صحافة

اليسار الأميركي والإسلام السياسي

أحمد الخزاعي

المشاركة
اليسار الأميركي والإسلام السياسي

في كتابه "التحالف المحرم" تحدث ديفيد هورويتز عن التحالف بين تيارات الإسلام المتطرف والتيار اليساري الأمريكي، آخذًا بالاعتبار كلمة لأسامة بن لادن حين تحدث عن "مصير الإسلام والشيوعية الواحد والمحتوم في مواجهة الصليبيين". واستطرد مسهبًا في تعريفه للخيانة العظمى، معرفًا إياها بوقوف مواطن لدولة ما مع دولة أخرى وسياساتها ضد دولته تحت شعارات اعتبرها واهية. ومهما بدا الأمر مستبعدًا، فقد أصبح اليساريون والإسلاميون أقرب في السنوات الأخيرة معتمدين على التبادل الأيديولوجي، والعمل على المستويين الحكومي وغير الحكومي، حيث تعمل الحركتان على بناء جبهة مشتركة ضد الولايات المتحدة وحلفائها. ويمثل التحالف الأحمر والأخضر الناشئ تحديًا معقدًا سيتطلب اهتمامًا دقيقًا من جانب صناع السياسات في الولايات المتحدة، أوروبا، والدول العربية أيضًا.

إن قمنا بفصل الإسلام السياسي عن الجماعات الإسلامية المتطرفة، فسنجد منظورًا يعتمد على رؤية ماركسية في صراع مستميت على السلطة فيما بين الطبقة الاستغلالية والمستغلين الذين يقومون بثورات لوضع الأمور في نصابها الصحيح (حسب ادعاءاتهم). إنها وجهة نظر تتلخص في السعي للسلطة مع طرح متلازمات من قبيل أن هناك الظالمين والمضطهدين، المستعمِرين والمستعمَرين، وأخيرًا الخير والشر. أي أن الطرفين يتبادلون الأدوار وليسوا أطرافًا مختلفة. إنها طريقة تفكير شمولية، إذ يُنظر من خلالها لجميع العلاقات الإنسانية من خلال ديناميكيات القوة ولا يمكن فحصها من خلال أي عدسة أخرى.

وبعبارة أخرى، فإن الطريقة المحصورة التي ترى بها المجموعتان العالم هي نفسها. وقضاياهم مجرد أوعية لحمل أيديولوجيتهم الثورية، التي أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا انها لا تتعدى كونها أفكارًا طوباوية تتكسر أمام صخور الواقع. علما أن ما تسمى بدول محور المقاومة تعتمد هي كذلك على نظريات اقتصادية اشتراكية عوضا عن الإسلامية منها، ويتجلى ذلك بشكل واضح من خلال التطبيق، بجانب كون جل حلفاء تلك الدول تعتبر اشتراكية.

مثال مهم على هذا التحالف هو التقارب بين الحزب الديمقراطي والقيادة الإسلامية في ايران و ما يحصل اليوم في أمريكا في كيفية تحول الـBLM) Black Lives Matter) ليصبح حركة ANTIFA) Anti Fascism)، فحركات غوغائية ظاهرها مناصرة لقضايا المسلمين - حيث انها تختلف عن الحراك "السلمي" الداعم لغزة -، وباطنها حركات لا سلطوية ترفض التسلسلات الهرمية الحكومية، وتدعو بالمقابل لحكومات هلامية ليس للقانون فيها سلطة واضحة.

ماذا يعني لنا نحن عرب الخليج هذا التحالف وما هي نتائجه؟ وقوف الولايات المتحدة الامريكية مع حركات الإسلام السياسي - وان كانت غير مباشرة احيانًا - ستؤدي بالنتيجة لوقوفها مع حركات التحرر الإسلامية من قبيل طالبان، الحوثيين، الاخوان المسلمين، وصولاً للنظام الحاكم في إيران، ما سيقوم بزعزعة المنطقة بشكل غير مسبوق كما حصل ابان احداث الربيع العربي، فهذه الحركات تؤمن بالحكم المطلق لها، ولها فقط.

بالمقابل، تتقاطع المصالح الجمهورية تاريخيًا مع المصالح العربية في الخليج، حيث تشير الاحصاءات لازدهار التبادل التجاري البيني في أثناء الحكم الجمهوري للبيت الأبيض مقابل حين تولي حاكم ديمقراطي مقاليد الحكم. اما من الجانب الجيوسياسي، فجميعنا شاهد على التغيرات التي حصلت ابان تولي الرئيس ترامب للسلطة، بعيدًا عن الاحداث الامريكية، وتصريحاته الإعلامية، تغيرت موازين قوى كثيرة لصالح دول مجلس التعاون الخليجي مقابل ما تكبدته قبل ذلك.

أما نتيجة الانتخابات، ومن سيفوز بها، فهذا متروك للمواطن الأمريكي، لكن بالنسبة لنا كدول الخليج العربية، والبحرين بالذات، فلا تخلو الدبلوماسية البحرينية من الإنجازات خلال السنوات القليلة الماضية ضمنت انه ان كان الرئيس القادم ديمقراطيًا ام جمهوريًا، فسيكون التعامل واحدًا، واضحًا، وحازمًا، يضمن النتائج المرجوة.

فنحن نملك فريق عمل في وزارة الخارجية البحرينية يضم كفاءات مرموقة وذات خبرات كبيرة تضمن حصول ذلك. فسعادة وزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الزياني وسعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة على رأس الفريق الذي يقف وراء هذه النتائج، مترجمين حكمة جلالة الملك وتطلعات سمو ولي العهد. وما جهود سعادة سفير مملكة البحرين في الولايات المتحدة الامريكية الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة الا دليل على ذلك، ما له من سمعة وصيت في العمل الدبلوماسي في واشنطن. حيث إن ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية على الصعيد الدولي ما كان ليحصل لولا العمل المشهود لهم من الساسة وصناع القرار في المحافل الدولية.

(الأيام البحرينية)

يتم التصفح الآن