قضايا العرب

محور فيلادلفيا.. " 4 أهداف" يسعى نتنياهو لتمريرها من الممر الضيّق!

القاهرة - محمد خيال

المشاركة

بين عشية وضحاها، حوّل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشريط الحدودي الضيّق الممتد بطول 14 كيلومترًا بين مصر وغزّة والمعروف دوليًا بممر فيلادلفيا، وفلسطينيًا بمحور صلاح الدين، إلى أزمة إقليمية بعدما أكد تمسكه بعدم سحب القوات الإسرائيلية منه، والتي كانت قد سيطرت عليه في أعقاب عملية الاجتياح البري لرفح الفلسطينية في 6 مايو/أيار الماضي.

محور فيلادلفيا..

تسبب موقف نتنياهو في إفشال الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، التي جرت اجتماعاتها بين الدوحة والقاهرة، في وقت أبدت فيه مصر موقفًا صارمًا بعدم القبول بأي تواجد دائم لإسرائيل في الممر، متمسكة في ذلك بنص الاتفاقية الموقعة عام 2005 بينها وبين إسرائيل والتي تُعتبر ملحقًا أمنيًا لاتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين الجانبين في 1979. وفي الوقت ذاته رفضت حركة "حماس" بشكل قاطع التواجد الإسرائيلي في الممر.

أهداف نتنياهو

يرى هاني الأعصر، مدير المركز الوطني للدراسات في مصر، والباحث المتخصص في الشأن العسكري  والإقليمي، أنّ تحوّل ممر فيلادلفيا لعصا يضعها نتنياهو في عجلة المفاوضات، لن يكون المحاولة الأخيرة لعرقلتها، مؤكدًا أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية معنيّ في هذه المرحلة، بمنع التوصل لاتفاق تحت أي ظرف.

ويعتقد الأعصر أنّ لنتنياهو "ثلاثة أهداف رئيسية":

الهدف الأول: إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة في محاولة للقفز فوق أزماته الداخلية والهروب من مصيره المحتوم بالمحاكمة.

الهدف الثاني: المحافظة على تماسك وبقاء التحالف الحكومي المتطرّف الذي يقوده، خصوصًا في ظل فشله حتى الآن في القضاء الكامل على حركة "حماس" أو تحرير الأسرى، حيث يتجه لمداعبة المتطرفين في الداخل الإسرائيلي، تارة عبر خلق هدف مزيّف مثل أهمية محور فيلادلفيا، ليحشدهم خلفه، ومن ثم يطلب منهم التمترس في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية، حتى يتجاوز المرحلة الحالية لحين معرفة هوية حاكم البيت الأبيض الجديد، ليتمكن وقتها من ضبط بوصلته عليه.

الهدف الثالث: تحسين الوضع التفاوضي الإسرائيلي، ووضع المقاومة والوسيطين (مصر وقطر) تحت الضغط على أمل الوصول لاتفاق يتضمن تنازلات كبيرة من "حماس"، ودفع مصر للقبول بأمر واقع جديد في المنطقة الحدودية، ومن ثم تحقيق صيغة يمكن تسويقها داخليًا بانتصار يرمم به شرعيته المتآكلة.

في إطار محاولة قراءة الأهداف التي تدفع نتنياهو للبقاء في محور فيلادلفيا، في هذا التوقيت، يرى  خبير الأمن الإقليمي اللواء دكتور أحمد الشحات هدفًا رابعًا، وهو تسهيل عملية احتلال قطاع غزّة مجددًا، مؤكدًا أنّ نتنياهو ربما يكون وجد الفرصة سانحة لفرض واقع جديد، واحتلال الممر الذي يعتقد أنه قد يسهل له عملية إعادة احتلال القطاع.

تكذيب إسرائيلي لنتنياهو

ما ذهب إليه الخبراء المصريون، يؤكده الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) نداف أرغمان الذي شدد على أنّ هدف نتنياهو الرئيسي هو الحفاظ على حكومته من الانهيار.

