صحافة

"المشهد اليوم"... ترقّبٌ لمرحلة ما بعد الاغتيالات!

واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار حالة الترقب لمرحلة ما بعد الاغتيالات، في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات المتبادلة. في حين لا تزال تتضارب المعلومات حول طريقة اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، الأمر الذي يدفع إلى طرح الكثير من علامات الاستفهام، حول الإجراءات الأمنية المتخذة من قبل السلطات الإيرانية.

في هذا الإطار، أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه في 13 تموز الماضي قصفت طائرات مقاتلة تابعة للجيش منطقة خان يونس، وتأكد بعد تقييم استخباراتي "القضاء على محمد الضيف في الغارة". بينما أوضح القيادي في حركة "حماس" عزت الرشق في بيان، لم يتضمن "تأكيداً أو نفياً"، أنه "لا يمكن تأكيد أي خبر من الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام أو من قبل أي أطرف أخرى".

وفي حين نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن سبعة مسؤولين بالشرق الأوسط، بينهم اثنان إيرانيان ومسؤول أميركي، أن اغتيال هنية تمّ عبر عبوة ناسفة جرى تهريبها ووضعها داخل مضافة "الحرس الثوري" الإيراني شماليّ طهران. أفادت وكالة أنباء "فارس"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، بأن التحقيقات الأولية تظهر أن عملية الاغتيال نُفذت عبر إطلاق قذيفة أدت إلى تدمير جزء من سقف المكان والنوافذ.

بالتزامن، أشار الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله إلى أن على إسرائيل ومن يدعمها انتظار ردّ الحزب، الذي أوضح أنه "سيأتي حتماً ولا نقاش ولا جدل في هذا "، مضيفاً أن الحزب يبحث عن "ردّ حقيقي وفرص حقيقية من أجل تنفيذ ردّ مدروس جداً". في وقت لفت زعيم "الحوثيين" في اليمن عبدالملك الحوثي إلى أن الرد العسكري لـ"محور المقاومة" على جرائم الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة "أمرٌ لا بد منه". بينما أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري "أننا ندرس ومحور المقاومة كيفية ردنا على اغتيال هنية"، مشدداً على أنّ "الرد حتمي ويجب اتخاذ إجراءات متعددة والكيان الصهيوني سيندم على فعلته".

في الجهة المقابلة، كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن استعدادات إسرائيل لأي رد فعل محتمل، مبينة أنها "في حالة تأهب قصوى الآن تحسباً لرد فعل محتمل من حزب الله وإيران". في وقت أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش، في اتصال هاتفي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عمليات نشر عسكري دفاعي أميركي جديدة لدعم إسرائيل ضد تهديدات مثل الصواريخ والطائرات المسيرة. وأوضح أن بايدن "أكد التزامه بأمن إسرائيل ضد التهديدات الإيرانية وجماعات حماس وحزب الله والحوثيين". بينما كان نتنياهو قد أعلن أن اسرائيل في "مستوى عال جداً" من الاستعداد لأي سيناريو سواء "دفاعي أو هجومي".

على مستوى التطورات في غزة، واصل الجيش الإسرائيلي حرب الإبادة التي يشنها على القطاع، حيث أفيد عن شنه غارات، فجر اليوم، على خانيونس، بينما أعلن الدفاع المدني الفلسطيني استشهاد سيدة وإصابة آخرين بفعل قصف منزل في الشطر الغربي لخانيونس. كما شنت الطائرات الإسرائيلية غارة على مخيم النصيرات وسط القطاع. وأفيد عن استشهاد طفلة وإصابة أربعة مواطنين بجراح إثر قصف منزلاً في حي الزيتون، وعن استشهاد عدد من الفلسطينيين واصابة آخرين، جراء استهداف شقة سكنية في مدينة غزة.

بينما أعلن نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، الخميس، أن الولايات المتحدة "لا تزال تؤمن بأن صفقة وقف إطلاق النار في غزة ليست فقط عاجلة، وإنما قابلة للتحقق، وسنواصل التركيز على سد الفجوات من أجل إعادة الرهائن إلى ديارهم، ووقف العنف، وتهيئة الظروف لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتهيئة الظروف لمزيد من الدبلوماسية لإخراج المنطقة من دوامة العنف التي لا تنتهي".

