صحافة

"المشهد اليوم"...إسرائيل تمهّد للغزو البرّي ولبنان متمسّك بصيغة الـ1701نعيم قاسم يؤكد إعادة تنظيم الصفوف والجاهزية لـ"الالتحام البرّي"

أولت الصحف العربية الصادرة اليوم اهتماماً بمسار الأحداث المتسارعة على الساحة اللبنانية التي دخلت دوامة الحرب رغم كل الجهود والمساعي الديبلوماسيّة لعدم تحويل لبنان إلى غزة ثانية، إلا أن كل المؤشرات التي تصاعدت وتيرتها الأسبوع الماضي كانت تؤكد أن هناك إصراراً اسرائيلياً على المضي قدماً في عملياتها العسكرية مهما كلفها الأمر.

ومع بدء الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية بضوء أخضر أميركي وصمت دولي عما يحدث وغياب الرؤية اللبنانية الرسمية لكيفية الخروج من هذا النفق المظلم وسط فراغ في رأس السلطة وترهل المؤسسات الحكومية والأزمات المتعاقبة التي نخرت بنية لبنان وقوضته. يعيش اللبنانيون اليوم بين نزوح وقصف وتشرد ومخاوف حقيقية من انتشار الأوبئة وازدياد معدلات الفقر والجوع.

وأمام مشهد الدمار الهائل الذي سيتضح أكثر بعد خمود نيران المعركة، يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن محاسبة اسرائيل ووقف حمام الدم في غزة ولبنان وسوريا وحتى في اليمن. إذ استكمل الاحتلال أمس غاراته الجوية على بلدات وقرى جنوب لبنان والنبطية والبقاع وبعلبك - الهرمل والعاصمة بيروت ما أدى وفق حصيلة رسمية إلى استشهاد 95 شخصاً وإصابة 172 آخرين بجروح. 

ومع ساعات الصباح الأولى، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية زعم أنها "محدودة" للقضاء على ما أسماه "الأهداف والبنى التحتية الإرهابية تابعة لـ"حزب الله في جنوب لبنان". فيما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حرّكت قوات لردع أي رد إيراني بعد تكثيف إسرائيل حملتها ضد "حزب الله".

وبينما توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن تصفية الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله "لن تكون الخطوة الأخيرة". أشار وزير الخارجية يسرائيل كاتس إلى أن بلاده لن توافق على وقف لإطلاق النار "إلا في حال تحريك الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني ونزع سلاحه".

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة وجهها إلى الشعب الإيراني، "إنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه". وأضاف "لا تسمحوا لحفنة من الحكام الدينيين بسحق تطلعاتكم وأحلامكم". وتابع "عندما تتحرر إيران أخيراً - وسوف تأتي تلك اللحظة أسرع بكثير مما يتصوره الناس - فإن كل شيء سيكون مختلفا"، على حدّ زعمه.

الى ذلك، أكدت الخارجية الإيرانية أن طهران "لن ترسل قوات لمؤازرة لبنان أو فلسطين، لأن المقاومة في كلا البلدين لديها القدرة اللازمة لمواجهة إسرائيل"، بحسب قولها، في حين صرح مسؤول إيراني رفيع بأن "محور المقاومة" سيواصل المواجهة بطرق غير تقليدية.

ديبلوماسياً، أكدت قطر على لسان وزير خارجيتها الوقوف إلى جانب لبنان لوقف إطلاق النار وتقديم كل ما يحتاجه في مواجهة هذه الأزمة، بينما تستكمل فرنسا مساعيها الحثيثة لوقف إطلاق النار وهو ما عبر عنه وزير خارجيتها جان نويل بارو خلال اللقاءات التي عقدها مع المعنيين اللبنانيين والتي ركزت جميعها على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية والإلتزام بالقرارات الدولية.

وفي حديث لـ"الشرق الأوسط"، شدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري على "أن لبنان مازال ملتزماً بما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع إسرائيل وتنفيذ القرار الدولي 1701"، لكنه رفض بشدة، في المقابل، ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية.

ومع غياب المعطيات التي تشي بقرب الحلول الديبلوماسيّة، برز ما قاله نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، في أول ظهور له بعد اغتيال نصرالله، إذ شدد على أن "الحزب يتابع القيادة والسيطرة وفق هيكليته" وهناك بدائل لكل "قائد حين يُصاب"، مؤكداً أن الحزب سيختار أميناً عاماً بأقرب فرصة ممكنة. واذ جدد مواقف الحزب وثوابته لجهة الاستمرار بدعم غزة ومساندتها، أكد أن "الخيارات مفتوحة وسنواجه أي احتمال في حال دخل الإسرائيلي بريا"، مؤكدا أن "قوات المقاومة جاهزة للالتحام البري".

ميدانياً، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه جرى إطلاق أكثر من 100 صاروخ من لبنان على مناطق الشمال. وفي بيانات متتابعة أعلن "حزب الله" أنه قصف عدة أهداف وتجمعات للجنود الإسرائيليين في مواقع بينها مستعمرة يفتاح، وبيت سيدا، ومربض الزاعورة بالجولان المحتل، مؤكداً أنه حقق إصابات مباشرة جراء تلك الاستهدافات.

الى ذلك، نقلت "رويترز " عن مصدرين عسكريين أن قاعدة عسكرية تستضيف قوات أميركية قرب مطار بغداد الدولي استُهدفت فجر اليوم، الثلاثاء، بصاروخي كاتيوشا على الأقل. في المقابل، أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين في اليمن يحيى سريع أن قواته تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة أميركية شمالي البلاد، كما توعّد بالرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف محافظة الحديدة بتصعيد العمليات العسكرية في الفترة المقبلة.

ونستعرض في جولة الصحف العربية الصادرة اليوم:

تحت عنوان "حتى لا تنجرف المنطقة إلى الهاوية"، شددت صحيفة "الأهرام" المصرية على أن "الحكومة الإسرائيلية تخطئ إذا اعتقدت أنها يمكن عبر سياسة القوة وإشعال الحرائق في غزة والضفة الغربية ولبنان وبعض دول المنطقة، أن تحقق الأمن لمواطنيها أو تفرض معادلات جديدة"، مؤكدة أن "درس التاريخ يقول إن الاحتلال إلى زوال وإن سياسة القوة تؤدي إلى مزيد من العنف والتصعيد".

ورأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "التحرك السياسي السريع لإنتخاب رئيس للجمهورية يبقى الرد الأنجع على العدوان الصهيوني، بعد تراجع الرهان على الرد العسكري". وتابعت "بغض النظر عن شخصية الرئيس المقبل، والذي لن يستطيع تغيير مسار التدهور الحالي بكبسة زر، ولكن وجوده في الرئاسة الأولى يُعيد الروح لشرايين الدولة اللبنانية".

وكتبت صحيفة "الرياض" السعودية أن "المملكة تدرك تبعات ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من حروب غير مُتكافئة، يشنها الكيان الإسرائيلي على دول بعينها"، لافتة إلى أنها، ومن هذا المنطلق، "تستشعر دورها المحوري وما يجب عليها فعله في هذا الظرف، إذ سارعت بتقديم شتى أنواع الدعم لهذه الدول، لحماية الحقوق والتخفيف على شعوبها ويلات الحروب".

ووفق صحيفة "الوطن" البحرينية، "لا أحد يريد التوتر والحروب، لكننا اليوم نعيش وسط مماحكات صريحة وواضحة، فالصراع في الشرق الأوسط يتمدد، وعمليات تصفية اللاعبين الرئيسيين تتم بشكل فيه "نمط" يقود لتحليلات عدة...ووسط ضياع حقوق شعوب هنا، وانتهاك أمن دول هناك، من الطبيعي أن يكون حرص الدول على أمنها واستقرارها ومنع أية تأثيرات تطالها هي أهم الأولويات".

بدورها، تحدثت صحيفة "العرب" القطرية عن الأدوار التي تقوم بها الدوحة "من أجل تحقيق السلام وتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والتي تعتبرها أولوية قصوى ضمن سياستها الخارجية من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين ووقف التصعيد في لبنان"، واضعة جهودها في "إطار استراتيجيتها الدبلوماسية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة".

وعلّقت صحيفة "الغد" الأردنية على العملية العسكرية البرية الاسرائيليّة في لبنان قائلة "لا توجد اليوم نقطة التقاء تساعد القوى الدولية والإقليمية والمحلية على عقد صفقة وسطى، إذ بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله"، لا يمكن للحزب أن يتراجع بحيث يبدو مهزوماً، فيما إسرائيل ذاتها لا تريد أصلا أي صفقة، وتريد الاستمرار في تنفيذ مستهدفاتها الإستراتيجية".

وفي إطار متصل، اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة طوت دورتها  على هامش الأحداث الساخنة في العالم، وكأنها لم تنعقد، وتبارى الزعماء وكبار المسؤولين في إلقاء الخطابات والبيانات، التي تعكس وجهة نظر كل دولة، فيما غاب الإجماع والتوافق"، مشيرة إلى أن "هذه الدورة كانت استثنائية في عدم تحقيق أي شيء يمكن البناء عليه ليبقى القلق مصير النظام الدولي واستحقاقات التنمية والاستقرار موضع تساؤلات".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن