بعيداً عن المناكفات الدائرة بين المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية، لا ينفك المرشح الجمهوري دونالد ترامب عن إطلاق المفاجآت التي قد تبدو بعيدة عن سياق حملته الانتخابية المباشرة من نوع الادعاء بزيارة غزة، والزعم بأن قطاع غزة هو أجمل بقعة على وجه الأرض، وأنه يمكن أن يصبح أفضل من إمارة موناكو بعد إعادة إعماره.
بطبيعة الحال، يلقي ترامب اللوم على الفلسطينيين الذين "لم يستغلوا بالشكل الجيد" موقع غزة الجغرافي الفريد من نوعه على ساحل المتوسط، والتي تتمتع بأفضل مياه والتي، كما يقول، يمكن أن تكون أفضل من موناكو في كل شيء. ويتابع قائلاً: "أرى كمطور عقارات، أن المكان يمكن أن يكون الأكثر جمالاً - الطقس، والمياه، وكل شيء، والمناخ. يمكن أن يكون جميلاً جداً.. يمكن أن يكون أحد أفضل الأماكن في العالم".
الغريب أن ترامب لم يأت على ذكر الحصار الذي كان يعيشه قطاع غزة على مدار 17 عاماً قبل هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ولا يزال، ولا سلسلة الحروب التي خاضها مع إسرائيل، سواء قبل الحصار أو بعده. ومع ذلك، لا مجال لإنكار حجم النهضة التي شهدها القطاع على كل المستويات قبل أن تقوم آلة الحرب الإسرائيلية بتدميره على رؤوس ساكنيه وتدمير كل مقومات الحياة البشرية فيه.
والمدهش أن مذيع "راديو هيو هيويت"، الذي كان يجري معه مقابلة إذاعية بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر، شعر بالمفاجأة ولم يكن ليصدق تماماً ما سمعه عن زيارته إلى غزة، ما اضطره إلى تكرار السؤال بالقول "هل زرت غزة فعلاً؟" ليجيب "نعم كنت هناك، والمكان صعب. إنه مكان صعب... قبل كل الهجمات وقبل الاشتباكات التي حدثت على مدار العامين الماضيين".
والواقع أن مفاجآت ترامب لا تقف عند هذا الحد، فهو يحاول الإيحاء بأنه العارف بكل شيء، وأن وجوده كرئيس ضروري لحل الأزمات والقضايا الدولية، ومن ذلك مثلاً أن هجوم 7 أكتوبر ما كان ليحصل لو كان متربعاً على عرش السلطة، ولا الحرب الأوكرانية كذلك، حتى إنه وعد في أحد تصريحاته بأنه قادر على إنهاء الأزمة الأوكرانية خلال 24 ساعة.
المفارقة المدهشة هي أن ترامب لم يحدد متى زار غزة وفي أي وقت، ولم يجب عندما طلب منه توضيح الأمور، على الرغم من أن السجلات العامة، كما يقول المذيع، تظهر أنه لم يزر غزة أبداً. غير أن مساعد حملته الانتخابية رد على ذلك بالقول "غزة في إسرائيل. لقد زار الرئيس ترامب إسرائيل"، وكأنه يريد القول إن زيارته لإسرائيل تعني زيارته لغزة. وفي كل الأحوال، ما هو معروف أن ترامب زار إسرائيل مرة واحدة كرئيس في عام 2017، بعدما قرر نقل سفارته من تل أبيب إليها، وحينها زار أيضاً بيت لحم في الضفة الغربية.
(الخليج الإماراتية)