سلطت الصحف العربية الصادرة اليوم الضوء على إرتفاع منسوب الخوف من تزايد حدّة العمليات العسكرية الاسرائيليّة وتوسعها بعد أقل من أسبوع على مجازر "البايجر" وأجهزة الاتصال اللاسلكي وغارة الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي لا تزال تداعياتها حاضرة مع استمرار عملية البحث عن مفقودين والذين يبلغ عددهم لـ10 أشخاص، في حين ارتفع عدد الضحايا إلى 51 وعشرات الإصابات.
وفي حين بدأ "حزب الله" تقييم المرحلة السابقة وإجراء مراجعة نقدية داخلية لتحديد مكامن الخلل، أكد على لسان مسؤوليه بدء مرحلة "الحساب المفتوح"، رافضاً وقف "جبهة الإسناد اللبنانيّة مهما طال الزمن إلى أن تتوقف الحرب على غزة". وبدا لافتاً من خلال التصريحات أن الإسرائيليين والأميركيين يسعون إلى تجنب الحرب الشاملة مع لبنان. فيما يصعّد "حزب الله" من رقعة استهدافاته العسكرية للحفاظ على قواعد الاشتباك والردع السابقة ويرمم صورته الداخلية والخارجية على حدّ سواء.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد توجيه ضربات لـ"حزب الله" "لم يكن يتخيلها"، متوعداً بالمزيد منها "في حال لم يفهم الرسالة". كما خاطب سكان شمال إسرائيل الذين جرى تهجيرهم، مشيراً إلى أنه عازم على إعادتهم إلى منازلهم سالمين.
ونقلت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية عن المصادر العسكرية أن "إسرائيل تخطط لهجوم بري يشمل الاستيلاء على مناطق من بضعة أميال في عمق أراضي لبنان". فيما قالت القناة 12 الإسرائيلية إن من المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء المصغر غداً، الاثنين، لمناقشة التصعيد المتزايد.
وفي التصريحات الاسرائيلية، تعهد رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي بـ"تكثيف العمليات ضد "حزب الله" حتى إعادة الإسرائيليين في الشمال لديارهم". أما الوزير الإسرائيلي السابق بيني غانتس فدعا إلى فرض "أثمان باهظة" لا على الحزب فحسب، بل أيضاً على دولة لبنان التي تتحمل مسؤولية الإرهاب القادم من أراضيها"، على حدّ زعمه.
بالتزامن، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مخاطر تحويل لبنان إلى "غزة ثانية". أما المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، فرأى أن "هناك طرقاً أفضل لإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال، بدلاً من الحرب وفتح جبهة ثانية ضد "حزب الله".
وفي هذا الإطار، أشار موقع "والا" الإسرائيلي إلى أن "الولايات المتحدة، رغم معارضتها العلنية حرباً شاملة مع الحزب، فإنها تؤيد سياسة التصعيد الإسرائيليّة لتحقيق ضغط عسكري يفتح الطريق لتفاهم دبلوماسي ينهي الصراع في الشمال ويسمح للسكان بالعودة إلى ديارهم على طرفي الحدود".
ميدانياً، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق، والتي تضم فصائل أبرزها كتائب "حزب الله" و "النجباء" وكتائب "سيد الشهداء"، أنها هاجمت بمسيّرات "الأرفد" هدفاً إسرائيلياً في غور الأردن. وقد دوّت صفارات الإنذار في هذه المنطقة ومناطق بالجولان السوري المحتل وكذلك في مدينة بيسان، الواقعة بين غور الأردن ومرج ابن عامر، لأول مرة منذ بداية الحرب على غزة.
من جهته، صعّد "حزب الله" من عملياته العسكرية فإستهدف "شركة رافائيل المتخصصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية" كما قاعدة ومطار رامات ديفيد، وطال القصف مناطق واسعة شمالي إسرائيل. كما قصف مدينة حيفا، التي تبعد عن الحدود اللبنانية نحو 40 كيلومتراً، لأول مرة منذ بداية المواجهات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الى ذلك، استشهد 3 أشخاص وأصيب آخرون في سلسلة غاراتٍ نفذّها جيش الاحتلال الإسرائيليّ على مواقع جنوب لبنان. وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أنّ الغارات استهدفت مواقع عسكريّة للحزب في بلدات أنصار والطيبة وياطر ومروحين وراميا، مهددًا بتصعيد الهجمات.
وضمن جولة الصحف اليوم، نستعرض الآتي:
اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن "الحرب الواسعة تبقى مقيدة، وإن كانت غير مستبعدة بين "حزب الله" وإسرائيل، ليس فقط لكلفتها الباهظة على كلا الجانبين، وإنما لأنها لن تتمكن من حسم الصراع لمصلحة أي منهما، وحتى وفق الإدارة الأمريكية التي تشكك في قدرة إسرائيل على إعادة مستوطني الشمال، وأنه لا مفر في النهاية من العودة للتسوية السياسيّة".
بدورها، كتبت صحيفة "الوطن" القطرية تحت عنوان "جنون مطبق" أن "إسرائيل تدفع الأمور مع لبنان إلى حافة الانفجار الكبير عبر تصعيد غاراتها الجوية غير المسبوقة، الأمر الذي يدفع "حزب الله" إلى الرد عبر استهداف مناطق إسرائيلية جديدة، وإن بدا واضحا أنه ما زال على التزامه بقصف أهداف عسكرية فحسب، على العكس مما يفعله الإسرائيليون عبر استهداف مدنيين ومناطق مدنية، وهو جنون مطبق هدفه افتعال حرب جديدة".
ووفق مصدر متابع لصحيفة "الأنباء" الكويتية، فإن التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل يهدف إلى "محاولة التوصل لتسوية تعيد الهدوء إلى الحدود، على رغم أن فرص الحل ليس بالأمر السهل في ظل الوضع الحالي في غزة، بغياب أي أفق وانقطاع الاتصالات لمسعى وقف إطلاق النار".
في الإطار عينه، رأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "التصعيد الحالي مرشح للإستمرار في الفترة الراهنة، مع إقتراب نهاية العام الأول للحرب على غزة، دون أن يتمكن نتنياهو من تحقيق ليس "النصر المطلق" وحسب، بل والفشل في تحرير الرهائن، أو الوصول إلى قيادة "حماس". الأمر الذي دفع نتنياهو إلى التوجه شمالاً، تحت شعار إعادة المهجرين إلى بيوتهم في المستوطنات الشمالية، علّه يستطيع أن يغطي على بعض فشله الذريع في غزة".
وتناولت صحيفة "الأهرام" المصرية اقتراب العام الأول من حرب غزة، "دون أن تكون هناك مؤشرات توحى بإمكانية إيقافها عبر التوصل إلى وقف لإطلاق النار"، مشيرة إلى أن "أهم العقبات تتمثل في الموقف المتشدد الذي تتبناه الحكومة اليمينية المتطرفة والتي لا تبدي اهتماما ًبالتداعيات الإنسانية الفادحة لهذه الحرب، حتى على مستوى الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة "حماس" في قطاع غزة، رغم كل الاحتجاجات والضغوط التي تمارسها عوائلهم عليها.
الى ذلك، تحيي المملكة العربية السعودية يومها الوطني الـ94. وركزت افتتاحيات الصحف السعودية على معاني هذا اليوم ورمزيته. اذ قالت صحيفة "الرياض" إنه "منذ وضع اللبنات الأولى في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن كانت الانطلاقة التي ارتفعت وتيرتها مع كل مرحلة من مراحل بناء الوطن حتى كانت رؤية 2030 التي أسست لمرحلة مختلفة من الانطلاق نحو المستقبل".