تناولت الصحف العربية الصادرة اليوم تسارع وتيرة التصريحات السياسية بالتزامن مع المخاوف الجدية من إتساع رقعة الحرب بسبب تعنت وإصرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الدفع بإتجاه حرب واسعة تحت ذريعة إعادة سكان المستوطنات الذين تم تهجيرهم من قبل "حزب الله" وتوفير الاستقرار لهم.
وعلى الرغم من المساعي والجهود الأميركية الحثيثة بالتعاون مع الوسطاء ولاسيما مصر وقطر وتزايد الخلافات داخل الحكومة الاسرائيلية وخارجها من قبل عائلات الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، إلا أن المعطيات الراهنة تشير إلى أن الفرص تتضاءل أمام الحل الدبلوماسي. هذا ويتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين إلى مصر اليوم، الثلاثاء، على وقع الحديث عن مقترح أميركي جديد لوقف إطلاق النار بغزة.
وفي الحديث عن توسيع الحرب، فقد أعربت الصحف الاسرائيلية في تقاريرها ومقالاتها عن استغرابها لخطوة نتنياهو وجدواها في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة وتصاعد العمليات في الضفة الغربية فضلاً عن هجمات الحوثيين.
واذ اعتبرت صحيفة "معاريف" أن "التصعيد في الشمال سيترك الأسرى لمصير الموت". دعت صحيفة "يديعوت احرونوت" الحكومة الإسرائيلية إلى "التفكير بعناية في إذا ما كانت ستبدأ حرباً ثالثة في لبنان الآن". أما صحيفة "جيروزالم بوست" فقد نقلت عن مصادر إشارتها إلى أن "إسرائيل في أقرب لحظة للحرب الشاملة مع "حزب الله" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".
ولم تفضِ زيارة مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط آموس هوكشتاين إلى نتائج إيجابية حيث شدد المسؤولون الإسرائيليون خلال اللقاءات على أن "أنه لا توجد نية للانتظار بل للتحرك بحزم لتمكين السكان من العودة إلى منازلهم بعد "تغيير ميزان القوى" في المنطقة الحدودية مع لبنان". في حين حذر هوكشتاين من أن مواجهة أوسع في لبنان قد تتطور إلى صراع إقليمي واسع وطويل الأمد.
الى ذلك، ذكرت "هيئة البث الإسرائيلية" أن نتنياهو يتأهب لإقالة وزير الأمن يوآف غالانت وتعيين مكانه الوزير السابق جدعون ساعر، الذي يعتبر من أبرز المعارضين للتوصل الى اتفاق أو التشاور مع حركة "حماس"، في خطوة تعكس النوايا الحقيقية بالاستمرار في خطط الحرب دون أي هوادة.
قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، بدوره دعا بالسماح للجيش بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان، حسبما أوردت صحيفة "يسرائيل هيوم". واعتبر غوردين أن "الظروف مؤاتية وتتيح للجيش القيام بمثل هذه الخطوة في غضون وقت غير طويل"، على حدّ زعمه.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة "هآرتس" إن "إسرائيل بابتزازها الذي وصفته بـ"المشين" لطالبي اللجوء الأفارقة للقتال في قطاع غزة قد ينتهي بها إلى بناء جيش من المرتزقة، يشبه مجموعة فاغنر الروسية"، وفق تعبيرها.
من جهة آخرى، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مؤتمره الصحافي الأول منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية، إن حكومته ملتزمة بتحسين العلاقات مع الجيران، واضعاً ما تفعله إسرائيل في المنطقة بإطار "جرّ إيران إلى حرب في المنطقة..ولكننا حتى الآن التزمنا ضبط النفس ونحتفظ بحق الرد بطريقة مناسبة، والزمان والمكان المناسبين".
وعلى وقع زيارة يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم، إلى مدريد بعد اعترافها بدولة فلسطين. نشرت وزارة الصحة في قطاع غزة قائمة بأسماء الفلسطينيين الذين استُشهدوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتضمنت القائمة أسماء 34 ألفا و344 فلسطينياً، من ضمنهم 11 ألفا و983 طفلاً أعمارهم أقل من 18 عاماً.
وفي الجانب الميداني، تفجرت موجة أخرى من التصعيد في غزة والضفة الغربية، ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء وإصابة العشرات، وسط إستمرار حملة الاعتقالات، فيما أكدت القاهرة وموسكو على لسان وزير خارجيتهما ضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.
ونرصد في جولة الصحف الصادرة اليوم:
اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن "العالم يشهد في هذه الآونة كوارث إنسانية وأزمات متفجرة ناجمة عن الصراعات الجيوسياسية والكوارث الطبيعية المتنامية نتيجة الأنشطة البشرية والاقتصادية غير المستدامة"، لافتة إلى أن "أبعاد هذه الأزمات والكوارث تتمظهر في الحروب العلنية والمستترة في أكثر من بقعة في العالم".
وتحت عنوان: "تسويات عصية لصراعات معقدة"، كتبت صحيفة "الاتحاد" الاماراتية أن العالم يشهد في الوقت الحالي عدداً من الصراعات المعقدة ذات التأثير على التوازنات العالمية والإقليمية…ورغم الاختلافات الواضحة في تفاصيل الصراعات في كل من ليبيا واليمن وسوريا، فإن القاسم المشترك بينها هو التعقد بحيث أنها عصية على التسوية، ولا يمكن حسمها إلا بانتصار طرف على الآخر".
بدورها، رأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "التباعد المستمر في المواقف بين نتنياهو والإدارة الأميركية الحالية، أدى إلى تعطيل فعالية الجهود الأميركية في إنهاء الحرب، وإعادة الهدوء إلى المنطقة"، معتبرة أنه "من المستبعد أن يتجاوب نتنياهو مع مساعي إنهاء الحرب قبل الإنتخابات الرئاسية في أميركا، الأمر الذي من شأنه أن يضع المنطقة كلها على فوهة بركان حرب إقليمية شاملة".
وأشارت صحيفة "الأيام" البحرينية الى أنه " قبل 7 تشرين الاول/ أكتوبر كان الوضع القائم في غزة خطيرًا ومؤلمًا، وخاصة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكنه كان مألوفًا، إلا أن الوضع الذي كان قائمًا تحطّم بعد هجوم "حماس" ورد فعل إسرائيل الوحشي الذي يذكرنا بما جرى لليهود على يد القوات النازية والمحارق التي حلت بهم وأصبحت أوراق ابتزاز تاريخية للعالم.
كما نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية عن مصادر إشارتها الى أن "المساعي الأميركية تعد جزءاً من الجهود الديبلوماسية الأوسع للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ولكن هناك تحديات جمة تقف في طريق نجاح هذه الجهود"، مؤكدة أن "نجاح هذه المساعي يعتمد بشكل كبيرعلى قدرة واشنطن على إيجاد توازن بين مصالحها في الحفاظ على استقرار لبنان واحتواء تصعيد إسرائيل".
في سياق مختلف، تطرقت صحيفة "الصباح" العراقية إلى زيارة الرئيس الايراني الجديد لبغداد ودلالاتها، واصفة إياها بالـ "إيجابية في جميع محطاتها، وتنسجم تماماً مع توجهات العراق، باعتماد "دبلوماسية الشراكة" في بناء شبكة علاقات اقليمية ودولية تستند إلى التكافؤ بين البلدان ومصلحة العراق العليا".
(رصد "عروبة 22")