بالنسبة إلى التطورات في جنوب لبنان، سقط 4 شهداء على الأقل في غارة إسرائيلية على بلدة شمع جنوبيَّ لبنان، في حين أعلن "حزب الله" إطلاق العشرات من صواريخ الكاتيوشا على مستوطنة متسوفا، رداً على اعتداء الجيش الإسرائيلي على بلدة شمع.

على صعيد متصل، كشف "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن قيادة الجيش السوري أصدرت أوامر جديدة، الخميس، لكل القطعات العسكرية والمواقع المتمركزة قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل، بمنع استخدام أي من المواقع العسكرية لشن هجمات صاروخية، أو القيام بأي تحركات باتجاه الجولان، بالإضافة إلى تحييدها عن أي مواجهات عسكرية محتملة.

في هذا السياق، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن الولايات المتحدة تحاول كبح جماح نتانياهو وتحذره من تفجير الحرب الواسعة، لأن نتائجها ستكون وخيمة على إسرائيل والولايات المتحدة والمنطقة كلها، لكن نتانياهو لم يتجاوب حتى الآن، وما زال يواصل ارتكاب المجازر في غزة غير عابئ بسمعة الشريك الأميركي ولا بمصير المحتجزين، آملاً أن ينقذ نفسه أولاً.

بينما اعتبرت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن نتنياهو يستغل الواقع الأميركي الراهن، حيث الإدارة الديموقراطية شبه مشلولة  في غيبوبة الإنتخابات الرئاسية، وفقدت فعالية نفوذها وتأثيرها على حليفتها الإسرائيلية المدللة من جهة، وما قوبل به من الوقوف تصفيقاً في الكونغرس الأميركي 53 مرة من جهة ثانية، مما إعتبره بمثابة تشجيع، ليس لإستمرار الحرب في غزة وحسب، بل وأيضاً دعماً غير مباشر للخروج على قواعد الإشتباك، والتوغل في الإغتيالات، في مغامرة جديدة من شأنها أن تشعل المنطقة، وتفجر حرباً إقليمية شاملة.

ولفتت صحيفة "الرياض" السعودية إلى أن الساحة ستظل مفتوحة على كل الاحتمالات إلا احتمال الجنوح إلى السلم كونه أصعب الخيارات، ويتطلب تنازلات لا أحد يريد تقديمها وتحمل تبعاتها، السلام هو الخيار الأمثل لكنه الأصعب ويتطلب نوايا حقيقية صادقة غير متوفرة في هذه المرحلة في ظل الأوضاع السياسية العالمية التي تشهد أحداثاً كبيرة غير التي في إقليمنا تؤثر تأثيراً سلبياً على المشهد العالمي.

بدورها، رأت صحيفة "الوطن" القطرية أن إشعال المنطقة على كل الجبهات، وتصاعد الهجمات التي وصلت إلى نقطة عالية، تمثلت في اغتيال قائد سياسي بحجم إسماعيل هنية، الهدف منه هو إعادة قوة الردع، وإثبات قدرة وقوة إسرائيل في المنطقة، وهي تريد من ذلك تفكيك وحدة الساحات، وتحييد العمليات التي تقوم بها المقاومة، وهذا يضع فصائل وحركات المقاومة أمام خيارات، أبرزها الرد المباشر، أو الرد بالمثل، وهذا يحتاج لوقت من الزمن، أو القيام برد عابر متعارف عليه، يليه الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.

وكشف مصدر بمجلس الأمن القومي الإيراني، لصحيفة "الجريدة" الكويتية عن تلقي الرئيس مسعود بزشكيان رسالة تحذيرية من إدارة نظيره الأميركي جو بايدن، جددت فيها التزامها بأمن إسرائيل وأنها وشركاءها سيدافعون عنها لو حاولت إيران وحلفاؤها الهجوم عليها، مشيراً إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي تسلم الرسالة من بزشكيان وأمره بعدم الرد عليها، واجتمع بمستشاريه وأعضاء مجلس الأمن القومي بعد صلاة الجنازة على هنية، وطلب منهم وضع خططهم للرد على إسرائيل.

وأشارت صحيفة "البيان" الإماراتية إلى أن نتانياهو لن يصل إلى أي مكان، هذه هي الإجابة التي يجب أن يسمعها، غزة التي يدمرها اليوم هي غزة التي هرب منها أسلافه، ولبنان الذي يهدده بالاجتياح هو نفسه لبنان، الذي هرب منه جيشه في جنح الظلام، أما طريق السلام الذي كان ممهداً فقد تراكمت فوقه أحمال ثقيلة عطلت مساره منذ أن تبع المتطرفين.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن