واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لنتائج الجولة الجديدة من المفاوضات، التي تعقد اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، لمعرفة إمكانية أن تقود إلى إتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، بين إسرائيل وحركة "حماس"، ونزع فتيل التوتر في المنطقة برمتها. في ظل حالة القلق القائمة منذ إغتيال تل أبيب الرئيس السابق للمكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، والقيادي العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية، التي بذلت في الأيام الماضية، إلا أن المؤشرات توحي بأن من الصعب أن تقود هذه الجولة من المفاوضات إلى نتائج حاسمة، خصوصاً أن حركة "حماس" كانت قد أكدت عدم مشاركتها فيها. في حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستمر في لعبة "المراوغة"، التي يقوم بها منذ أشهر، مفضلاً البقاء ضمن دائرة الخيار العسكري، الذي يحول دون تعرضه لأي محاسبة داخلية. وهو ما أكدت عليه هيئة البث الإسرائيلية، التي أفادت بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي متمسك بشرطَين، هما البقاء بمحور فيلادلفيا وتفتيش العائدين لشمال قطاع غزة.
في هذا الإطار، أكد القيادي في الحركة أسامة حمدان أن "حماس" ستشارك فقط إذا ركزت المفاوضات على تنفيذ الاقتراح الذي عرضه الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو/ أيار، وحظي بتأييد دولي، مشيراً إلى أن الحركة "لا تعتقد أن الولايات المتحدة قادرة أو راغبة في ممارسة الضغط على إسرائيل لإبرام اتفاق". في المقابل، قررت إسرائيل إرسال فريق التفاوض في الموعد المتفق عليه، بينما أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إلى أن الصلاحيات التي مُنحت للفريق لا تمكنه من التفاوض في القضايا الأساسية، فيما أفادت صحيفة "هآرتس" بأن الصلاحيات التي منحها نتنياهو للوفد تمكنه من التقدم في المفاوضات.
بالتزامن، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أن الولايات المتحدة تتوقع أن تمضي محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة على النحو المخطط له، رغم قرار حركة "حماس" عدم الحضور. بينما حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني كل الأطراف على عدم تقويض المفاوضات. في وقت تحدث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، هاتفياً، مع نتنياهو، وناقشا اتفاق الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وفقاً لما نقله موقع أكسيوس الأميركي عن مصدرين أميركيين مطلعين.
وفي حين أعلن البيت الأبيض أن فريق الأمن القومي أطلع جو بايدن وكامالا هاريس على الجهود العسكرية الأميركية لدعم الدفاع عن إسرائيل. برزت، يوم أمس، الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، حيث أعلن أنه يعتقد أن الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" يمكن تجنبها، مشيراً إلى أننا "ما زلنا نعتقد أنه يمكن التوصل لحل دبلوماسي لأننا لا نزال نظن أنه لا يوجد أحد يريد حقاً حرباً شاملة بين لبنان وإسرائيل".
في هذا الوقت، يستمر التصعيد الإسرائيلي على كافة الجبهات، بحيث تستمر عمليات القصف وإرتكاب المجازر في قطاع غزة. بينما أفيد على مستوى جبهة جنوب لبنان، أمس، عن سقوط 17 جريحاً، 4 منهم في حالة خطرة، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة قرب مفترق بلدة العباسية، وعن سقوط شهيدين و4 جرحى بحالة حرجة في غارة أخرى استهدفت بلدة مرجعيون. في وقت أشار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى أنّ "إسرائيل مجبرة على شن حرب على لبنان، ونقل الحزام الأمني إلى الأراضي اللبنانية".
في الضفة الغربية المحتلة، استشهد شابان فلسطينيان وأصيب أربعة آخرون، بينهم طفلة وسيدة، فجر اليوم، إثر قصف طائرة مسيرة إسرائيلية، تجمعاً للفلسطينيين في مخيم بلاطة شرق نابلس، كما أصيب أربعة شبان آخرون برصاص القوات الإسرائيلية، خلال مواجهات معها لدى اقتحام المخيم المذكور. في وقت شنت هذه القوات حملة اعتقالات واسعة، في صفوف المواطنين بمحافظة الخليل.
في هذا الإطار، لفتت صحيفة "الشرق" القطرية إلى أن أنظار العالم والمنطقة اليوم تتجه صوب الدوحة التي تستضيف جولة حاسمة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار، موضحة أن الدبلوماسية القطرية ظلت تجري اتصالات مكثفة مع كل الاطراف بهدف ضمان انجاح هذه الجولة المصيرية لإنهاء العدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ووقف حرب الابادة الجماعية، والعمل على وقف التصعيد الاقليمي وتجنيب المنطقة مخاطر توسع الصراع.
بينما رأت صحيفة "البيان" الإماراتية أن لقاء اليوم سيلحق باللقاءات الفاشلة، نتيجته صفر يضاف إلى الأصفار السابقة، فالوساطة تحتاج إلى نية صافية، وليس لألاعيب الخبثاء، وتحتاج إلى وسيط نزيه ومحايد، وليس إلى منحاز مراوغ، وسيستمر القط المغرور بسلاحه في بحثه عن الفأر المختبئ في الجحور، وسيدفع الأبرياء من أهل غزة الثمن.
وتحت عنوان: "هوكشتاين جاء حاملاً تهديداً.. وعاد محملاً وعيداً!"، أشارت صحيفة "اللواء" اللبنانية إلى أنه يدرك جيداً أن الكلام الذي يسمعه من المسؤولين اللبنانيين عن تنفيذ القرار ١٧٠١، لا قيمة له على الصعيد العملي، لأن الدولة غائبة عن منطقة القرار الأممي، ولا سلطة لها على المربع الحدودي، والمجاور للأراضي المحتلة، ودور الجيش في المواقع الأمامية يكاد يقتصر على الدوريات المشتركة مع قوات اليونيفيل، وتبقى السلطة على الأرض لحزب الله، ومؤسساته المدنية وبنيته العسكرية.
بينما لفتت صحيفة "الجريدة" الكويتية إلى أنه بالنسبة إلى الأميركيين يتضح أن "حزب الله" وإيران لا يريدان الحرب ولكن لا أحد قادراً على الحصول على موقف من الحزب حول آلية ردّه على اغتيال فؤاد شكر وكيفية استمرار تضامنه مع غزة، مشيرة إلى أنه عملياً لم يحمل هوكشتاين أي مبادرة جديدة باستثناء الاستشعار الأميركي للمزيد من المخاطر والسعي إلى كيفية تفادي الانفجار.
(رصد "عروبة 22")