تقدير موقف

أهميتنا في عالم الاقتصاد والتجارة الإلكترونية (2/2)مواقف رقمية لنصرة القضية

تُعتبر الكثافة الرقمية الكبيرة لمستخدمي الإنترنت العرب، قوةً في حد ذاتها، بأبعادٍ متعددة في عالم الاقتصاد والاستثمار والتجارة الإلكترونية. فهي محطُّ نظرٍ خاص، لسوق إلكتروني ضخم خاضعٍ لقانون العرض والطلب الشبكي. لذا، فهي أيضًا مجتمع خصب لجذب الإعلانات التجارية، والدعايات الإنتاجية والخدمية في مختلف المجالات، كما أنها براح متسع لخلق الحاجات الاستهلاكية المتنوعة.

أهميتنا في عالم الاقتصاد والتجارة الإلكترونية (2/2)
مواقف رقمية لنصرة القضية

مع استخدام العرب للإنترنت لساعات طويلة بشكل يومي، يزداد بالضرورة تآلفهم معها، فيتأثرون بها، وبإمكانهم في الوقت نفسه التأثير فيها لصالحهم السياسي والاقتصادي والثقافي، وبالأخص في خدمة قضاياهم المصيرية، وحقهم في الحياة الحرة الكريمة، ونصرةً لمبادئهم وقضاياهم القومية والاجتماعية... كل هذا، يمكن أن يحدث بسهولة ويسر، ودون إعطاء أي مبرر لأي شركات أو منصات رقمية تحتكر على العرب حرية الرأي والتعبير في أزمات معينة، مثلما يجري الآن على أرض فلسطين المحتلة.  

إنّ مجرد الوجود الافتراضي الرقمي للجماهير العربية العريضة، وتفاعلها الواعي المستمر مع التقنيات الشبكية المختلفة، في بيئة متواصلة من خدمة الإنترنت لمختلف الفئات المجتمعية، يعطي انتباهًا قياسيًا لأدوات التحليل التجاري والإلكتروني، ويحفز الشركات والمؤسسات على ضخ أموال هائلة لأجل الإعلان عن منتجاتها، وما يمكن أن تقدّمه من خدمات لجماهير الشبكة في البلدان العربية. ومن هنا تبرز أهمية الوعي والإدراك لإمكانيات القوة الفاعلة العربية في هذا الشأن، خصوصًا مع ازدياد تطور أنظمة التكنولوجيا المالية الرقمية، وإتاحة ميزات جاذبة بالخصوص، تنفق على تطويرها ملايين الدولارات، مثل خاصية الدفع المسبق، ومساعدات المدفوعات المختلفة، وغيرها من المزايا التي يفضلها العملاء.

تكاتف المجتمعات الافتراضية العربية سيكون له نتائجه الإيجابية في انتصار الحق على الباطل

يُذكر في هذا السياق، بحسب تحليلات مؤسسة "موردور إنتيليجنس"، أنّ 70% من المستهلكين في المنطقة العربية يفضّلون المدفوعات الإلكترونية. وأكثر من 80% قالوا بأنهم استخدموا أحد تطبيقات الدفع الإلكتروني، منذ أقل من عامين ماضيين في 2022. فما بالك الآن، وقد ازدادت تقنيات التجارة الإلكترونية تطورًا وانتشارًا، وازداد مستخدمو الإنترنت في مجتمعاتنا العربية.

لقد شهدت صناعة التسويق الإلكتروني بعض التطورات المثيرة مع دخول هذه السنة 2024؛ مثل التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستخدامات متنوعة، يمكن أن تتفاعل الشركات من خلالها مباشرة مع العملاء، وبناء علاقات أقوى من ذي قبل. بالإضافة إلى تطورات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تساهم بشكل ملحوظ في تحسين تجربة المستخدم، وتحديد احتياجاته، وتسهيل تفاعلاته وتسوّقه بشكل مريح وجذاب، فيمكنه استعمال البريد الإلكتروني بمزايا جديدة، وبإمكانه عبر التسويق بالفيديو مشاهدة المنتجات والخدمات كأنه في سوق طبيعي ملموس.

وهنا لا يغيب عن الوعي العربي، كيف يمكن استخدام مثل هذه القوة العربية الناعمة، من خلال جماهير عربية رقمية عريضة. ولا شك أنّ التعامل الجماعي وتكاتف المجتمعات الافتراضية العربية في هذا الخصوص، سيكون له نتائجه الإيجابية في انتصار الحق على الباطل، ووقوف العدالة الدولية إلى جانب القضايا العربية المشروعة.

يمكن على سبيل المثال وليس الحصر:

أن تتعامل الجماهير الرقمية العربية، في تسوّقها الإلكتروني، فقط مع شركات الدول الصديقة، التي تقف مع الحق العربي، ولا تساند الاعتداءات الوحشية الإسرائيلية على شعبنا في غزّة المنكوبة، وعموم فلسطين العربية. ويشمل ذلك التعامل مع الشركات والمؤسسات ذات المواقف الإنسانية العادلة في أي دولة كانت.

ضرورة تعبيرنا عن الرأي والموقف الدفاعي المشروع، ضد أية شركة تناهض قضايانا، ولا تحترم أموالنا التي ندفعها لشراء منتجاتها، في حين أنها تناصر المعتدين علينا.

يجب ألا نتردد في رفض إعلانات ودعايات الشركات المعنية، والتي تنفق عليها ملايين الدولارات، وتوضيح أنّ إعلاناتها ودعاياتها التجارية مستفزة، ومؤذية، ولا تحترم شعور العرب الذين يمثلون حوالى 5.9% من سكان العالم.

التواصل مع الأصدقاء في كل مكان، ومشاركة المجموعات الدولية المختلفة في الدعوة للحق العربي، وأهمية رد الطغيان على عقبيه خاسرًا مدحورًا، جراء الضغوطات الاقتصادية عليه وعلى من يناصره.

تحديد السلع التي يجب تجاهلها ومقاطعتها. وليس السلع العينية فحسب، بل الخدمات بأنواعها، وحتى رفض المشاركة في استطلاع الرأي التجاري ونحوه لمثل هذه الشركات، وأي معلومات أخرى تطلبها، إنه واجب وطني ألا نتعامل معها بأي شكل كان.

يمكن أن يكون لوجودنا الشبكي الكوكبي دور كبير في خدمة حقنا في الوجود والكرامة والآدمية

إظهار التعاون والتعاضد مع القضايا العادلة. وتفويت فرص الاستفادة من الإعلانات التي تنفق عليها الشركات ملايين الدولارات، فتخسر بذلك أموالًا طائلة، الأمر الذي يرغمها على إعادة  النظر في مواقفها الظالمة.

إنّ مجرد جعل الإعلانات والدعايات الباهظة الثمن غير ذات جدوى، نفسه يُعتبر انتصارًا لنا، وخسارة لأعدائنا المعتدين، فيخسر هؤلاء أموالهم الطائلة المنفقة، وأرباحهم التسويقية المتوقعة، وشهرة علاماتهم التجارية.

بمثل هذه المواقف وغيرها، يمكن أن يكون لوجودنا الشبكي الكوكبي دور كبير في خدمة حقنا في الوجود والكرامة والآدمية، ويمكن المساهمة بقوة في ردع الدول والشركات والمؤسسات التي لا تحترم من يدفعون أموالهم لها، فضلًا عن دفع دمائهم الزكية الطاهرة في فلسطين العربية.


لقراءة الجزء الأول

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن