الكثيرون يعتقدون أنه مجرد تصريح انتخابي من ترامب، وأنه محاولة منه لجذب أصوات اليهود الأمريكان في معركته للعودة إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. ربما يكون هذا صحيحا لكنني مع الرأي الآخر الذي يعتبر أن هذا التصريح ربما يكون جادا، يجب أخذه مأخذ الجد، لأنه يتعلق بتصريح صادر من رئيس سابق، ومرشح قوى للرئاسة يتمتع بفرصة كبيرة في الفوز بالمنصب مرة أخرى في الانتخابات المقبلة.
التصريح المثير للجدل هو ما صدر عن دونالد ترامب حينما أكد أن مساحة إسرائيل الحالية صغيرة، وأنه يفكر في كيفية مضاعفتها. أتفق مع ما كتبه الزميل محمد البهنساوي في عموده بالصفحة الأخيرة بصحيفة الأخبار والمنشور في الأسبوع الماضي حينما دق جرس إنذار مهما حول ذلك التصريح الغريب مشبها إياه بأنه وعد بلفور جديد.
صحيح أن ترامب لن يختلف كثيرا في تصرفاته الداعمة للكيان الصهيوني عن بايدن، ولا عن تصرفات منافسته كامالا هاريس في حالة فوزها، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ نشأة وقيام دولة إسرائيل لم تختلف في دعم ومساندة الكيان الإسرائيلي، وكل الاختلاف كان في "الشكل" فقط وليس في "المضمون".
على سبيل المثال فإن ما فعله بايدن وإدارته لم يفعله رئيس سابق في دعم إسرائيل، وقبل بايدن قام الرئيس السابق ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة لينفذ بذلك قرار الكونجرس المعلق قبل رئاسته.
هي حلقات تنسجم مع بعضها البعض، ولا تختلف في شيء سوى في بعض التفاصيل غير المؤثرة على المضمون النهائي المساند والداعم للكيان الإسرائيلي على اعتبار أن وجود إسرائيل هو مصلحة أمريكية مباشرة، وهدف رئيسي ضمن أهداف السياسة الأمريكية القديمة، والحالية والمستقبلية.
تبقى خطورة تصريحات ترامب في أنها لا تكتفي بهذا الانحياز الأعمى والمطلق من الإدارة الأمريكية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها تمتد إلى الرغبة في توسعة كيان دولة الاحتلال لأن مساحتها صغيرة بحسب تلك التصريحات، وبالتالي فإن ذلك قد يقتضي إلغاء مبدأ الدولة الفلسطينية، وربما يتعدى الأمر ذلك إلى امكانية التوسع على حساب دول المنطقة بحسب الظروف والأحوال مما يقتضي اليقظة والحذر التام.
(الأهرام المصرية)