واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لإمكانية نجاح محاولات الوصول إلى إتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة "حماس". بحيث كشف مصدر كبير في الحركة أنها قبلت مقترحًا أميركيًا لبدء محادثات بشأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، خلال 16 يومًا بعد المرحلة الأولى من الاتفاق الذي يرمي إلى إنهاء الحرب على غزّة. بينما ذكر مسؤول في "حماس"، لوكالة "أسوشييتد برس"، أنّ موافقة الحركة جاءت بعدما تلقت "تعهدات وضمانات شفهية" من الوسطاء بأنّ الحرب لن تُستأنف.
في المقابل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن مصادر مطلعة، أنّ رئيس "الموساد" ديفيد برنيع أبلغ الوسطاء بضرورة موافقة حركة "حماس" على الخطوط العريضة لصفقة التبادل من "دون تغيير"، في حين نقلت تقارير أنّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز ووفدًا إسرائيليًا سيصلان الدوحة خلال الأيام المقبلة، غير أنّ صحيفة "هآرتس" العبرية أفادت بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأ العمل على إجهاض الصفقة قبل أن ترد "حماس" على المقترحات الأميركية، بعد أن لمس أنّ الحركة يمكن أن تبدي مرونة بهذا الاتجاه "فهو يرى أنّ هناك خطرًا واضحًا وقائمًا على بقاء حكومته، وهذه هي الأولوية الأولى لنتنياهو". أما على مستوى الأوضاع في الداخل الإسرائيلي، فتظاهر آلاف الإسرائيليين، السبت، في عدة مناطق للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة "حماس" وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، رافعين لافتات ضخمة كُتب عليها "صفقة الآن".
بالتزامن، كشف مسؤول مصري كبير أنّ القاهرة ستستضيف وفودًا إسرائيلية وأميركية لمناقشة "القضايا العالقة" في اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل في غزّة، وفق ما نقلت وسائل إعلام مصرية. بينما أعلن البيت الأبيض أنه يحاول ووكالة المخابرات المركزية، التوصل إلى حل وسط لسد الفجوة بين إسرائيل و"حماس" حول هذه القضية، وفق تقرير لموقع "أكسيوس". في وقت أفاد وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي بأنّ بلاده ترغب في اتخاذ موقف متوازن إزاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة المحاصر، وستستخدم الجهود الدبلوماسية لضمان التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين.
في ظل هذه الأجواء، يواصل الجيش الإسرائيلي إرتكاب المجازر في القطاع، حيث أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة "حماس" أنّ 16 شخصًا قُتلوا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات. بينما أكد مسعفون مقتل 10 أشخاص، بينهم 3 صحافيون محليون، في غارة جوية على منزل في مخيم النصيرات، بالإضافة إلى قتل صحافي رابع في مدينة غزّة شمال القطاع. في وقت حذرت الوزارة من استمرار أزمة الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات ومحطات الأكسجين وثلاجات حفظ الأدوية، في كلّ المرافق الصحية المتبقية على رأس عملها في غزّة.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أفيد عن اندلاع اشتباكات بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط مخيم الفارعة جنوب طوباس، في حين كشف نشطاء أن قوات الاحتلال شنت حملة اعتقالات خلال مداهماتها لمنازل الفلسطينيين، إثر اقتحامها بلدة سلواد شرقي رام الله.
في هذا الوقت، تتواصل الأسئلة حول الأوضاع على جبهة جنوب لبنان، في المرحلة المقبلة، لا سيما مع تزايد عمليات الاغتيال التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد قيادات عسكرية في "حزب الله". بحيث أعلن جيش الإحتلال، مساء السبت، تصفية مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لـ"حزب الله" يدعى ميثم العطار، بغارة استهدفت سيارة في محيط بلدة شعث في البقاع.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية عن مصدر لبناني اطلع على أجواء لقاءات الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين في فرنسا، لا سيما مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والاتصالات التي جرت مع مسؤولين لبنانيين عقب هذه اللقاءات، أنّ "الاستعدادات الأميركية والفرنسية مكتملة لمواكبة أي هدنة او وقف لاطلاق النار في قطاع غزة ينسحب على لبنان".
بينما لفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أنّ "كرة الهدنة ما زالت في ملعب إسرائيل، والفرصة الجديدة، التي يجري الحديث عنها، لا توجد ضمانات تؤكد الالتزام بها، بل ستظل كسابقاتها رهينة أهواء المتطرفين في تل أبيب، وإذا كانت فرصة بالفعل، فستكون الأخيرة قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة تمامًا، لا سيما وأن خطوط التماس في جنوب لبنان تبدو مشتعلة أكثر من السابق، وتتصل بأوضاع إقليمية ودولية شديدة التقلب، وتفرض على الجميع ضبط النفس والامتناع عن التهور".
كما أوضحت صحيفة "الوطن" القطرية أنّ "قوات الاحتلال تعتقد أنّ في مقدورها إحداث تغيير جذري يلبي مصالحها ومطامعها في القطاع، لكن بعد حوالى تسعة أشهر من حرب الإبادة التي تشنها يبدو واضحًا أنها غير قادرة على ذلك، لا خلال هذا العدوان، ولا خلال أي اعتداء آخر يمكن أن تشنه مستقبلًا، وهي تعلم علم اليقين أنّ الحل الوحيد يكمن في حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني".
بدورها، أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنه "لا يمكن أن يشكل تسليم قطاع غزّة بعد الحرب الطاحنة إلى قوات دولية قبولًا لدى الشعب الفلسطيني فهذا ليس حلًا بل هو هروب من الحل، ولا يمكن التسليم بما تخطط له حكومة الاحتلال وفرضه من إملاءات على الشعب الفلسطيني ضمن سياسة الأمر الواقع التي تحاول فرضها على المستقبل الفلسطيني لاستهداف الدولة الفلسطينية ومحاربتها".
(رصد "عروبة 22")