يبدو الأمر في إفريقيا وكأن الحركة مستمرة لإعداد الساحة لصراع طويل ومتعدد الأطراف. ما نراه من برامج دعم اقتصادي، وتعاون أمني، وحروب وانقلابات وكأننا في مرحلة «التسخين» لما هو قادم. والقادم لا يبدو أنه سيكون الأفضل ما لم تدرك القيادات المختلفة في إفريقيا طبيعة التحدي القادم، هذا أولًا. ثانيًا القدرة على اتخاذ مواقف تنسيقية تصل أحيانًا إلى حد التحالف مع بعضها البعض. وقبل كل هذا رؤية مُتفق عليها بين تلك الأطراف المدركة والمستعدة للتعاون والتحالف.
يمكن تسميته بالفعل صراع القرن الـ21 من أجل إفريقيا، وهو يمضي على قدم وساق حاليًا، إذ تعمل روسيا والصين على وجه الخصوص على تكثيف النشاط الاقتصادي والعسكري فى القارة، في حين تتراجع أمريكا هناك، بينما أوروبا تحاول الحفاظ على موضع أقدامها هناك وترسيخها.
عديد من المراقبين يتحدثون عن تنافس وصفوه بالشرس للدول الكبرى على إفريقيا سعيًا لتحقيق مصالح والحصول على نفوذ في القارة الواعدة، عديد من الأدوات يتم استخدامها، أكثرها وضوحًا شركات الأمن الخاصة والبرامج المسماة بالتعاون الاقتصادي.
تحقيق المصالح والخطط طويلة الأجل للدول المستهدفة لإفريقيا يعتمد على مثل هذه الشركات. على غرار الشركة البريطانية «إيجيس للخدمات الدفاعية» وشركتي «أكاديمى» الأمريكية، و«سيكوبكس» الفرنسية، وغيرها من الشركات.
ومن أكثر الشركات شهرة شركة «فاجنر» الروسية الناشطة بشكل واضح في إفريقيا، حيث أبرمت إدارة الشركة عقودًا تجارية خاصة مع الحكومات والشركات المحلية أو الجماعات المسلحة في عديد من الدول، مثل ليبيا والسودان وموزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو.
لا تخضع هذه الشركات للمحاسبة أو للرقابة، كونها تُبرم اتفاقيات حول عدم الإفصاح عن طبيعة عملها، كذلك فإن الأطراف المحلية لا يخدمها الكشف عن علاقاتها مع مثل هذه الشركات، التي ترتبط وظائفها دائمًا بالحفاظ على السلطة لأصحابها وتحقيق أرباح خيالية للشركات.
من ناحية أخرى، روسيا أبرمت اتفاقيات رسمية بشأن تطوير القوات المسلحة المحلية مع عشرات الدول الإفريقية وفي هندسة العلاقات الروسية- الإفريقية. وبسبب تزايد نشاط الصين في الآونة الأخيرة فإن الشركات الأمنية الخاصة الصينية فى إفريقيا ازداد وجودها.
وكجزء من مبادرة الحزام والطريق، التي أُطلقت عام 2013، عززت بكين نفوذها الاقتصادي في القارة عن طريق توقيع اتفاقيات ذات صلة مع 52 من أصل 54 دولة إفريقية. وهذا جزء من الجانب الاقتصادي في محاولات السيطرة المتزايدة على إفريقيا، وهو أمر يستحق المزيد من الحديث.