ودحض أرغمان خلال مقابلة أجرتها معه القناة "12" العبرية الخاصة المزاعم التي رددها نتنياهو خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، بشأن أهمية محور فيلادلفيا، قائلًا: "أعتقد أنّ الوقت قد حان لشرح الحقيقة للإسرائيليين.. ليست هناك أي صلة بين الأسلحة الموجودة في قطاع غزّة ومحور فيلادلفيا".

واعتبر الرئيس السابق للشاباك أنّ إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من المحور ضمن أي صفقة مع حركة "حماس" إنما "يهدف فقط إلى الحفاظ على هذه الحكومة من الانهيار"، مؤكدًا أنّ "الجزء الأكبر من الأسلحة الموجودة في غزّة هو من إنتاج "حماس" ذاتيًا من مواد يجري إدخالها إلى القطاع، باستعمال مواد ذات استخدام مزدوج تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، كأسمدة للزراعة".

ضمانات مكتوبة

إزاء فشل جولة المفاوضات الأخيرة، أعلنت الإدارة الأمريكية عبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومدير وكالة الاستخبارات ويليام بيرنز، أنها بصدد إعداد مقترح جديد أكثر تفصيلًا، من أجل الوصول إلى اتفاق، لكن حركة "حماس" استبقت تقديم أية مقترحات جديدة بالتأكيد على تمسّكها بالمقترح الذي وافقت عليه في 2 يوليو/تموز الماضي.

ولا يتضمن الاقتراح الأمريكي المقدّم لجسر الهوة التفاوضية، انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى، إذ ألمح الوفد الإسرائيلي خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات إلى إمكانية تخفيض حجم القوات المتواجدة هناك خلال المرحلة الأولى مع إمكانية مناقشة تفاصيل أخرى خلال المرحلة الثانية.

في هذا الصدد يقول قيادي بحركة "حماس": "نحن في المقاومة لا نثق قيد أنملة في الإسرائيليين والتجارب السابقة جميعها ليست في صالح الحلول الجزئية"، معربًا عن اعتقاده بأنّ "المؤشرات الراهنة لا تنم عن جدية لدى نتنياهو فهو غير معني باستعادة الأسرى، لذلك يناور ربما للوصول لاتفاق جزئي يتم من خلاله إطلاق سراح الأسرى المدنيين، ومن ثم معاودة الحرب مجددًا".

مقترحات أمريكية

ثمة مقترحات يتم مناقشتها في الغرف المغلقة، بشأن تأمين محور فيلادلفيا، تحاول من خلالها الإدارة الأمريكية الوصول إلى صيغة مرضية لحليفها الإسرائيلي، وكذلك للجانب المصري حال انسحبت القوات الإسرائيلية منه في المرحلة الثانية من الاتفاق، من بينها استخدام التكنولوجيا وإنشاء حاجز عازل تحت الأرض، وتركيب معدات رقابة واستشعار، وكذلك تكليف قوات فلسطينية لا تتبع أيًا من فصائل المقاومة ومدرّبة أمريكيًا بتأمين كامل الشريط الحدودي من الجانب الفلسطيني.

رسائل مصرية

بحسب مراقبين ومقرّبين من دوائر صناعة القرار المصري، فإنّ العلاقة بين القاهرة وتل أبيب تمر بأسوأ مراحلها منذ اندلاع الحرب في غزّة.

فقد صعّدت مصر من خطابها الرسمي مؤخرًا، ببيان صادر عن خارجيتها، رفضت فيه "مزاعم" نتنياهو، محملةً إياه المسؤولية عن تدهور الأوضاع في الإقليم وعدم التوصل لاتفاق، وذلك قبل زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق أول أحمد خليفة للحدود بين مصر وقطاع غزّة، لتفقّد الأوضاع.. وهي الزيارة التي وصفها اللواء دكتور أحمد الشحات بأنها "رسالة واضحة بكل تفاصيلها".

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن