تتبّع الباحثون العرب مؤخرًا إطلاق مبادرة فكرية باسم التنوير وتجديد الخطاب الديني، اصطلح عليها "تكوين"، انطلاقًا من مصر، كما تتبّع الجميع النقاشات التي أثيرت حولها، بين مؤيد ومعارض، بما في ذلك سجالات وما يشبه مناظرات بين عدة فرقاء، من أجل تقييم الفكرة والتفكير الجماعي بخصوص احتمال نجاحها.
لا نريد في هذا الرأي تقديم قراءات جديدة حول ما تضمّنته تلك التفاعلات، ولكن نود إثارة انتباه أهل المبادرة بخصوص ملاحظات، لو أُخذت بعين الاعتبار من أهل الشأن، ربما ما كنا نعاين أغلب تلك النقاشات التي أثيرت حولها.
الملاحظة الأولى ترتبط بجنسية الحضور، لأنّ أغلب المشاركين مصريون، مع أنّ موضوع تجديد الخطاب الديني لا يهم مصر وحدها، وهذه مشكلة مبدئية مع إطلاق المبادرة، وتكشف ضيق الأفق الإصلاحي لأهلها.
أما الملاحظة الثانية، فترتبط بوجود مجموعة من الكتّاب والإعلاميين الذين لديهم سوابق أثارت عدة جدالات دينية في مصر على الخصوص، الأول اشتهر ببرنامج يتطرق لقضايا تراثية خلافية، ولا زالت كذلك، والثاني، اشتهر بنقد كتّاب وإصدارات أحد العلماء التراثيين، بخطاب نقدي حاد، تغلب عليه القراءة الإيديولوجية ويبتعد بالتالي عن القراءة النقدية المعرفية.
إنّ وجود مثل هذه الأسماء التي أثارت جدالات عدة في مرحلة سابقة، يُعتبر سببًا وجيهًا لكي نعاين هذه النقاشات النقدية التي أثيرت حول إطلاق المبادرة، وهذا مأزق واضح لأهلها منذ البداية، وعنوان يستشرف من خلاله الرأي العام، محدودية أداء المبادرة.
(خاص "عروبة 22")