حذر وزير الطاقة (السعودي) الأمير عبدالعزيز بن سلمان في منتدى قطر الاقتصادي الجمعة الماضية، المضاربين مرة أخرى من بيع عقود النفط الآجلة على المكشوف والذي تجاوبت معه أسواق النفط العالمية إيجاباً وذلك قبل اجتماع لجنة أوبك+ في 4 يونيو، حيث ارتفعت أسعار النفط مباشرة 2 % وبأكثر من 1 % في نفس اليوم. ثم واصلت ارتفاعاتها في اليوم التالي مدعومة ببيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. لكنها تراجعت يوم الخميس بعد تصريح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بان أوبك+ قد لا تخفض إنتاجها في اجتماعها المقبل، وهو تصريح غير موفق ولا يخدم مصلحة أوبك+ ويسعد المضاربين.
ورغم ذلك فإن تصريح وزير الطاقة السعودي هو الأقوى والذي يأخذه المضاربون على محمل الجد، فهو يمسك بزمام أوبك وقد يقرر خفض الإنتاج مرة أخرى ولو كان طوعاً في اجتماع أوبك+ المقبل، مما سيعزز توازن الأسواق وتكون ضربة مؤلمة للمضاربين.
فلا شك أن المضاربين يعبثون في أسواق النفط ويعطلون ديناميكية أساسياتها، حيث وصلت مراكز المضاربة إلى ذروتها الهبوطية في مارس على الرغم من سريان تخفيضات أوبك+ في الشهر الحالي. وهذا خلق عدم ثقة في أسواق النفط وانفصال بين واقعها ومستقبلها، بما لا يتوافق مع معلومات الطاقة والاقتصاد العالمي. لكن أوبك+ بقيادة المملكة ستفعل كل ما في وسعها للمحافظة على استقرار أسواق النفط ولمصلحة الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة. وقد أوضح ذلك الأمير عبدالعزيز، وهو محق، بأن «المضاربون، كما هو الحال في أي سوق موجودون هناك للبقاء، أستمر في إبلاغهم بأنهم سيؤثرون، لقد فعلوا ذلك في أبريل، لست مضطرًا لإظهار بطاقاتي أنني لست لاعب بوكر.. لكنني..».
وارتفع متوسط سعر برنت للعقود الآجلة خلال الأسبوع الماضي بأكثر من 1 % إلى 76.99 دولاراً، بينما ارتفع سعر غرب تكساس بأقل من 1 % الى 72.67 دولاراً. وقد ساهم تراجع مخزونات النفط الأمريكية؛ التجارية بـ12.5 مليون 455.2 مليون برميل، الاستراتيجي بـ1.6 مليون إلى 358 مليون برميل، والبنزين بـ2.1 مليون إلى 216.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 19 مايو، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA.
وارتفعت واردات الصين من النفط بـ22.5 ٪ على أساس سنوي في مارس ولأعلى منذ يونيو 2020، حيث استوردت الصين 52.3 مليون طن أو 12.37 مليون برميل يوميًا في مارس الماضي لتلبية طلب المصافي المتزايد، وفقا للإدارة العامة للجمارك الصينية. لكن وارداتها تراجعت الى 10.67 مليون برميل يوميًا في أبريل مقارنة بشهر مارس، وفقًا لبيانات رفينيتيف. وهذا يشير إلى تراجع حجم وارادات الصين من النفط منذ بداية العام حتى الآن بأقل من المتوقع في بدايته، بالإضافة الى البيانات الاقتصادية الصينية الضعيفة في الأسابيع الأخيرة والتي قللت من معنويات السوق وأثرت سلبياً على أسعار النفط. ورغم ذلك، فإنه من المتوقع ارتفاع الطلب الصيني على النفط بمقدار مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام، مدعوماً بارتفاع الطلب على وقود الطائرات والبنزين والمواد الأولية للبتروكيماويات.
ولهذا لم يكن تحذير وزير الطاقة للمضاربين في أسواق النفط مجرد تخويف قبيل اجتماع أوبك+ المقبل، بل إنه قولًا وفعلاً، إذا لم يغير هؤلاء المضاربون سلوكهم المربك لاستقرار أسواق النفط. فلا زالت اوبك+ مستمرة في دعم أساسيات سوق النفط العالمي في ظل الظروف العالمية المعقدة.