تمثل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي أسستها الأمم المتحدة عام 1949، هدفاً للهجوم الإسرائيلي الدائم، بهدف قطع رأس الوكالة التي فوضتها المنظمة الأممية للقيام بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
وبعد ملاحقة موظفي "الأونروا" بالقتل واتهامهم بالباطل بالإرهاب وهي التهمة التي ثبت كذبها بتحقيق رسمي قامت به لجنة مستقلة بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ها هي السلطات الإسرائيلية تعلن مصادرة الأرض المقام عليها مقر وكالة "الأونروا" في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وتحويله إلى بؤرة استيطانية تضم 1440 وحدة سكنية.
القرار الإسرائيلي جاء بعد مصادقة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي على مشروعي قانونين يهدفان إلى إنهاء أنشطة "الأونروا" في الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويتوقع طرح المشروعين للتصويت النهائي بالقراءتين الثانية والثالثة خلال أيام. فالضغوط الإسرائيلية على "الأونروا" ليست وليدة اليوم بل هي بعمر الوكالة الأممية الذي يمتد لأكثر من 75 عاما، ساعدت خلالها الوكالة لاجئي فلسطين، عبر الخدمات التي تقدمها في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية.
وضمن حملات التشهير الإسرائيلية بحق "الأونروا" استغلت الحكومة الإسرائيلية موقع جوجل في الترويج لحملة من الأكاذيب زعمت فيها تل أبيب أن الوكالة الأممية تدعم حركة "حماس". وحسب ما نشرته مجلة "وايرد" الشهرية الأمريكية، دفعت السلطات الإسرائيلية أموالاً خصصت لإعلانات على جوجل لعمليات بحث مثل "الأونروا" و"الأونروا الولايات المتحدة الأمريكية" في مسعى للربط بين ممولي الوكالة الأممية وحركة "حماس".
ووفقًا لتقرير المجلة الأمريكية ظهرت الإعلانات بنسبة 44% في الوقت المخصص لظهورها في الولايات المتحدة بين مايو ويوليو، وفقًا لتحليلات جوجل الخاصة بالأونروا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ظهرت إعلانات "الأونروا الولايات المتحدة الأمريكية" في 34% فقط من عمليات البحث المعتمدة.
وأمام هذه الحملة الشرسة قالت المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما إن الإعلانات التي تضر بسمعة الوكالة يجب أن تتوقف، مطالبة بـ"محاسبة المسئولين عن هذا التخريب" في وقت عبرّ فيه عدد من موظفي جوجل إنهم يشعرون بالامتعاض لاستفادة شركتهم من المحاولات الإسرائيلية لإلقاء اللوم على "الأونروا" في الأزمة الإنسانية في غزة.
المعركة مع مقر "الأونروا" في القدس المحتلة وهو المقر الرئيسي للوكالة، لا تقف عند إغلاق مبنى والاستيلاء عليه بلا سند قانوني، لكنه مسعى إسرائيلي واضح إلى تقويض الوكالة الأممية بشكل نهائي، ومحاولة لإلغاء دورها في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين التزاماً بالقرار الأممي رقم 194.
ومن هنا جاءت حملة الإدانة العربية والدولية للقرار الإسرائيلي، والتي تنبع من مخاوف حقيقية لمحو وحذف كلمة لاجئين وتنصل تل أبيب بشكل نهائي من عبء المطالب الفلسطينية الدائمة بحق العودة للاجئين، هؤلاء الذين هجروا قسرا إلى المنافي البعيدة عن ديارهم منذ عام 1948 وحتى اليوم. وعلى هذا النهج شكل البيان الصادر عن وزارة الخارجية (الأحد 13 أكتوبر الجاري) موقفا مصريا واضحا في رفض المحاولات الإسرائيلية المتكررة لوقف أنشطة "الأونروا"، ودعوة لـ"كل أطراف المجتمع الدولى إلى دعم الوكالة الأممية، فى ظل الهجمة التي تواجهها من الاحتلال الإسرائيلي".
وتوظف "الأونروا" أكثر من 30 ألف فلسطينى لخدمة الحاجات المدنية والإنسانية لـ5.9 مليون من الفلسطينيين اللاجئين فى الداخل والخارج، وبين هؤلاء نحو 2.3 مليون شخص في قطاع غزة، وهي، وفق زياد أبو عمرو الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني "ليست مجرد مشروع إنساني، إنما هي شاهد تاريخي على التزام المجتمع الدولي، بل واجبه تجاه اللاجئين الفلسطينيين".
الحملة الإسرائيلية التي تستهدف اغتيال "الأونروا" يجب الالتفات إليها، والسعي لدعم الوكالة الأممية ففي تقدير كثيرين تعتقد تل أبيب أن أنهاء وجود منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين يمكن أن يسمح بوضع صفة "لاجئ فلسطيني" موضع التساؤل والتعديل، وربما الحذف، على طريق تصفية القضية الفلسطينية ذاتها.
(الشروق المصرية)