قضايا العرب

"أهلًا بكم في جهنّم".. هذا ما يحصل في معتقل "سدي تمان"!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

"أهلا بكم في جهنّم".. لافتة وضعها الاحتلال باللغة العربية على مدخل معتقل "سدي تمان" في صحراء النقب، وهي لافتة تعبّر عن حقيقة ما يجري مع أسرى قطاع غزّة داخل أسوأ معتقلات الاحتلال في التعذيب والقتل والاغتصاب. إنه في حقيقة الأمر، يذكّرنا بمعتقل "غوانتنامو" الأمريكي أو سجن "أبو غريب" إبان الاحتلال الأمريكي للعراق.

في الآونة الأخيرة، كشفت صحيفة "هآرتس" أنّ الجيش الإسرائيلي يحتجز جثامين 1500 فلسطيني في معتقل "سدي تيمان" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما لم يسبق لجيش الاحتلال أن أقرّ به قبل أن تكشف الصحيفة العبرية عن الأمر. ويقول جيش الاحتلال إنّ هذه الجثامين تعود لفلسطينيين عبروا "الجدار الفاصل" مع غزة في السابع من أكتوبر 2023، واستشهدوا هناك، لكنّ سمعة المعتقل القذرة تغلّب الشكوك بأنّ بعض هذه الجثامين يعود لأسرى من قطاع غزّة قضوا تحت التعذيب والاغتصاب في المعتقل.

سياسة الاحتلال في احتجاز جثامين الفلسطينيين ليست وليدة أحداث ما بعد 7 أكتوبر، إذ يحتجز الاحتلال منذ سنوات طويلة ما لا يقل عن 500 شهيد، بعضهم كانوا أسرى، في ثلاجاته ومقابر الأرقام، في خطوة عقابية لأُسر منفذي عمليات المقاومة، ولسرقة أعضاء من جثامينهم، وهو ما أفصح عنه أطباء في غزّة أجروا فحصًا سريعًا لبعض الجثامين بعد الإفراج عنها فلاحظوا سرقة أعضاء منها، مثل قرنية العين وقوقعة الأذن، وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب، وفق تقرير سابق نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وبتاريخ 7/8/2024، نشرت وسائل إعلام عبرية مقطع فيديو تم تسريبه من داخل معتقل "سدي تمان"، لأسير يتم اقتياده من ساحة المعتقل إلى مكان جانبي حيث تمّ اغتصابه من قبل عدد من الجنود الإسرائيليين.

وأوضح نادي الأسير الفلسطيني تعقيبًا على هذا المشهد، أنّ الأسير المُغتصَب لم تُعرف هويته ولا وضعه الصحيّ حتّى اللحظة، مشيرًا إلى أنّ هذه الجريمة هي واحدة من بين العديد من جرائم الاغتصاب التي نفّذها جنود الاحتلال بحقّ معتقلي غزّة، مع التشديد على أنّ جريمة الاغتصاب الموثّقة بالكاميرات، تؤكّد أنّ هناك المزيد من الأدلة المصوّرة والتي يملكها الاحتلال حول كل الجرائم التي نُفّذت بحقّ المعتقلين في هذا المعسكر وفي سجون أخرى.

وفي هذا الإطار، قال مدير عام مركز القدس للدراسات القانونية والمفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان، عصام العاروري، لـ"عروبة 22"، إنّ ما يجري في معتقل "سدي تمان" لم يحدث في تاريخ السجون الاسرائيلية، لأنّ الاحتلال قتل 60 معتقلًا على الأقل في هذا المعتقل، و18 معتقلًا في بقية السجون في 10 شهور، مع الإشارة إلى أنّ شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 بلغ 275 معتقلًا شهيدًا، وهو ما يشير إلى طبيعة الإجرام والتعذيب الوحشي الذي يُستُخدم في معتقل "سدي تمان" وبقية السجون منذ السابع من أكتوبر.

وإذ يؤكد أنّ غالبية جثامين الشهداء في المعتقل، والتي كشفت عنها صحيفة "هآرتس"، تم جلبها من قطاع غزّة، وبعضها من مقابر القطاع لإخضاعها لفحص (DNA) والتعرّف إن كان من بينها جثث أسرى إسرائيليين محتجزة لدى المقاومة، يشير العاروري إلى أنه لا توجد معلومات دقيقة وكاملة عما يقوم به الاحتلال في "سدي تمان"، وأنّ المعلومات التي حصلت عليها منظمات المجتمع المدني المختصة في حقوق الانسان هي فقط من بعض الصحافة الاسرائيلية وبعض المعتقلين الذين تم الافراج عنهم.

وعن اشكال التعذيب والتجويع في معتقل "سدي تمان"، لفت العاروري إلى أنّ "وضع المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية وخصوصًا في معتقل "سدي تمان" الذي خصصه الاحتلال لمعتقلي غزّة بعد السابع من أكتوبر، وضع الفلسطيني ضمن معاملة "العبيد" في القرون القديمة، وكأنه ليس كائنًا بشريًا ويحقّ لمن يعتقله أن يقتله".

وفي السياق ذاته، قال مدير مركز حريات، حلمي الأعرج، لـ"عروبة 22"، إنّ ما يجري داخل السجون الإسرائيلية وبخاصة معتقل "سدي تمان" يؤكد أنّ "الذي يحكم "إسرائيل" عصابة تمارس التعذيب بهدف التلذذ حتى وصل الأمر إلى اغتصاب المعتقلين بالعصي وغيرها من الآلات والأدوات الحادة ما أدى لإصابة أحدهم بنزيف استدعى نقله إلى المستشفى، الأمر الذي فضح حقيقة ما يجري في المعتقل".

وعن عدد المعتقلين في "سدي تمان"، أوضح الأعرج أنّ "الأعداد داخل المعتقل وصلت إلى حوالى 2000 معتقل وهي في تزايد مستمر نتيجة كثرة الاعتقالات، ما جعل عدد المعتقلين في الغرفة الواحدة يصل إلى 24 معتقلًا، باتوا ينامون وهم جالسون، فضلًا عن أنّ هذا الاكتظاظ أدى إلى انتشار الأمراض بينهم وخصوصًا منها الأمراض الجلدية المعدية".

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن