صحافة

"المشهد اليوم"... باريس تحشد اليوم لـ"دعم لبنان" وتحذّر من "تفككه"!الغارات التدميرية تتصاعد والجيش اللبناني في مرمى النيران الإسرائيلية

قصف إسرائيلي عنيف على الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت (حسام شبارو).

تحت ثلاثة عناوين رئيسية ينعقد مؤتمر "دعم لبنان" في باريس اليوم مع استمرار العدوان الاسرائيليّ على مختلف المناطق اللبنانية. ورغم أن الآمال المعقودة بالخروج بسلّة قرارات سياسية لجهة وقف إطلاق النار "معدومة" بظل الخلاف الاسرائيلي - الأميركي من جهة والفرنسي من جهة آخرى حول الملف اللبناني، إلا أن لبنان، حكومة وشعباً، ينتظران ما سيصدر عنه بإعتباره أول "حاضنة" حقيقية لبحث حجم الأهوال والخسائر الجسيمة التي مُني بها الى جانب حشد الدعم السياسي المطلوب للضغط من أجل وقف الاعتداءات على لبنان.

وتتركز محاور المؤتمر الثلاث حول: تقديم الدعم المالي من أجل احتواء أزمة النزوح "الأضخم" في لبنان، والتي لم يشهد مثيل لها حتى في حرب تموز 2006، حيث تخطت الأعداد الرسمية الـ1.2 مليون نازح غصت بهم مراكز الايواء، فيما لايزال هناك من يفترش الطرقات والساحات والحدائق رغم مرور أكثر من شهر على العدوان.

ثانياً، تعزيز قدرات الجيش اللبناني وزيادة الدعم المقدم له على مختلف الأصعدة، وهو مطلب ليس فقط لبناني بل اميركي ودولي أيضاً، بهدف بسط سلطته على كامل الأراضي، ولاسيما في المرحلة المقبلة. أما ثالثاً، السعي نحو تسوية توقف النار في لبنان وتطلق المسار الديبلوماسي التفاوضي مع التشديد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة انتظام مؤسسات الدولة الشرعية. إلا أن شروط هذا المسار لم تنضج بعد، بحسب كل المعطيات والوقائع في السياسة والميدان على حدّ سواء. ومن المفترض أن يجمع المؤتمر 70 دولة و15 منظمة دولية بمشاركة الأمم المتحدة، فيما تغيب إيران وإسرائيل، اللذان يتخذان من لبنان ساحة لترجمة صراعاتهم.

وأمام تعقيدات المشهد الراهن، نبه مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان من أن "لبنان يواجه خطر الموت والتفكّك"، وينسجم موقفه مع تحذيرات فرنسية سابقة من معالم "حرب أهلية وشيكة". فيما برز كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي "وأد" أي تسوية ممكنة، إذ جدد رفضه لوقف إطلاق النار مع التأكيد على المضي قدماً في عملياته العسكرية، وقال: "سأحرر لبنان من حزب الله". وأضاف: "لن نبقى في لبنان ولكننا نعمل على تكريس واقع عسكري جديد يتيح لنا ضمان استقرارنا وسلامة مواطنينا".

وفي سياق متصل، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه حان الوقت كي تحول إسرائيل ما وصفه بـ"النجاح العسكري" إلى إستراتيجي، داعياً تل أبيب إلى تجنب "مزيد من التصعيد" في معرض ردها على إيران. وكانت السعودية، هي محطة بلينكن الثانية بعد إسرائيل، حيث بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التداعيات الأمنية والسياسية في غزّة ولبنان كما جهود وقف العمليات العسكرية، كما أفادت وكالة الأنباء السعودية "واس".

ويسعى بلينكن، الذي يقوم بجولة ستشمل دول شرق أوسطية آخرى، الى تجديد مسار المفاوضات بشأن غزّة بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار والوصول الى وقف لإطلاق النار في لبنان والجلوس حول طاولة مفاوضات، الا ان حسابات اميركا لا تتوافق مع "بيدر" نتنياهو، الذي يسعى للاستثمار في الحرب الحالية وتكثيف عدوانه مستفيداً من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية التي ستحدد ساكن البيت الأبيض.

وفي المواقف السياسية أيضاً، دعت الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس"، وذلك خلال اجتماع القمة الذي تعقده في مدينة قازان الروسية، إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزّة ولبنان، معربة عن بالغ القلق إزاء استمرار الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فيما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربروك، خلال زيارتها بيروت، إن "المهمة الآن تتمحور حول التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع قابل للتطبيق، بعد نجاح إسرائيل في إضعاف حزب الله"، محذرة بأن لبنان بات "على شفير الانهيار". يُذكر أن "حزب الله" نعى أمس، بشكل رسمي، هاشم صفي الدين، رئيس ‏المجلس ‏التنفيذي للحزب، "قائداً كبيراً وشهيداً عظيماً ‏على طريق القدس"، بحسب ما جاء في البيان الصادر.

ميدانيًا، استهدفت القوات الإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة عناصر للجيش اللبناني في خراج بلدة ياطر- بنت جبيل في الجنوب أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى ما أدى إلى سقوط ٣ شهداء بينهم ضابط، بينما واصل الاحتلال استهدافه التدميريّ للضاحية الجنوبية لبيروت، حيث نفذ أكثر من 17 غارة هي الأعنف والأقوى مقارنة مع الايام السابقة. كما كثف الطيران الحربيّ نهار أمس قصفه العنيف على مدينة صور حيث دمر عدة مباني سكنية تضم مراكز محسوبة على "حزب الله" ضمن طوابقها، ومنها مؤسسة الشهيد، القرض الحسن والهيئة الصحية الإسلامية. ويسعى الاحتلال، كما بات واضحاً، الى تدمير بنية "حزب الله" الاقتصادية والمالية عبر استهداف ممنهج لمؤسساته على اختلاف أدوارها.

كما أغار على مناطق متفرقة في البقاع والجنوب وقضاء بعلبك حيث أن بعضها بات أشبه بمدن أشباح نتيجة الدمار المخيف. ووفق احصاءات رسمية، شن العدو 74 غارة خلال الـ24 ساعة الماضية أدت الى سقوط شهداء وجرحى ليرتفع العدد إلى 2574 شهيدًا و12,000 جريحاً، بحسب بيانات وزارة الصحة اللبنانية. من جهتها، أعلنت غرفة العمليات المشتركة في "حزب الله" عن تنفيذ العديد من العمليات ضد المستوطنات الإسرائيليّة، مستهدفة بشكل مركز تل أبيب. ويتزامن ذلك مع كشف الحزب عن استخدام مسيّرات جديدة للمرّة الأولى بالإضافة إلى صواريخ من بينها "قادر 2".

أما في غزّة، فالمشهد لم يتغير منذ 389 يوماً من العدوان الوحشي رغم كل المناشدات الدولية، حيث أجبر الاحتلال مئات الأشخاص من مخيم جباليا، بعد حصار دخل يومه الـ20، على إخلاء منازلهم والنزوح قسراً، إلى مناطق أخرى. وقال مكتب الإعلامي الحكومي "إن حملة الإبادة في مخيم جباليا ومحيطه، أسفرت عن أكثر من 770 شهيداً ونحو 1000 جريح، وعشرات المفقودين، إضافة إلى تهجير آلاف المدنيين تحت تهديد القتل".

وركزت الصحف العربية الصادرة اليوم على المساعي الاميركية لوقف الحرب والرد الاسرائيليّ على إيران، حيث:

لفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أن الموفد الاميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته لبنان "حاول فرض شروط المنتصر على المهزوم، بينما الحرب لا تزال محتدمة ولم تُحسمْ نتائجها بعد"، معتبرة أن "محاولة انتزاع تنازلات بالدبلوماسية لتحقيق ما عجزت عنه الحرب حتى الآن لن تنجح، ولن تنجح معها مقولة "التفاوض تحت النار" والضغط العسكري، تماماً كما فشلت هذه المقولة في غزّة، ما يعني أن الكلمة الفصل للميدان".

من جهتها، علقت صحيفة "الأهرام" المصرية على المساعي الاميركية المتسارعة للّجم التصعيد والوصول الى تسويات ووقف اطلاق النار، اذ اعتبرت أن عودتها "لا تعني أن هناك أفقاً جيداً أمامها، فالتجربة علمتنا أنها قد تكون غطاء أو وسيلة لمنح إسرائيل وقتاً لالتقاط الأنفاس، وأداة لتظهر قدرتها على المراوغة والتفنن فى الهروب من عملية التفاوض".

ومن وجهة نظر صحيفة "الغد" الأردنية، فإن "الرد الاسرائيليّ المحتمل على ايران، سيكون على الاغلب مرتفع السقف، وليس من باب رد الصفعة بصفعة، برغم المحاولات المتأخرة لتذكير كل الاطراف بكلفة ذلك على الاقليم"، لتخلص إلى أن "الأردن يواجه ظرفاً حساساً، مع الادراك هنا أن صون استقرار الأردن أمر اساسي للدولة والناس، وسط هذه الحرائق المشتعلة والقابلة للتمدد ايضاً".

وشددت صحيفة "عُمان" العمانية على أن "نتنياهو يهدف إلى تحقيق أقصى قدر من القوة والنفوذ لكي يحمي نفسه سياسياً في المستقبل". وأضافت: "في حين لا يمتلك نتنياهو خطة متماسكة لـ"اليوم التالي" في غزّة، فإنه عازم على تعظيم سيطرة إسرائيل وتعظيم موقفه قبل اليوم الذي يقرر فيه هو ـ وليس جو بايدن أو أي شخص سواه ـ أن يوقف إطلاق النار".

أما صحيفة "الراي" الكويتية، فقالت: "إنه في انتظار حصول الضربة الاسرائيلية على ايران، يتعزز الاقتناعُ بأن الوضع سيدور في دوامة العنف نفسها لبنانياً، من دون أن يكون بإمكان أحد الجزم بما إذا كان نتنياهو سيعطي إشاراتٍ لاستعداده لبلوغ حلّ، بمعزل عن مسودات التفاهم حول "اليوم التالي" للحرب في لبنان".

بدورها، رأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "اطلاق يد القوات الإسرائيليّة، لاغتيال رموز اساسية في مشروع الهيمنة الايرانية على المنطقة، وضرب مواقع "حزب الله" الاساسية في سوريا ولبنان واستهداف الحوثيين باليمن وتغطيتها لضرب ايران، تؤشر الى انعطافة اميركية واضحة، لتطويق هذا المشروع أو اضعافه تدريجياً، واعادته الى حدود ايران، بعدما حقق الاهداف المطلوبة منه، واصبح استمرار تمدده ونفوذه، خطراً على حلفاء واشنطن في المنطقة كلها"، على حدّ تعبيرها.

وجزمت صحيفة "البلاد" البحرينية أنه "لا يمكن وصف إسرائيل بأقل من أنها تمارس حرب إبادة لبناء شرق أوسط جديد برؤية تخالف كل قواعد الاشتباك في الحروب"، داعية الفصائل الفلسطينيّة الى "توحيد الصفوف داخلياً وخارجياً لوقف سيل الدماء والتهجير والتدمير وحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة والتي شكلت مرحلة انتقالية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والإسرائيلي العربي".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن