيّرة تابعة له، أظهر صورًا عالية الدقة لمواقع استراتيجية حسّاسة من منطقة ميناء حيفا. وقد حرصت أوساط الحزب على التأكيد أنّ هذا الفيديو جاء ردًا على التهديدات الإسرائيلية، التي حملها هوكشتاين معه في زيارته إلى بيروت.
وعلى الجانب الإسرائيلي، توعد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بـ"القضاء على حزب الله"، في حال اندلاع حرب شاملة. وقال كاتس، بحسب بيان صادر عن مكتبه: "نحن قريبون جدًا من اللحظة التي سنقرر فيها تغيير قواعد اللعبة ضد حزب الله ولبنان. في حرب شاملة، سيجري القضاء على حزب الله، وسيُضرب لبنان بشدة".
من ناحية أخرى، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ "واشنطن لا تزال تراجع شحنة قنابل كبيرة إلى إسرائيل، بسبب مخاوف من احتمال استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان". وذلك بعد أن كان نتنياهو قد انتقد صراحةً وقف شحنات الأسلحة الأميركية لإسرائيل، ولفت إلى أنّ بلينكن أكد له، أن إدارة الرئيس الأميركي تعمل على إلغاء القيود المفروضة على هذه الشحنات.
وعلى وقع توسع رقعة التحركات المعارضة له في الداخل الإسرائيلي، جدد نتنياهو القول: "نسعى إلى تحقيق نصر حاسم في غزة، نقاتل على جبهات عدة ويجب ألا تحصل حرب أهلية عندنا".
إقليميًا، أعلن الجيش الأميركي، الثلاثاء، تدمير ثماني طائرات مسيّرة تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن وأخرى فوق خليج عدن خلال الـ24 ساعة الماضية. في حين أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الثلاثاء، بأنّ سفينة استهدفها الحوثيون في 12 يونيو/حزيران الحالي على بعد 66 ميلًا بحريًا جنوب غربي مدينة الحديدة اليمنية "يُعتقد أنها غرقت" في البحر الأحمر.
وأفادت مصادر صحيفة "الجريدة" الكويتية بأنّ "هوكشتاين حمل رسائل تهديد واضحة (إلى لبنان)، وهناك من يصفها بأنها المحاولة الأخيرة، وأنّ الوضع ليس جيدًا، ولم تعد الأمور تُحتمل، وفي حال عدم إنجاز ترتيبات سريعة فإنّ الأوضاع ستتدهور بشكل كبير"، ومما قاله هوكشتاين في اللقاءات أيضاً بحسب المصادر: "على اللبنانيين أن يكونوا متجاوبين، خصوصًا أن معركة رفح شارفت على النهاية، وذلك سيؤدي إلى تصعيد في لبنان، لن يكون أحد قادرًا على فعل شيء لوقفه".
بينما كشف مصدر دبلوماسي، لصحيفة "اللواء"، أنّ "لبنان لا يريد الحرب، وأن "مسيَّرة الهدهد"، التي وجهها "حزب الله" إلى حيفا، هي عبارة عن رسالة ردع لاسرائيل بأن الحرب ليست بالعملية الهيّنة"، في جين لفتت مصادر سياسية مطلعة إلى أنّ "زيارة هوكشتاين أعادت ما كانت قد ركّزت عليه عندما تمت في فترة سابقة، لجهة الخشية من التصعيد في الجنوب، لكن هذه المرة بدا هوكشتاين أكثر توجسًا مما أسماها حربًا مفتوحة بين لبنان وإسرائيل".
من جانبها، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أنّ "ما هو مؤكد في إسرائيل الآن أنّ نتنياهو بات يتصرف بشكل منفرد، وبصورة ترضي الأصوات المتطرفة، بهدف إطالة أمد بقائه في السلطة، في الوقت الذي بات فيه الرأي العام العالمي مقتنعًا الآن، أكثر من أي وقت مضى، بأنّ نتنياهو هو العقبة الرئيسية والأولى التي تعترض سبل التوصل إلى وقف للقتال، وبدء مشوار البحث عن تسوية سياسية دائمة وشاملة، للقضية الفلسطينية".
بينما اعتبرت صحيفة "الشروق" الجزائرية أنّ "عزّت الرشق، أحد قادة "حماس"، لم يُجانب الصواب حينما قال إنّ "كتائب القسام قد فكّكت مجلس الحرب الذي أنشِئ قبل أزيد من ثمانية أشهر لتفكيكها"، لافتةً إلى أنّ "هذا الحدث في الواقع مؤشرٌ آخر على قرب الانتصار النهائي لـ"حماس"، وسقوط حكومة نتنياهو نفسها، ونهايته السياسية ودخوله السجن".
ورأت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنّ "من أبرز التداعيات والنتائج التي تفرضها الحرب على غزّة هما إشكاليتان لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، الإشكالية الأولى هي العقدة الأمنية، والثانية هي الإشكالية السياسية أو من يحكم غزّة بعد الحرب. وهناك ترابط وتناقض بين الإشكاليتين، أي ربط إشكالية الحكم بإشكالية الأمن".
(رصد "عروبة 22")